التقارير

تقرير خاص: ما خلفيات الحكم ببراءة الشيخ #علي_سلمان؟

 

مالك ضاهر ..

أصدرت محكمة في البحرين حكما ببراءة الأمين العام لجمعية "الوفاق" البحرينية المعارضة الشيخ علي سلمان في اتهامه بقضية "التخابر مع قطر لغرض القيام بأعمال العنف والفوضى في البلاد واستمرار والتآمر لإسقاط نظام الحكم في البحرين"، بالإضافة إلى تبرئة قياديين من "الوفاق" هما علي الأسود والشيخ حسن سلطان، وقد أُسس القرار الصادر عن محكمة الدرجة الأولى على خطأ الأدلة التي استند عليها الاتهام وبالتالي يتوجب الحكم بالبراءة.

وبالتوازي أعلنت النيابة العامة في البحرين أنها ستطعن بالاستئناف بالحكم الصادر ببراءة الشيخ سلمان ورفيقيه، واعتبرت النيابة أن "الحكم الصادر ببراءة المتهمين قد جانبه الصواب وشابه الخطأ في تقدير الحجية المستمدة من جميع تلك الأدلة ومن ثم انتهى إلى قضاء لا يتفق مع حقيقة الوقائع موضوع الاتهامات والتي كشفت عنها التحقيقات بل وجلسات المحاكمة ذاتها"، ولفتت إلى أن "الشيخ علي سلمان وفريق الدفاع لم يستطيعا تقديم أدلة تدحض الاتهامات الموجهة للمتهمين".

حكم مريب.. وقضاء تابع

هذا الحكم المفاجئ الصادر عن أجهزة السلطة في البحرين يطرح العديد من التساؤلات التي تتركز بشكل أساسي حول الخلفيات الحقيقية لإصدار هذا القرار وتوقيته، وعن مدى استقلالية السلطة القضائية عن السلطة السياسية، فهل القضاء البحريني حر ونزيه أم أنه يأتمر بأوامر الملك بشكل مباشر ورئيس الحكومة هناك؟ وهل هل القرار الصادر بحق الشيخ علي سلمان هو قرار قضائي أم أنه سياسي بامتياز؟ وكيف ستتعاطى السلطات مع هذه القضية في المستقبل خاصة مع تأكيد النيابة العامة على الطعن باستئناف الحكم؟ وهل تبرئة الشيخ السلمان في هذه القضية سيتبعها التشدد بخصوص قضايا أخرى تتهمه بها السلطة في البحرين؟ وهل للموضوع أي علاقة بالأزمة الخليجية وإمكانية حلحلة الخلافات بين أطرافها؟

الأكيد أن القضاء البحريني له الكثير من التجارب التي تؤكد تبعيته التامة والكاملة للسلطة السياسية في البلاد وأنه يأتمر بكل ما يطلب منه من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة أو من قبل الحكومة ورئيسها خليفة بن سلمان آل خليفة، فالمسألة لا تحتاج إلى كثير من البحث والتحليل للتأكد أن لا دولة مؤسسات وقانون وسلطات دستورية في البحرين، إنما كلها بأيدي بعض أفراد العائلة الحاكمة في البلاد، وتستخدم بحسب الحاجة والغايات السياسية ومن ضمنها السلطة القضائية التي تصدر الأحكام غب الطلب خدمة لمصلحة النظام البحريني، وعلى هذا الأساس جاء اتهام الشيخ علي سلمان بقضية التخابر مع قطر ومن ثم يأتي اليوم هذا الحكم بالبراءة وربما يتغير الحكم في درجات التقاضي القادمة وفقا لمتطلبات مصلحة الملك وسلطته.

ومن الطبيعي النظر بعين الريبة لهذا القرار بتبرئة الشيخ علي سلمان لأن لا يعقل بهذه السهولة قيام هذا القضاء التابع والمسيس بتبرئة معارض للنظام، يُتهم ليل نهار على أنه يتآمر على الدولة والملك، وتُختلق له الإشاعات والروايات للتخوين وإخراجه من وطنيته، لذلك لا يعقل أن يتحلى هذا القضاء بشكل مفاجئ بالعقلانية والحيادية ويصدر قراره بنزاهة وشفافية للقول إن الشيخ سلمان بريء وأن الاتهامات بحقه مفبركة وأسست على ادعاءات غير قانونية وباطلة، لأن ذلك لو حصل فعلا فإنه سيعرض القضاة العاملين لدى النظام والملك للمساءلة والملاحقة، اللهم إلا إذا كان مطلوبا منهم القيام بهذا الدور وتنفيذ هذا "المشهد الدرامي" عن الاستقلالية وإصدار الحكم بالبراءة في حدود معينة بحسب ما هو مطلوب منهم.

مناورة وأكثر..

لذلك فالأكيد أن هذا الحكم الذي يوصف بأنه قضائي، ما هو إلا مناورة من نظام البحرين لتمييع الأمور وللتسويف والمماطلة وإضاعة الوقت وتمريره بغية تشتيت اهتمام الناس في الداخل عبر القول إن الشيخ علي سلمان بريء بحسب قرار محكمة الدرجة الأولى، بينما هناك المزيد من الإجراءات التي ستتبع في هذه القضية وغيرها وإمكانية الحكم عليه في هذه الدعوى وغيرها لا يزال قائما بقوة.

فمن أهداف النظام البحريني هو إشغال الشعب البحريني عما يجري في المنطقة من ممارسات لأنظمة الخليج سواء في اليمن أو غيرها، لا سيما التواطؤ الخليجي المكشوف على فلسطين وشعبها والتوغل أكثر فأكثر نحو تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، كما يأمل النظام البحريني بإشغال الناس داخل البلاد عما يقوم به ويواصله من ممارسات وانتهاكات للحقوق والحريات في الداخل خاصة فيما يتعلق بمواصلة حصار الدراز وفرض الإقامة الجبرية على الرمز الوطني والديني للبحرينيين الشيخ عيسى أحمد قاسم.

والحديث عن تبرئة المتهمين في قضية التخابر مع قطر يحمل في طياته إحراجا للمنامة بمواجهة الدوحة والاتهامات التي توجه لها بمحاولة زعزعة الأمن البحريني والخليجي، اللهم إلا إذا كان السيناريو يتعلق فقط بإخراج متهمين معنيين من هذه التهمة بينما سيتم استخدامها بحق آخرين للتركيز على التورط القطري، بما لا يخدم فرضية التوصل لحل للازمة الخليجية.

استغلال سياسي واضح..

ويرجح أن يكون الهدف الأساسي من "مسرحية" الحكم الابتدائي في قضية التخابر مع قطر، هو الاستغلال السياسي ومحاولة تلميع صورة النظام البحريني والادعاء أن في البلاد منظومة ديمقراطية تحمي الحقوق والحريات وتنصف الأفراد ولو كانوا من المعارضين، بينما الوقائع تؤكد عكس ذلك ولو أردنا تعدادها لطال الحديث، ويكفي أن نذكر هنا أنه منذ فترة وجيزة صادق الملك البحريني على منع ترشيح القيادات في الجمعيات المعارضة التي تم حلها(ومن ضمنها جمعية الوفاق) للانتخابات النيابية المقررة نهاية العام الجاري.

بكل الأحوال فإن هذه السيناريوهات ما عادت تنطلي على أحد والجميع بات يدرك الطرق البوليسية التي يعمل بها نظام البحرين الذي يمتهن المناورة والخداع، معتمدا على الدعم المطلق من قبل بعض الأنظمة الإقليمية وعلى رأسها النظام السعودي ومن الأنظمة الغربية لا سيما الإدارة الأمريكية والنظام البريطاني، وبالسياق، كان من اللافت الموقف الأمريكي المتناغم مع "المسرحية" البحرينية حيث رحبت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدثة باسمها هيذر نويرت بقرار المحكمة البحرينية بحق الشيخ سلمان، واللافت أكثر هو طلبها من المدعي العام البحريني بعدم استئناف هذا الحكم، كما طالبت "بإطلاق سراح سلمان وإعفائه من الأحكام السابقة"، ما يؤكد المؤكد أن القضاء البحريني هو أداة بيد النظام وليس سلطة مستقلة.

أضيف بتاريخ :2018/06/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد