التقارير

تقرير خاص: التنصل الإماراتي من #الأزمة_الخليجية.. هروب من المسؤولية أم للحماية من المخاطر المحتملة؟


مالك ضاهر..

يبدو أن النتائج غير المقبولة والمتتالية للمشروع السعودي الإماراتي بدأ يفرز نتائج حسنة بين الدولتين الجارتين والشقيقتين، تدفع باتجاهات للتباعد بينهما في العديد من الملفات ومن ضمنها ملف الأزمة الخليجية، وفمهما حاولت الرياض وأبو ظبي الظهور بمظهر التكاتف والتعاضد والتضامن إلا أن الرهانات المختلفة لكلا الطرفين ستعود لتظهر وتنتج تباعا معينا قد يتسع أو يضيق بحسب الظروف والمعطيات وصولا لحد الخلاف أو القطيعة أو بالحد الأدنى تقدم دولة على الأخرى وفرض آرائها.

وعلى الرغم من وجود الإمارات في مختلف الملفات التي تقدم عليها المملكة السعودية بدفع واضح وتنسيق عال بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبالرغم من أن الإمارات تدعي دائما أنها ليست من يقف خلف افتعال الأزمة الخليجية وأنها جزء من كل بما يعني الدول المقاطعة الأربعة، وبالرغم من وضع الإمارات كل ثقلها للهجوم المتواصل على قطر وعدم تضييع أي فرصة للتصويب عليها وتشديد الحصار عليها، إلا أن أبو ظبي وجدت نفسها مؤخرا في مشكلة عالقة أمام القضاء الدولي بعد رفع الدوحة دعوى ضدها أمام محكمة العدل الدولية لمقاضاتها عن ممارساتها التي تستهدف القطريين وتمنعهم من الدخول إلى الأراضي الإماراتية بما يمنع الكثير منهم من رؤية أولادهم خاصة في الزيجات المختلطة بين القطريين والإماراتيين، بما يشكل مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية ذات الصلة.

التلطي خلف المملكة.. والمواقف التبريرية

واللافت أن الإمارات طالما كانت تحاول وضع المملكة السعودية في الواجهة والتلطي خلفها بمختلف الملفات بما يجعل المسؤولية الأولى والأساسية تقع على عاتق الرياض وليس أبو ظبي وأن كان التحريض وابتداع الأفكار وتهيئة الظروف يعود لفريق عمل قيادي حاكم في أبو ظبي، إلا أن قطر عملت بشكل فعال على إحراج الإمارات وتبريز دورها في الأزمة والإساءة إلى العلاقات الخليجية الخليجية، وإظهار الإمارات على موقفها الحقيقي أمام الرأي العام العالمي حيث لا يجوز القول إن دولة لا تتحمل مسؤولية أفعالها وهي تلتزم بقرارات دولة أخرى بما يتعارض مع الأحكام المعمول بها في القانون الدولي، وبالتالي لا يجوز لدولة منع مواطن دولة أخرى من الدخول لأراضيها فقط لوجود خلافات سياسية بينهما أو لأن دولة ثالثة قررت بمحض أرادة حاكمها المطلق قطع العلاقات والسير بأزمة ظهر منذ البداية أنها مفتعلة ومفبركة.

واليوم تحاول الإمارات التنصل من مواقفها المعلنة والواضحة من الأزمة الخليجية عبر إصدار بيانات تبرر منع دخول القطريين إلى أراضيها وأنها لم تقرر المنع المطلق لذلك بل هي قررت الحصول على إذن من السلطات المعنية في أبو ظبي، وبالتالي الأمر يخضع لاستنسابية الجهات المختصة، وقالت الخارجية الإماراتية أنها "اشترطت على المواطنين القطريين خارج الدولة (الإمارات) الحصول على تصريح مسبق للدخول إلى الدولة ويمكن أن يكون ذلك التصريح لمدة مؤقتة وفق تقدير السلطات بدولة الإمارات"، وتابعت أنه "نتيجة للمزاعم الباطلة التي ساقتها دولة قطر ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الإمارات ترى أنه من الضروري التأكيد على السياسة التي اتبعتها منذ زمن بعيد تجاه مواطني دولة قطر حول الشروط المطبقة عليهم بخصوص دخولهم وإقامتهم في الدولة".

حماية النفس والابتزاز الأمريكي..

فهل هذا الموقف الإماراتي يسمح لها بتبرئة نفسها من التهم الموجهة إليها وسحب نفسها من الأزمة واعتبار أنها غير معنية فيها؟ وهل سنجد المواطنين القطريين يسرحون ويمرحون بدون ضوابط داخل الإمارات وكيف ستقبل أبو ظبي ذلك مع استمرار الأزمة؟ وهل يعتبر التراجع عن منع القطريين من الدخول إلى الأراضي الإماراتية هو بداية التراجع في ملف الأزمة؟ أم أن أبو ظبي ستتمسك بمواقفها الرافضة للمهادنة مع الدوحة وستقبل بعودة العلاقات إلى طبيعتها رغم بقاء الدوحة على مواقفها وعدم تقديم التنازلات لقوى الحصار؟

الأكيد أن الأمارات ستحاول التنصل مما تقوم به بشكل يضمن لها مصالحها مع المملكة السعودية ولا يظهرها أنها تخلت كليا عن كل ما ظهرت أنها من المتمسكين به بقوة وحتى النهاية بخصوص الأزمة مع قطر، ولكن الأمارات أيضا لا تريد خسارة مكانتها التي اكتسبتها في المنطقة والعالم بما يفوق حجمها وقدراتها الطبيعية والمالية فهي على رغم محدودية هذه القدرات والإمكانات باتت لاعبا أساسيا بالاشتراك مع غيرها من الدول لا سيما الخليجية وضمن الغطاء والحماية المقدمة لها من الغرب وعلى رأسه الإدارة الأمريكية وبريطانيا وعبر تمتين العلاقات مع اللوبيات الصهيونية في العالم ومع النظام الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، بهدف حماية رأسها من أي اختلال في موازين القوى قد يدفع في لحظة ما إلى "التضحية" بها كرمى لعيون الشقيقة الأكبر والأغنى بالنسبة للغرب ألا وهي المملكة السعودية.

خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبق له خلال الفترة الماضية أن حمّل الإمارات مسؤولية التأخير في حل الأزمة الخليجية، محاولا تحميل أبو ظبي الإيحاء أنه من الممكن رمي المسؤولية عن الأزمة بالكامل على الإمارات، في خطوة باتت مفهومة ضمن سياسات ترامب وتمهد لابتزازها أكثر فأكثر، كما فعل ويفعل مع مختلف دول الخليج الذين يبتزهم في عدة ملفات بينها الأزمة مع قطر.

أضيف بتاريخ :2018/07/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد