آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الستار توفيق قاسم
عن الكاتب :
كاتب ومفكر ومحلل سياسي وأكاديمي فلسطيني، ولد في دير الغصون بطولكرم الفلسطينية، وأستاذ العلوم السياسية و الدراسات الفلسطينية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس.

تهدئة غزة ليست من الحكمة السياسية


البروفيسور عبد الستار قاسم

نجحت غزة بصورة كبيرة في إعادة الحياة للقضية الفلسطينية على مختلف الساحات الفلسطينية والعربية والدولية ذلك لأنها صنعت أزمة حقيقية للكيان الصهيوني من خلال مسيرات العودة. ودائما نقول إن على الضعيف أن يلجأ إلى صناعة الأزمات إذا أراد حلا للمشاكل التي يعاني منها. ولهذا من المطلوب أن تصنع غزة الأزمات باستمرار للكيان الصهيوني لكي تستقطب الاهتمام الإعلامي العالمي والاهتمام السياسي على المستويات المختلفة. لقد صنعت الضفة الغربية أزمة أيام بوابات الأقصى والنتيجة أن تراجع الصهاينة. وإذا أردنا كسر الحصار فإن علينا صناعة أزمات مستمرة للصهاينة والحكومات العربية لكي تتلقف المؤسسات الدولية والإعلامية المسألة وتروج لها وتصنع رأيا عالميا منتقدا للصهاينة.

من ثم أتت الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزة ظنا من الكيان الصهيوني أن الفلسطينيين لن يردوا، وعندما ردوا لأن الكيان الصهيوني في خطابه العدواني. ودائما نقول إن أفضل ردع للكيان الصهيوني هو رد العدوان بهجوم حتى لو كان مكلفا. الهجوم يدفعه إلى التفكير مرارا قبل الاعتداء، أما عدم الرد فيدفعه إلى التمادي بالعدوان. هذه هي تجربة سوريا وتجربة الفلسطينيين. أجبرته الصواريخ المنطلقة إلى الهدوء، وكان أن قبلت غزة الأمر، وفي هذا خطأ كبير من قبل القيادات الفلسطينية في غزة.

أمريكا تبحث عن الهدوء من أجل تمرير سياساتها المقبلة نحو تصفية القضية الفلسطينية، والصهاينة معنيون بالهدوء لأن جبهتم الداخلية ليست صالحة لتحمل أعباء الحرب. والصهاينة يخشون فتح أكثر من جبهة عليهم. ولهذا كان من المفروض ألا تقبل المقاومة الفلسطينية في غزة التهدئة، وعليها دائما توتير الأوضاع للمحافظة على مكانة القضية الفلسطينية في النفوس ولإبقاء الأعداء واقفين على رؤوس أصابع أقدامهم أطول مدد ممكنة. الأمريكيون يبحثون عن استرخاء في المنطقة، وكذلك الصهاينة ومن والاهم من العرب والفلسطينيين.

جميعنا ندرك أن قطاع غزة يعاني كثيرا، وظروفه المعيشية قاسية جدا، لكن الهدوء يعطي الصهاينة فرصا لمزيد من الاعتداءات والقتل والتدمير. والخسائر المترتبة على الهدوء أكثر بكثير من الخسائر المترتبة على التصعيد. هكذا هي تجاربنا مع الصهاينة منذ أيام منظمة التحرير حتى الآن. فهل نبقى نقدم التضحيات لكي نسترخي قبل تحقيق النتائج المطلوبة؟

ولهذا نصيحتي ألا تستمع المقاومة لمصر أو لدول عربية أخرى، ويجب ألا تهزها التهديدات الأمريكية والصهيونية. الصمود الذي يصنع الأزمات للأعداء أفضل وسائل إيجاد الحلول.

لقد سمعت من يقول إن المقاومة الفلسطينية أجبرت الصهاينة على التهدئة. وهذا شبيه بقول منظمة التحرير المتكرر وهو إن المنظمة أجبرت الصهاينة على القبول باتفاق مع المنظمة. اتركونا من هذه الترهات والعبارات الفارغة. سنعلن ما نريد بعد رفع الحصار عن القطاع.

القبول بالتهدئة لم يكن قرارا حكيما، وكان من المفروض إدارة التوتر بطريقة تجنب قطاع غزة الحرب دون أن تفسح مجالا لاسترخاء العدو.

بصورة عامة، من المفروض أن تخضع عمليات التصعيد والتهدئة للتقييم الذاتي، وألا تكون موضوع وساطات ومفاوضات غير مباشرة مع الصهاينة. أي المقاومة تقرر متى تصعد ومتى تهدأ وفق إمكاناتها وقدراتها وظروفها التي هي أدرى بها. ويجب أن نتجنب دائما المفاوضات غير المباشرة والوساطات لأن الوساطات في الغالب لا تحمي الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها بطرق ملتوية مع الصهاينة.

ونعود لنقول إن أوضاع غزة صعبة وقاسية ومؤلمة، لكن يكفي غزة أنها الحارس الفلسطيني الوحيد الآن على القضية الفلسطينية، ولأنها كذلك سيستمر الحصار وسيستمر الضغط على القطاع. ودائما رأس المقاومة مطلوب من قبل جزء كبير من العرب والفلسطينيين والصهاينة وأهل الغرب ومن والاهم من حكام ونخب وأصحاب مصالح.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/06/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد