آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد صادق الحسيني
عن الكاتب :
كاتب وباحث إيراني

الجنوب السوري للتحرير «وإسرائيل» تترنّح على صفيح الجولان...!


محمد صادق الحسيني

الهجوم النهائي لقوات حلف المقاومة على مواقع المسلحين الإرهابيين في أرياف القنيطرة ودرعا، وصولاً إلى حدود الجولان وما بعد بعد حدود الجولان والحدود الأردنية بات قاب قوسين أو أدنى…!

في هذه الأثناء تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير حربه رسالة سرية نقلت إليهما بواسطة الطرف الروسي، تضمّنت تحذيراً شديد اللهجة لـ»إسرائيل» من التدخل، بأيّ شكل من الأشكال في المعارك المقبلة، وإلا فإنّ الردّ لقوات حلف المقاومة على أي استفزاز «إسرائيلي» سيكون أقسى بكثير مما يتوقعه العدو…!

في هذه الأثناء، فإنه وعلى الرغم من عاصفة الضجيج التي يثيرها رئيس الوزراء الإسرائيلي، في تناغم مع تصريحات تصدر على الموجة نفسها من الجنرالات العسكريين والأمنيين الأميركيين، حول العديد من المواضيع المتعلقة بالعدوان الأميركي الإسرائيلي الرجعي «العربي» على سورية، فإنّ انتصارات الجيش السوري وحلفائه مستمرة على كلّ الجبهات متجاهلة كلّ التهديد والعويل الأميركي الإسرائيلي السعودي والذي يتمحور حول ما يطلقون عليه «توسّع النفوذ الإيراني» في سورية وغيرها من الدول العربية.

ولكن عاصفة الضجيج هذه لم تتمكن من إخفاء الهزائم المتلاحقة التي يتكبّدها المعسكر الصهيوأميركي المعادي لحلف المقاومة، ولا هي قادرة على تهدئة روع القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين الإسرائيليين الذين انتقلوا إلى القدس المحتلة، لعقد اجتماعاتهم في النفق أو مركز القيادة المحصّن ضدّ كلّ أنواع الأسلحة والمُقام في باطن الأرض عند المداخل الغربية لمدينة القدس، وذلك منذ بداية شهر أيار الماضي.

فكيف لنتن ياهو، الذي يهدّد بإخراج إيران من كلّ سورية وليس فقط من الجنوب السوري، ويهدّد بضرب الجيش السوري، أن يكون رامبو في الإعلام ويختبئ تحت الأرض في الوقت نفسه خوفاً من صواريخ الجيش السوري وحلفائه!؟

إنّ هذا الواقع يؤكد مجدّداً هزيمتكم الميدانية أيها الصهاينة وكذلك هزال المعنويات الداخلية والتي تجعلكم تعيشون حالة خوف دائم، والتي تعزّزت بعد المستجدات التالية:

أولاً: فشل الاجتماع، الذي عُقد بين رئيس أركان الجيش الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، الجنرال جوزيف دانفورد، والذي عقد يوم 8/6/2018 في هلسنكي، عاصمة فنلندا، في التوصل إلى أيّ صيغة مشتركة، بين الطرفين، لانتشار الجيش السوري في جنوب سورية، وكذلك موضوع تمركز وحدات مقاتلة من حزب الله إلى جانب مستشارين عسكريين إيرانيين، يدّعي الطرف الأميركي الإسرائيلي أنهم ليسوا كذلك وإنما هناك وحدات من الحرس الثوري الإيراني تنتشر مع وحدات الجيش السوري ويرتدي أفرادها اللباس العسكري السوري للفرقة الرابعة والخامسة وقوات الحرس الجمهوري السوري، حسب «المعلومات الاستخبارية» التي تحدّث عنها الجنرال الأميركي خلال الاجتماع. وهي بالطبع معلومات ملفقة سبق أن نفى صحتها الرئيس السوري بشار الأسد شخصياً، بالإضافة إلى وزير الخارجية وليد المعلم.

وهذا يعني:

1 ـ أنّ الطرف الروسي رفض الاقتناع بما ساقه الطرف الأميركي من تلفيقات حول طبيعة القوات العسكرية المنتشرة في الجنوب السوري، خاصة أنّ القيادة الروسية على علم تام، بحكم التنسيق الدقيق بين القيادتين الروسية والسورية، بكافة التفاصيل العسكرية المتعلقة بمختلف الجبهات السورية، وبالتالي فهي على وعي كامل بأنّ ما طرحه الجنرال الأميركي ليس إلا تخرّصات وخرافات.

2 ـ رفض الجانب الروسي التدخل في قرار سيادي سوري بحت أو مناقشته أو الموافقة على تدخل الطرف الأميركي «الإسرائيلي» في ذلك، واعتبار الموضوع خارج نطاق البحث، ما يعني رفضاً روسياً واضحاً لابتزازات الطرف، الأميركي الإسرائيلي المهزوم، ودحضاً لادّعاءات نتن ياهو وغيره أنّ هناك خلافاً روسياً ـ إيرانياً حول المشاركة العسكرية الإيرانية في صدّ العدوان الذي تتعرّض له سورية منذ ما يزيد على سبع سنوات.

ثانياً: فشل تصريحات وزير الحرب الأميركي، الجنرال جيمس ماثيس، التي أدلى بها على هامش اجتماعات وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي في بروكسل يوم 9/6/2018، في تهدئة روع الإسرائيليين وتخفيف شعور قيادتهم السياسية والعسكرية بالهزيمة واقتراب موعد استعادة الجولان السوري المحتلّ وصلاة قوات حلف المقاومة قريباً في المسجد الأقصى المبارك.

تلك التصريحات التي قال فيها الوزير الأميركي بأنّ ما يُطلق عليه التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب سيستمرّ في محاربة داعش، وأنّ القوات والقواعد الأميركية باقية في سورية حتى إلحاق الهزيمة الكاملة بداعش، أيّ أنه يقول للإسرائيليين بصريح العبارة إننا باقون لحمايتكم ولا داعي لقلقكم.

ولكن الوزير الأميركي يعلم أكثر من غيره، كما يعلم الجنرالات العسكريون والأمنيون الإسرائيليون، أنّ كلامه بعيد عن الواقع، وأنه غير قادر على الحفاظ لا على قواعده العسكرية الاحتلالية في سورية، ولا على توفير الأمن لقاعدته العسكرية على أرض فلسطين والتي تسمّى «إسرائيل»، وانّ مَن يحدّد بقاء القوات غير السورية على التراب الوطني السوري هو القيادة السياسية السورية، ممثلة بشخص الرئيس بشار الأسد، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية، والذي ينطلق قراره من موازين القوى في الميدان والوسائل القتالية اللازمة لإنهاء الوجود الإرهابي المسلح والمدعوم من قوات وقواعد الاحتلال الأميركية في التنف والحسكة وغيرها من مناطق الشمال الشرقي السوري.

ثالثاً: أنّ الخزعبلات والتفاهات والتضليلات، التي تصدر عن هذا المهرّج المسمّى بنيامين نتن ياهو، والتي كان آخرها ما صدر عنه عصر يوم 10/6/2018 من ادّعاءات بأنّ «إسرائيل» متفوّقة في مجال تنقية المياه ومواجهة الجفاف وأنها مستعدة لتقديم العون التكنولوجي للشعب الإيراني لمساعدته في تنقية المياه ومواجهة شحّها في إيران…!

وبأقواله هذه فإنّ نتن ياهو لا يمارس الخديعة على الشعب الإيراني فقط، وإنما يمارس الكذب على كلّ شعوب العالم بادّعاءاته هذه وإنكاره أنّ تخفيف أزمة المياه في فلسطين المحتلة لا يرجع إلى عبقرياته واختراعاته التكنولوجية والمائية الهيدروليكية وإنما يعود ذلك، وبكلّ بساطة، إلى سرقة المياه الفلسطينية الأردنية السورية اللبنانية من نهر الأردن وروافده ومن بحيرة طبريا الفلسطينية السورية. وهو ما نجم عنه جفاف نصف البحر الميت الجنوبي، الذي كان يتغذّى بالمياه من نهر الأردن، الذي لم يعد نهراً بعد تحويل مجراه وسرقة مياهه من قبل أسلاف نتن ياهو.

لذلك، فإننا نقول له إنّ الشعب الإيراني الذي يمتلك آلاف العلماء، في كافة مجالات العلوم بما فيها العلوم النووية، ليس بحاجة لك ولا لأكاذيبك وادّعاءاتك الزائفة. كما أنّ هذه الترّهات لن تنجح في تهدئة روعك أنت وقيادتك العسكرية والأمنية وليست قادرة على إعادة الطمأنينة إلى قلوب المستوطنين الإسرائيليين.

رابعاً: استدعاء وزارة الحرب الإسرائيلية، وبشكل عاجل، جنود الاحتياط لترك بيوتهم ومراكز عملهم والالتحاق بالجبهة فوراً، وذلك عقب ما قالت عنه مصادر عسكرية إسرائيلية إنه اقتراب بدء هحوم الجيش السوري وحلفائه على جبهتي القنيطرة ودرعا في الجنوب السوري، ذلك الاستدعاء، وحسب بيانات وزارة الحرب الإسرائيلية، الذي يهدف إلى عرقلة الهجوم السوري إذا لم يكن ممكناً احتواؤه…!

مما يعني أنّ قيادة جيشك، أيّها الطاووس الأجوف، لم تعُد تواجه خطر تقدّم قوات حلف المقاومة لتحرير الجليل الأعلى من الاحتلال، وإنما أصبحت تواجه جبهة تشمل مستوطنات وسط الجولان، مثل مستوطنة ميروم جولانMerom Golan، ومستوطنات جنوب الجولان مثل مستوطنة ميفو حمه Mevo Hama ومستوطنة تل كاتسرين TEL Katsrin، وكذلك مستوطنات جنوب غرب بحيرة طبريا مثل مستوطنة دجانيا الف Deganya Alef ومستوطنة دجانيا باء Deganya Bet، وغيرها من المستوطنات الواقعة في تلك المنطقة وصولاً إلى مدينة بيسان وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة، جنوب بحيرة طبريا وغربها.

وهذا يعني أنّ حديث مستوطنيك، على طول خطوط المواجهة، لن يدور حول ما أطلقته من بروباغندا تضليلية فارغة حول شحّ المياه في إيران، وإنما سيدور حديثهم في مستوطنات وسط الجولان حول ما إذا كانت القوات السورية، التي ستدخل المستوطنات وتحرّرها من جيشك، هل ستكون هذه القوات من الفرقة المدرعة الرابعة في الجيش السوري أم من وحدات حزب الله؟

بينما سيدور حديث مستوطنيك في مستوطنات جنوب الجولان وجنوب غرب بحيرة طبريا حول ما إذا كانت القوات، التي ستدخل المستوطنات وتحرّرها من احتلالكم، ستكون من الحرس الجمهوري السوري فقط أم أنها ستشمل أيضاً قوات النمر المعزّزة بوحدات من الفرقة المدرّعة الخامسة في الجيش السوري ووحدات من لواء أبو الفضل العباس في قوات الدفاع الوطني السوري؟

هذه ستكون محاور حديث أولئك المستوطنين الذين تقوم بخداعهم وتعرّضهم لأخطار الحروب والدمار. كما أنّ ما يطلبونه منك ليس حلّ مشكلة المياه في إيران وإنما إيجاد مأوى لهم عندما تعترف بهزيمتك ويبدأ تفكيك «إسرائيل» بعد تحرير معظم فلسطين التاريخية من قبل قوات حلف المقاومة وعودة أهلها الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجّروا منها قبل سبعين عاماً.

كفّوا عن الكذب والخداع واعترفوا بهزيمتكم وأبدأوا بتنظيم انسحابكم المنظم من فلسطين قبل اضطراركم إلى الانسحاب تحت النار، الأمر الذي سيضاعف خسائر «جبهتكم الداخلية» عشرات المرات.

بعدنا طيّبين، قولوا الله…

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2018/06/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد