آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

هل قرر "الكيان الصهيوني" اغتيال الرئيس بشار الأسد؟

 

عبدالوهاب الشرفي

موجة من التهديدات والمطالبات باغتيال الرئيس السوري بشار الأسد حملها إعلام “الكيان الصهيوني” صدور هذا الكم من التهديدات باغتيال أو قتل الرئيس الأسد  في يوم واحد ومن مستويات عدة يعني أن الفكرة ليست كلاما يطلق في الهواء كما هي عادة الشخصيات الصهيونية عند الحديث تجاه خصوم ”الكيان الصهيوني” وإنما يعني أن الفكرة كانت محل نقاش رسمي على أقل تقدير الم نقل محل قرار رسمي بالحديث عنها.

يتصدر أجندات حكومة وجيش ”الكيان الصهيوني” الفترة الأخيرة مسألة الوجود الإيراني في سوريا وقد وجهت فيه ضربتين للقوات الإيرانية في سوريا وهي تعيش قلق الرد الإيراني الذي توعد به الإيرانيون، وعلى ذلك فان نقاش أو قرار اغتيال الرئيس ”الأسد” هو في هذا السياق أي أن الأمر طرح ضمن الخيارات التي أمام ”الكيان الصهيوني” لمواجهة الوجود الإيراني في سوريا ومواجهة على أي رد إيراني على ضرباتها للقوات الإيرانية في سوريا.

تلويح ”الكيان الصهيوني” باغتيال الرئيس ”الأسد” ليس بالأمر الرمزي بأن مواجهة الوجود الإيراني في سوريا أو مواجهة انتقام إيران لضربتيها ستكون باغتيال شخصية على مستوى رئيس الدولة التي تدور اللكمات على أرضها أوقد تنطلق اللكمة الإيرانية منها وإنما هو حديث متعلق بالنتيجة في الملف السوري ككل.

يقف ”الكيان الصهيوني” ضمن من يقفون خلف خصوم الحكومة السورية من الجماعات الإرهابية والمعارضة المسلحة ويقوم بدور كبير في ذلك ومثله مثل غيره من الواقفين ضد الحكومة السورية يعتمدون مسار دعم هذه الجماعات لتأثير في النتيجة للملف السوري فهم يدعمون هذه الجماعات في وجه الحكومة السورية بهدف الإطاحة بها وفرض الحكومة المنسجمة مع سياساتهم بدلا عن الحكومة السورية التي بات الرئيس الأسد رمز وجودها من عدمه.

بالمقابل يقف حلفاء الحكومة السورية ومنهم روسيا وإيران في ظهره الحكومة لمنع الإطاحة بالرئيس ”الأسد” – والحكومة السورية بالتبعية – بالقوة عن طريق دعم هذه الجماعات في وجه الجيش العربي السوري وتعملان على أن يكون مصير ”الأسد” محل عملية سياسية تسمح بأن يكون رحيل ”الأسد” أو بقائه اختيارا سياسيا سوريا يتم بعد الوصول بالبلد لظروف سياسية ملائمة للاختيار.

من يرسم النتيجة حاليا في سوريا هي الحكومة السورية وحلفائها وكلما يتم من صور التوتر المتصاعدة بما فيها الضربات الغربية والضربات الصهيونية والدعوات لإدخال قوات جديدة هي أعمال تتم كمحاولات لمنع أو إعاقة إكمال الحكومة السورية وحلفائها للنتيجة التي يرسمونها والتي يبقى الرئيس ”الأسد” عنوانها – لحين قيام ظروف ملائمة للاختيار – ومن هنا يمكن فهم موجة الدعوات والتهديدات باغتياله.

ما أراد ”الكيان الصهيوني” إيصاله من خلال هذه التهديدات باستهداف الرئيس ”الأسد” هي رسالة بأنه في مواجهة الوجود الإيراني في سوريا أو أمام الرد الإيراني إذا ضربه داخل جغرافيته سيتدخل بتغيير النتيجة التي ترتسم في سوريا باستهداف الرئيس ”الأسد” وفرض أمر واقع أمام الجميع بدخول سوريا مرحلة ما بعد ”الأسد”، وبعبارة أخرى أن اختراق الموانع التي عجز عنها كل تحالف الغرب سيفعله ”الكيان الصهيوني” وسيقلب النتيجة التي ترتسم في سوريا دون أي حسابات للقانون وللمواقف الدولية تجاه ذلك.

هذه الرسالة التي أراد ”الكيان الصهيوني” إيصالها هو يعرف تماما أنه أجبن وأعجز من أن يفعلها ولن يتحمل تبعاتها، وما عجز عنه التحالف الغربي لن يقدم عليه ”الكيان الصهيوني” ولأسباب عدة لسنا بصدد نقاشها، لكن ما لذي أراده ”الكيان الصهيوني” من وراء إطلاق تهديدات بهذه الخطورة وهو يعرف أنه عاجز عن تنفيذها ؟.
النتيجة التي ترتسم حاليا في سوريا هي أمر لا يهم الحكومة السورية وإيران فقط وإنما يعني روسيا بذات القدر وبالنسبة للحكومة السورية ولإيران مثل هذا التهديد لا يضيف شيء فهما مع ”الكيان الصهيوني” في حال حرب مباشرة منذ البداية بالنسبة للحكومة السورية ومن بعد ضربة مطار ال T4 بالنسبة لإيران ولن يستخدم هذا الأسلوب للتأثير عليهما. لكن بالنسبة لروسيا الأمر يختلف فليست في حال حرب مع ”الكيان الصهيوني” ولا في حالة عداء حتى وأن كان حال التنافر قائما بينهما.

ما أراده ”الكيان الصهيوني” بهذه التهديدات باستهداف ”الأسد” هي موجهه باتجاه روسيا أو لنقل هي رسائل تخيير – بعيدا عن إمكانية تنفيذها على الواقع – لروسيا بين الوجود الإيراني في سوريا وبين النتيجة التي تريدها روسيا فيها. أي أن ”الكيان الصهيوني” سيتدخل لقلب النتيجة في سوريا نتيجة الوجود الإيراني فيها وهي محاولة للتأثير فيما يتعلق بالعلاقة الإيرانية الروسية في سوريا.

صدور هذه التهديدات في هذا التوقيت بالذات يمكن أن يجعلنا نحكم بتحديد أكثر حول المراد منها ”فالكيان الصهيوني” بعد توجيه لكمتين لإيران يشعر بحتمية الرد الإيراني ويعيش حالة قلق تتنامى يوما عن يوم وهو يقف لمناقشتها داخليا بشكل واسع وعلى مختلف المستويات ومن هنا كان إطلاقه لتصريحاته أشبه بالاستجداء من روسيا لتتدخل للضغط على إيران بعدم الرد حاليا أو للحد من مستواه بأكبر قدر ممكن، وكأنه يريد القول أن الرد الإيراني إذا كان داخل الجغرافيا المحتلة فهو أمر هائل لا يقابله إلا قلب النتيجة في الملف السوري وهو أمر يفرض عليه محاولة توليد تحرّك روسي يتفهم حجم ورطة ”الكيان” ويتدخل مسبقا لمنع الرد الإيراني أو الحد منه أن أمكن وذلك بتحريك القلق على النتيجة التي ترتسم في سوريا ولو بقدر يسير.
رئيس مركز الرصد الديمقراطي ( اليمن ) ورئيس تحرير الغاية نيوز

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد