آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

قطر لا توظف علاقتها بإيران لكسر الحصار


صالح السيد باقر

تمر علينا بعد أيام وبالتحديد في الخامس من حزيران القادم الذكرى السنوية للحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ضد قطر، وكانت المفارقة فيه أنه فرض في شهر رمضان المبارك الماضي من قبل دول إسلامية ضد دولة إسلامية.

ومن المتوقع أن يستمر الحصار لعدة سنوات مع إصرار الدول الأربع على تركيع قطر ورفض الدوحة الركوع، إذ ليس من الواضح إلى أي مدى ستستمر الدول الأربعة في إصرارها ولا قطر في رفضها لطلبين أساسيين هما تغيير النهج والسياسة القطرية لتكون ذيلا للرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة، وإغلاق قناة الجزيرة أو تغيير سياستها بالكامل.

القاصي والداني يدرك جيدا أن إيران من الدول التي لعبت دورا مهما في مقاومة قطر للحصار، عندما رفضت التحالف مع السعودية والإمارات والبحرين وتنفيذ قرار محاصرة قطر بل فتحت أجواءها أمام الطائرات القطرية وكل الخطوط الجوية العالمية التي تريد استخدام أجوائها للهبوط في مطار الدوحة أو الإقلاع منه، كما أن إيران فتحت مياهها لتعبر البضائع الإيرانية والعالمية عبرها إلى قطر.

ولكن قلما يسمع أو يقرأ أو يشاهد الرأي العام أو المتابع بالتطور الكبير الذي حدث في العلاقات الإيرانية القطرية بعد الحصار وخاصة على الصعيد الاقتصادي، وليس هذا التكتم يقتصر على الجانب القطري وحسب وإنما على الجانب الإيراني أيضا مما يوحي بوجود اتفاق على عدم البوح بطبيعة حجم العلاقة القائمة بين البلدين.

لا أعتقد أن الامتناع عن إفشاء طبيعة العلاقات بين البلدين يعود إلى طلب أو إرادة إيرانية لأنني لا أجد سببا منطقيا يدعو طهران إلى الطلب من الدوحة بالتكتم على هذه العلاقات، بل على العكس فأن طهران طالما بادرت إلى الإعلان عن أية خطوة توحي بفشل سياسة فرض العزلة التي تمارسها الإدارة الأميركية ضد إيران.

مع انعدام السبب الحقيقي والمبرر لتكتم إيران على طبيعة العلاقة القائمة مع قطر فهناك أسباب عديدة تعزز فكرة أن طلبا قطريا وراء التكتم حول هذه العلاقات.

ولن أتناول هنا كل الأسباب التي تدعو قطر إلى التكتم على هذه العلاقات وإنما أسلط الضوء على سبب واحد وهو الذي يدور حوله محور حديثنا، وهو أن الدوحة ترفض إحراج واستفزاز واشنطن بالكشف عن حجم علاقتها مع طهران، ولا نكشف سرا إذا قلنا أن الإدارة الأميركية تبذل كل ما في وسعها من أجل فرض عزلة على إيران لترضخ الأخيرة في نهاية المطاف لمطالبها، وتعمد قطر ذلك على أمل أن تطلب واشنطن من الرياض وأبو ظبي والمنامة والقاهرة بإلغاء الحصار مع الدوحة وتطبيع العلاقات معها.

ولكن كما نرى أن الحصار لا يزال مستمرا ونقترب من ذكراه الأولى وما عدا بعض التصريحات والمواقف فان الولايات المتحدة لم تقدم على شيء عملي لإلغائه مما يشير إلى أن تأثير الدول الأربع على الإدارة الأميركية أكبر من تأثير قطر.

لو كانت القيادة القطرية انتهجت سياسة معاكسة تجاه علاقتها مع إيران لربما أثمرت أكثر من السياسة الحالية، بمعنى آخر لو كانت الدوحة قد أعلنت أنها ستقيم علاقات إستراتيجية مع إيران ردا على الحصار المفروض عليها لكانت دفعت واشنطن بقوة إلى حل مشكلتها مع الدول الأربع، وبالتأكيد أن الدوحة ستستفز واشنطن بهذا القرار وربما تلجأ الإدارة الأميركية إلى التهديد والوعيد بل ربما تنفذ بعض تهديداتها ولكن بعد فترة سترضخ للأمر الواقع وتغير رأيها وتسعى إلى إلغاء الحصار عن قطر ليس حبا فيها وإنما بغضا لإيران.

طبعا لم يفت الأوان وباستطاعة الدوحة تغيير سياستها وتقدم بالفعل على تعزيز وتطوير علاقاتها إلى أرفع المستويات وأن لا تكتفي بغير المعلن منه، خاصة وأن الدافع والمبرر لذلك قوي، وهو “لقد مضى عام على الحصار والمجتمع الدولي لم يفعل شيئا”.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد