آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

من سيتفوق في جولة هلسنكي ترامب أم بوتين؟


بسام أبو شريف

– أول قمة في تاريخ العلاقات الأميركية الروسية لاتتناول سوى الأمور الشائكة المتصلة بالشرق الأوسط وجوهرها قضية فلسطين.

يعتقد الصهاينة الأميركيون والأميركيون الصهاينة (ومن ضمنهم حكومتا إسرائيل وواشنطن)، أن صفقة القرن التي تستهدف شطب قضية فلسطين  وتثبيت إسرائيل كقوة إقليمية متحكمة في الشرق الأوسط لم يبق أمامها سوى عقبة واحدة هي إيران، ولذلك تنصب كافة الجهود الأميركية والإسرائيلية على إزالة وإزاحة وتفتيت هذه العقبة .

ومن الطبيعي أن يفهم الجميع أن التركيز على إيران لضربها ومحاصرتها ومحاولة تأليب الشعب الإيراني ضد النظام الجمهوري الإسلامي يعني محاصرة وضرب محور المقاومة.

بومبيو في الخليج

حرص ترامب أن يقوم وزير خارجيته بومبيو بزيارة لدول الخليج قبل قمة هلسنكي لحث الخليجيين والسعوديين على استغلال العد العكسي في اليمن لتحقيق أكبر قدر من “المكاسب”، حتى تتفرغ بعد قمة هلسنكي كل القوى الخليجية للمعركة ضد إيران، ولذلك طلب التوجه لحل الأزمات وهذا يشمل اليمن وأزمة قطر مع السعودية.

نتنياهو وعروضه المغرية

وكذلك حرص ترامب على الطلب من نتنياهو أن يتوجه إلى موسكو لإبداء الاستعداد لعدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية! إن قامت روسيا بإخراج الإيرانيين من سوريا، وإنهاء أي وجود لهم” بأي شكل من الأشكال”، هم وحزب الله قرب الحدود – حدود فك الاشتباك التي حددت في حرب تشرين 1973، ( ويسميها الإسرائيليون حدود إسرائيل مع سوريا )، وأطلق عدد من الوزراء الإسرائيليون تصريحات لها دلالات” وفي أقل التقدير مراهنات”، فقد صرحوا “وعلى رأسهم ليبرمان”، بأنهم لا يستبعدون إقامة علاقات سورية إسرائيلية في ظل حكم بشار الأسد” وقد يكون هذا التصريح طلقة تأشير لجر رجل القيادة السورية للرد لكن سوريا لم ترد على هذا التصريح، وابتعدت عن هذا المستنقع  ولكن التصريح الأخطر هو الذي أكد استعداد إسرائيل للتعاون الاقتصادي مع سوريا؟؟!!، وهذا يمس بشكل مباشر خزان النفط الضخم الموجود في بطن هضبة الجولان السوري والجولان الفلسطيني، وكذلك يمس منابع النفط والغاز في حوض نهر الفرات (إذ أن حوضي نهري الفرات واليرموك يشكلان خزانات ضخمة للنفط والغاز مما دفع البارون روتشيلد لأول مرة في تاريخه للموافقة على أن يكون عضو مجلس استشاري لشركة التنقيب عن مخزونات النفط في الجولان)، بكلام آخر إسرائيل تبدي استعدادها لمشاركة سوريا ثروتها الطبيعية التي ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي  من ناحية والأميركي من ناحية ثانية ” الفرات “، إسرائيل تريد أن تجر أقدام الروس والسوريين لفخ ترامب حتى تتمكن من القضاء على الانجازات التي حققها الجيش العربي السوري بدعم من روسيا وإيران، لقد هزمت واشنطن وتل أبيب في معركة تدمير وتقسيم سوريا ودمرت أدواتهما الإرهابية، وتعود تل أبيب وواشنطن بتكتيك جديد واستراتيجية جديدة لتستفز روسيا وتحاصر دمشق وتضرب طهران .

ترامب هيأ المسرح لتمثيلية هلسنكي فقد أرعد وأزبد في بروكسيل ووبخ الدول الأوروبية، وخص ألمانيا بنوع من التهديد لتقاربها مع موسكو، وسربت بطانته للإعلام معلومات عن تنمية ألمانيا لقواتها العسكرية .

ترامب يريد أن يواجه بوتين بعد أن يضع أوروبا صاغرة في جيبه كي لايحسب في مواجهة هلسنكي أي رصيد أوروبي للرئيس بوتين، وأجبر حلف الناتو لدفع الأموال اللازمة لزيادة نشاطه في دول أوروبا الشرقية : مهددا روسيا بذلك، وأعلن الحرب التجارية على الصين ثم دعا روسيا للعودة الى الدول الصناعية الكبرى جي7 وجي 8، بمعنى آخر حضر المسرح ليكون هو ” ترامب “، سيد أوروبا وسيد الخليج والآمر الناهي في إسرائيل .

وبما أن الموضوع يتمركز حول شطب القضية الفلسطينية مهما تشعبت المواضيع وتداخلت فان ترامب بنى استرتيجيته وتكتيكه خدمة لإسرائيل والصهيونية، وحسب أوامر روتشيلد تحديدا .

ماذا يريد ترامب من بوتين ؟

ترامب يريد من بوتين ماتريده إسرائيل من بوتين، أي أن ينسى قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة المتصلة باحتلال إسرائيل للأرض العربية عام 1967، وأن ينسى موضوع تهويد القدس، وأن يخرج الإيرانيين من سوريا دفاعا عن إسرائيل وتنفيذا لمخططها .

وأن يضغط على بشار الأسد مقابل تعهد إسرائيل بعدم التدخل في الشؤون السورية كي يجمد حالة العداء مع إسرائيل، وأن يوافق على التفاوض حول شراكة إسرائيلية سورية في (الجولان  تستند أساسا للثروة النفطية الهائلة ) .

ويريد من بوتين أن يدفع بشار الأسد نحو هذا التفاهم من أجل إعادة بناء سوريا ” التي دمروها هم ” !!! والنصيحة الكبرى لترامب ستكون إقناع بوتين بأن يطلب من بشار الأسد التفكير بالشأن السوري فقط – تحت شعار سوريا أولا وأن ينسى فلسطين .

( والشعارات القومية وألا يعادي دول الخليج والسعودية، وسيعد ترامب بإقناع دول الخليج والسعودية بالمساهمة في إعمار سوريا أن هي انصاعت لما يريده ترامب – أي ماتريده إسرائيل ) .

وماذا سيعرض ترامب على بوتين لقاء ذلك ؟

ترامب صاحب الصفقات التجارية والمالية، الذي لايعير الأخلاق والالتزام والأمانة أي اهتمام، ولا تزن هذه المبادىء عنده مثقال ذرة، فهو ميكافيلي النزعة دون شك، وتتمحور ميكافيليته حول خدمة إسرائيل لأن مال دونالد ترامب صاحب الأبراج ليس ماله بل هو مال روتشيلد استخدم اسم ترامب بترحيب شديد من ترامب لإدارة أعمال عقارية في نيويورك يؤخذ عليها مآخذ عديدة، لكنها مغطاة قانونيا عبر مجموعة كبيرة من كبار المحامين اليهود .

إنه ابن شمال نيويورك وأحد منتوجاتها

سوف يضع بوتين بعد ذلك على الطاولة ملف العقوبات وملف أوكرانيا والقرم وملف أوروبا ووو..، سوف يعد ترامب بأن يبدأ بتخفيف العقوبات الاقتصادية تدريجيا، وسيغمض العينين عن القرم وسيقنع الأوكرانيين عبر استخدام سلاح المساعدات المالية والعسكرية بألا يثيروا المشاكل حول القرم، وأن يترك لروسيا ويساعدها في إيجاد حل سياسي في سوريا، وسيلوح بالانسحاب من شمال سوريا والتخلي عن الأكراد – ” وهو يعلم أنه وقع اتفاقا على صفقة مع تركيا حول شمال سوريا “، وانه سيرحب بدعم عودة سوريا لمجموعة ” جي7 ” .

لاشك أن خطة ترامب – نتنياهو تحمل مغريات كثيرة لروسيا وسوريا أن أخذنا الأمور بشكل مجرد عن الإطار العام للصراع في الشرق الأوسط، الإطار الذي تحاول واشنطن وتل أبيب من خلاله إخضاع شعوب المنطقة لاستعمار جديد مباشر واقتصادي وسياسي وتصفية قضية فلسطين وأحكام قبضة الامبريالية الصهيونية على ثروات المنطقة، وهو الصراع الذي تخوض فيه قوى المقاومة مواجهة ضروس مع منفذي هذا المخطط .

والرؤية التي يجب أن نتطلق منها وتستند لها مواقف القوى المتصدية هي أن أي مخطط تتقدم به الولايات المتحدة لايمكن أن يكون إلا في خدمة إسرائيل والصهيونية . ليس هذا فحسب بل يجب أن تبقي قوى المقاومة نصب أعينها أن أي تهدئة للصراع في المنطقة لن تكون إلا تحضيرا لهجمة جديدة ومخطط جديد لتحقيق ماعجزت عن تحقيقه واشنطن وتل أبيب والرياض عبر مخططاتها السابقة .

ولا شك أن جميع القوى التي تتمحور في ظروف الصراع المحتدم تحت شعارات ” أولا “، هي قوى ” القبعات البيضاء ” .

فهي قوى مكلفة بالمساهمة في تحطيم الانتماء القومي للعرب والأمة العربية  ودفع الناس عبر التطبيل الخادع نحو الانكفاء داخليا تحت شعارات كاذبة على رأسها إعادة الاعمار .

يضحب الإيرانيون واللبنانيون والفلسطينيون واليمنيون والعراقيون ” قوى المقاومة “، من أجل دحر العدوان وأعداء الشعوب، وروسيا تدعم انطلاقا من هذا وانطلاقا من مبدأ هام هو أن مصلحتها الروسية تحتم عليها منع فرض الهيمنة الامبريالية على الشعوب المستضعفة وسرقة ثرواتها .

لاشك أن الرئيس بوتين يعي تماما ما تخطط له واشنطن، ويرى مدى خطورة الخط العدواني الفاشي الذي ينتهجه ترامب، ولاشك أنه سيتعامل بحكمة وهدوء مع هذا الرجل .

إن ثقة الشعوب العربية بروسيا وبالرئيس بوتين ثقة كبيرة جدا، وهي تشعر في كل لحظة أن مساندة روسيا لكفاح الجماهير العربية من أجل الحرية والتقدم والسلام.

علينا نحن قوى المقاومة أن نعرف وبشكل حاسم ومحسوم ولاتردد أو تلكؤ فيه بأن أمامنا خيار واحد هو التصدي لمخططات العدو، وتشديد المواجهة والنجاح في إلحاق الهزيمة به، المقاومة لاتتوقف مع خروج فلول الجيوش الإرهابية المهزومة فهي مأجورة ومرتزقة، وعلينا ألا نتوقع استسلامها بسهولة، هذه القوى المأجورة الكامنة والناشطة في بلداننا العربية تتلقى مساندة من أنظمة تسمى عربية لكنها في الواقع أنظمة تدين بالولاء لإسرائيل، وهزيمتها لاتأتي بإلحاق الهزيمة بالمرتزقة فقط بل برأس الأفعى في المنطقة المكون من إسرائيل وحلفائها القدامى الجدد .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/07/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد