آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
برجس حمود البرجس
عن الكاتب :
مستشار سابق في التخطيط الاستراتيجي في أرامكو، مستشار متفرغ حاليا، استشارات هندسية، إدارة أعمال عليا واقتصاد

الكوادر الطبية في خطر

 

برجس حمود البرجس

ارتفع عدد الأطباء العاطلين عن العمل بسبب عدم اجتياز اختبارات رخص المزاولة، وتعزى الأسباب لضعف تعليم بعض الكليات ونقص في المستشفيات لتدريبهم، وبدلا من التوصيات لإصلاح هذه النواقص، أتت التوصيات بعدم التوسع في الكليات الطبية، وخفض القبول على بعض تخصصاتها، وإيقاف الابتعاث لمرحلة البكالوريوس للتخصصات الطبية، متجاهلين النقص الكبير بهذه التخصصات، خوش كدينا.

في خبر صادم وأليم الشهر الماضي، أتت توصيات من القائمين على «مؤتمر واقع القوى العاملة الصحية السعودية» بإيقاف افتتاح كليات حكومية أو أهلية للطب (بشري وأسنان وصيدلة) خلال الـ12 عاما المقبلة حتى 2030، وتخفيض القبول لشهادة بكالوريوس طب الأسنان والصيدلة بنسبة 50% خلال السنوات الأربع المقبلة، كما أوصوا بإيقاف الابتعاث لبكالوريوس طب الأسنان والطب البشري والصيدلة، وقصره على الدراسات العليا فقط.

ما هي المبررات والأسباب برأيهم؟ قالوا «زيادة أعداد الخريجين في التخصصات المذكورة بأكثر مما يستوعبه سوق العمل وأكثر من طاقة المستشفيات الحكومية والخاصة على استيعاب المتدربين، مما أضعف المخرجات الذي برهن عليه الفشل في اجتياز اختبار الرخصة المهنية وزيادة أعداد الأطباء العاطلين».

سؤال بريء: هل هذه التوصيات ستزيد من عدد الأطباء؟ أم إنها فقط ستتخلص من البطالة لهذه التخصصات؟ طبعا جميعنا يتفق على ضرورة الاهتمام بتخريج أطباء بمستويات عالية. لكن عن أي عاطلين يتحدثون ونحن لدينا 90 ألف طبيب وطبيبة، 74% منهم غير سعوديين؟ أرجو ألا يعترض أحد بالدخول في تقسيم هؤلاء إلى (طبيب مقيم، أخصائي، واستشاري)، دعونا نتحدث ببعد نظر وبناء وليس هدم.

يقول ذلك الخبر الصحفي إن أهم أسباب تلك التوصيات هو الطفرة في افتتاح كليات للتخصصات المذكورة، حتى أصبح لدينا 37 كلية طب بشري، و27 كلية طب أسنان، و27 كلية صيدلة، مما ضاعف أعداد الخريجين دون دراسة وتقييم لحاجة سوق العمل أو لكفاية شواغر التدريب بالمستشفيات، الأمر الذي انعكس سلبا على جودة المخرجات وضعف مستوى أعضاء هيئة التدريس بالكليات، فعلى سبيل المثال تضم الكليات الصحية الحكومية بالرياض 8000 طالب، في حين لا يوجد سوى مستشفى حكومي واحد للتدريب، وحتى بدعم من القطاع الخاص في استيعاب المتدربين فهذا غير كاف.

يا سلام،يعني بدلا من زيادة عدد المستشفيات للتدريب، التوصيات تريد الحد من أعداد تخريج الأطباء، وبدلا من رفع مستوى الأساتذة الجامعيين ومستوى التعليم الطبي، التوصيات تريد الحد من أعداد القبول بالجامعات. حسنا، وما علاقة ذلك بالتوصية بإيقاف الابتعاث لمرحلة البكالوريوس بما أن الابتعاث للجامعات المعترف بها وبقوتها وتوفر المستشفيات في تلك الديار ضمن برنامج الابتعاث؟

ذكر أحد أعضاء اللجنة أن عدد الأطباء في المنشآت الصحية التابعة لوزارة الصحة طبيبين اثنين لكل سرير، في حين أن القطاع الصحي الخاص في السعودية يتوفر به طبيب واحد لكل خمسة أسرة، وهذا يتوافق مع المعيار العالمي.

أولا هذا تجاهل كامل لأهمية توطين الكوادر الطبية والصحية وهو نواة الحديث عن هذه المنظومة. ثانيا (والمضحك) أن النقص في عدد الأسرة في المستشفيات، إذ يوجد لدينا 2.2 سرير لكل ألف نسمة، بينما الرقم المستهدف ضعف ذلك، فبدلا من التوصيات بمضاعفة عدد الأسرة، تأتي التوصيات بمقادير للانحدار التنموي.

الأطباء في المملكة العربية السعودية تميزوا بمهنة الطبابة وأثبتوا ذلك للجميع، وطوروا أنفسهم باستخدام التكنولوجيا الحديثة، فجميعهم يستطيع عمل العمليات بالمناظير والأجهزة الحديثة، ولكن من الظلم تحميلهم مسؤولية أعمال تخطيط بناء تنموي واستراتيجي، هذه أعمال تخصصية وتحتاج فقط إلى استشارة هؤلاء الأطباء.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2018/04/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد