آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فؤاد البطاينة
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

الغرب متهم باستهداف الأمن الجماعي وبالسطو على الوطن العربي وثروة شعوبه أنه يستعمر جزيرة العرب

 

فؤاد البطاينه

من يتابع التصريحات الأمريكية إزاء دول الخليج وتصريحات أنظمتها إزاء بعضها، وأفاعيلها يجزم بأن هذه الدول عار على الأمم المتحدة ونظامها وعلى فكرة الأمن الجماعي التي قامت عليها، وعار على الشعب العربي. إنها أسقطت قيم الدولة والقيم الإنسانية قبل العربية. وأسقطت مفاهيم الأوطان والمقدسات والمحرمات. وأصبحت تتنافس جهارا على الخيانة والموبقات الوطنية والدولية ، وعلى الإسهام بتجزئة واحتلال الوطن العربي، وتسليمه بالقطعة، وعلى الأرض العربية والثروة ومقدسات المسلمين جميعا في مزاد علني إلى من يحميها في نهبها ومشيختها، إنها تكشف عن نفسها بأنها ليست دولا وإنما أوكار محمية قيد الاستخدام .

أمريكا ودول الغرب متهمة بالهجمة والسطو على الشعوب العربية وأوطانها وفي ابتزاز وشراكة الأنظمة العائلية التي أوجدتها وحمتها في سرقة مقدرات العرب وثروتهم، ولا أدري كيف لدول العالم وخطابها الإنساني والحضاري أن لا تحترم نفسها وترفع يدها عن ثروة أرض الحجاز وجوارها المسروقة، فحقوق الشعوب لا تَسامح فيها ولا نسيان مع مرور الزمن . ومن المؤسف أن ترتفع أصوات من الشعوب الأوروبية تكشف عن جهلها بسياسات حكوماتها حين تتساءل كيف لهذا الأمير أو ذاك أن ينفق المليارات على رفاهة الشخصي ولا يساعد بالقليل بلدانا عربية أخرى بحاجة للمال ولا تجده ، وكيف لذاك الأمير أن يتبرع ويسهم في إغاثة المتضررين من كوارث طبيعية في أمريكا ولا يسهم بإغاثة شعب غزة المحاصر، ألا يعلم هؤلاء أن حكوماتهم هي المستعمِرة وصاحبة القرار ،وتُحَرم على عملائها تقديم مثل تلك المساعدات؟

لقد كان السبب الرئيسي لانهيار عصبة الأمم هو فشلها في تحقيق الأمن الجماعي الذي يحمي الضعفاء وحقوقهم من فتك الأقوياء .وجاءت الأمم المتحدة وظهرت أكثر فشلا في تحقيق الغاية ولكن أكثر نجاحا في الانقلاب عليها ، فالنظام الرسمالي – الامبريالي القائم على الافتراس هو نقيض فكرة الأمن الجماعي، واستطاع في مؤتمر يالطا أن يعزز نفسه من خلال ألية نظام الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي فرضوها، ومع أن العالم قد تطور خلال سبعين عاما في حجمه السكاني وعدد دوله ووعي الشعوب ، وظهور الاقتصاد كمعيار منافس للقوة العسكرية ، إلا أن هناك إصرار على التمسك بالشراكة على افتراس الشعوب ومقدراتها.

وبقدر ما يتعلق الأمر بالوطن العربي فقد كان استهداف الغرب له استثنائيا ومبكرا ولم تكن الصهيونية إلا وليدة الغرب ، وسلاحا لها في الاستهداف . وما لم يتوقف هذا الاستهداف سيبقى التحالف الغربي بقيادة أمريكا مع الصهيونية ضد العرب قائما . وقد أدى تمادى الغرب في هذا التحالف في دعم الصهيونية وفتح الطرق أمامها إلى تمكنها من اختراق الغرب نفسه والتأثير على قراره السياسي لتتعقد مشكلتنا ويتعمق استهدافنا.

لقد كان لدى شعوب العالم لأخر بعد الحرب الثانية فرصة للتحرر والبناء لم يتوفر لنا مثلها نحن العرب حين أدخلنا الغرب في حالة استعمارية جديدة وغير مباشره، وفكرة المندوب السامي في فلسطين انتقلت إلى كثير من الدول العربية ولكن بأسماء عربية، فليست دولنا في الواقع مستقلة ، بل مستعمرة بالوكالة ، ويمارس فيها وعليها سياسة استعمارية. ومن نجا منها من هذه الحالة فلم ينجو من تداعياتها . ومن هنا فإن ثقة شعوبنا بالأنظمة العربية هي ثقة غير واعية، والتعاون معها هو تعاون مع المستعمر، وبحث الحلول معها هو بحث لها مع المستعمر . وستبقى بلداننا وشعوبنا في حالة تخلف بشري ومادي وتراجع مستمر ما لم تعلم بأنها مستعمرة حقا، ومالم تتصرف وفق هذه الحقيقة . فالشعوب المستعمرة لا تنهض إلا بتحرير نفسها وأوطانها أولا.

أما بقدر ما يتعلق الأمر بالدور المتطور لنواطير المستعمر في الوضع المتطور، فبانتهاء ذريعة داعش في سورية أصبحت الدول المحاربة لها وجها لوجه أمام مصالحها ومخططاتها، واستدعت أمريكا الصهيونية كلاب صيدها من الجزيرة، ولست هنا بموزع لصكوك البراءة لأي قوة غير سورية على الأرض السورية، لكن هناك فرقا كبيرا بين من دخلها بناء على طلب أو رضاء من الحكومة السورية وبين من دخلها ويدخلها غازيا. أنظمة الخليج تتحمل مسئولية دم سوريا الوطن والشعب بداية ، باستخدام المال والإرهاب والمؤامرة، من واقع ارتباط مصالحها وأهدافها باسترضاء أمريكا والصهيونية وتقديم واجب الطاعة . وهي اليوم مدعوة بالكرباج لإكمال مسيرة خيانة الأمة بتقديم الدم الحجازي العربي على أرض سورية فداء لدم الصهيونية.

أتساءل ، أليس هناك من أصحاب رأي في دول الزيت المحروق؟ أليس هناك من أحرار يقولون كلمة لخونة الأمة وباعة الرسالة والأوطان؟ أو ليست الكلمة موقف والرجال مواقف ، هل حدَّث التاريخ أوطئ من خيانتهم وذلهم . قرون هُم ، وقرن على مدار الساعة يطعنون العرب والإسلام في كل الاتجاهات . يعادون أصدقاءنا ويصادقون أعداءنا ، وفلسطين احتلت واستوطنت بهم وبتأمرهم . نهبوا ثروتكم وتقاسموها مع الصهيونية وسلبوكم كل حقوق الإنسان وابتزوكم بحق الحياة ، واليوم هم سيبيعون دماءكم و يسفحون كرامتكم العربية وكرامة الكعبة وقبر الرسول على أرض شامكم نيابة عن الدم الصهيوني . فهل أنتم متأكدون من عروبتهم أو إسلاميتهم . أنتم أول من حمل الرسالة للعالم ومن أرضكم خرجت . هل تقبلون أن تكونوا هدمتها ومن أرضكم تخرج جيوش كفر إلى سورية ، ألا تريدونها جيوشا لغير محتلي الأقصى لا تخرج . ليس من عربي لا يعلق أملا عليكم فأنتم أهل الدار.

 نخبنا في الجزيرة ، لا تقولوا ضغوطا ، فأرضيتها ليست متوفرة في بلد بحال بلدكم .بل صبية صياع مأجورين كابر عن كابر يبيعون ويشترون فيكم وبثروتكم وكرامتكم ، والأردن أمامكم مثال بأوضاعه المالية والسياسية والسكانية ، والإرهاب على أبوابه من كل الجهات ، ولكنه رفض كل الضغوطات الأمريكية وضغوطات حكامكم التي لم تتوقف يوما ، ورفضها اليوم بأنفة العربي الذي ما ساحت دماء جيشه إلا على ثرى فلسطين . حكامكم يذبحون في اليمن شعبا ، أما في سوريا فيذبحون وطنا قربانا للصهيونية بعد أن شردوا شعبه . ألا نستحق منكم موقفا أو كلمة “لا “

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/04/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد