آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله المزهر
عن الكاتب :
كاتب سعودي

السينما بدون همزة!


عبدالله المزهر

ثم أتى الشهر الرابع من عام ثمانية عشر وألفين بعد ميلاد المسيح عليه السلام، وفي هذا الشهر عادت السينما إلى السعودية بعد غياب.

ومن المهم أن معرفة أن المقصود «بالسينما» العائدة طريقة عرض الأفلام في شاشات عملاقة داخل قاعات مخصصة لهذا الغرض. وبدا لي هذا التنويه مهما لأني رأيت البعض يحتفل ـ والفرحة حق مشاع ـ وكأن الأفلام السعودية ستسيطر على جوائز الأوسكار في العام المقبل.

الخطوة مهمة كدلالة على التغيير، لكنها واقعيا لا تعني أكثر من أن بعض السعوديين سيشاهدون في صالات السينما ذات الأفلام التي كانوا يشاهدونها في منازلهم عبر طرق مختلفة.

البعض أخذه الحماس قليلا فانبرى يحدث الناس عن الأفلام والممثلين والسينما وكأن السعوديين يسمعون بالأفلام للمرة الأولى في حياتهم، لدرجة أنه يخشى عليهم من الافتتان بالممثلين والممثلات حين يرونهم يتحركون ويضحكون ويبكون ويتقاتلون على شاشات عملاقة.

لا أريد أن أبدو كمن يذكر الناس بالموت في حفل زفاف، لكن الفارق شاسع بين «عرض الأفلام» وبين صناعة السينما والمحتوى، وفي هذا الأسبوع الذي بدأ فيه عرض الأفلام في السعودية فإننا نحتفل بشيء موجود في كل أصقاع الأرض وفي كل البلاد المتقدمة والمتخلفة وما بينهما من أمم وشعوب وقبائل.

أما الصناعة نفسها ووجود الأعمال الفنية فإنهما أمر لا يأتي بالأمنيات ولا يتحقق بمجرد تركيب شاشة عملاقة في قاعة كبيرة. صناعة المحتوى السينمائي أمر لا يتحقق بمجرد السماح بتغيير طرق المشاهدة.

قد نشاهد في قادم «السنوات» فيلما سعوديا أو اثنين وربما ثلاثة، وسنحتفي بها كما لم تفعل أمة مع فيلم سينمائي، لكنها لن تكون أكثر من تجارب فعلها قبلنا كثيرون كانت لديهم الظروف والبيئة والأدوات التي تساعدهم على فعل ما هو أكثر من ذلك.

الأمر لا علاقة له بالتشاؤم والتفاؤل، لكنها الواقعية لا أكثر ولا أقل، فصناعة السينما الفعالة تحتاج أولا أرضية من الحرية الاجتماعية والسياسية ليست غير موجودة فقط، ولكنها ربما أيضا غير مطلوبة ولا مرحب بها. لا يمكن الحديث عن صناعة سينمائية في الوقت الذي حتى المقال الصحفي يراقب من جهات عدة، تبدأ فيه بالبحث عن نية الكاتب وتنتهي بنية من يقرأ وكيف يمكن أن يفهم.

وعلى أي حال ..

كثير من السعوديين ـ وأنا أحدهم ـ يتابعون الأفلام أسبوعيا ويعرفون مواعيد عرضها ويقيمونها ويفهمون كثيرا في كواليسها، لكن هذا لا يمنع من الفرح بهذه الخطوة بالقدر الذي يناسبها، لأن المبالغة في الحديث عنها بهذا الشكل يجعل الاحتفال شيئا أقرب إلى أن يكون مادة مناسبة لفيلم كوميدي رديء من كونه دليلا على الفرح.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2018/04/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد