التقارير

تقرير خاص: قمة #هلسنكي وملفات المنطقة.. لا مكان للضعفاء!!


مالك ضاهر..

ملفات كثيرة بحثتها قمة هلسنكي التي عقدت بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب في ظل تردي العلاقة بين أبرز قوتين في العالم نتيجة تراكم الأزمات المتفاقمة والمتنوعة من سوريا إلى أوكرانيا ومن شبه الجزيرة الكورية إلى القرم مرورا بالأداء الأمريكي السيئ عبر الخروج من العديد من الاتفاقات الدولية كالاتفاق النووي الإيراني واتفاقية باريس للمناخ وصولا للحرب التجارية والضريبية بين واشنطن وبكين وما سيكون لها من ارتدادات عالمية بالإضافة إلى محاولات التلاعب بأسعار النفط والغاز عبر الضغط على أنظمة عديدة بعضها في منطقة الخليج وعلى رأسها النظام السعودي، ناهيك عن مزاعم التدخل الروسي بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وعلى الرغم من التواصل الدائم بين الإدارتين الأمريكية والروسية إلا أن هذا اللقاء هو الأول والخاص لبحث معمق حول أبرز القضايا التي تهم الطرفين، وقد أكد ذلك كلا من ترامب وبوتين، وهما قد اتفقا على تحسين العلاقات الثنائية ووضع الحوار سبيلا لذلك ولحل كافة النقاط الخلافية القائمة، وقد اعترف ترامب في تغريدة له على توتير أن سبب سوء العلاقة بين بلاده وروسيا هو "التهور والحماقة الأمريكية والتحقيق حول تدخل روسيا بالانتخابات الأمريكية"، الأمر الذي وافقت عليه وزارة الخارجية الروسية في تغريدة مقابلة.

خطوة أولى..

ويمكن اعتبار قمة هلسنكي هي الخطوة الأولى لوضع العلاقة الأمريكية الروسية في عهدي ترامب وبوتين على السكة الصحيحة إما لإنهاء الخلافات عبر تسويات معينة في بعض الملفات أو عبر الاتفاق على إدارة الخلافات في الملفات التي لم تنضج الحلول فيها أو لا مصلحة متبادلة في حلها، وبالطبع فإن قمة على هذا المستوى لن تستطيع الخروج بحلول سحرية وفورية لكثير من الملفات التي يعتبر بعضها مستعصيا، لذلك ستكون هذه القمة اللبنة الأولى لوضع أسس الحلول المستقبلية والتي تحتاج إلى لقاءات أخرى(سواء بين ترامب وبوتين أو بين وفود مشتركة) للوصول إلى حلول في مختلف الملفات.

وبالتأكيد أن كل طرف سيعمل على التمسك قدر المستطاع بما يمكنه من أوراق قوة ولن يفرط بسهولة بكل ورقة يملكها، إلا أن المبادئ التي تحكم أي مفاوضات توجب التخلي في مكان ما عن بعض الأدوات والحلفاء والتنازل في بعض الساحات، ولذلك لن نجد أي طرف يترك الساحات التي له فيها اليد الطولى كما هو الحال لروسيا بخصوص الساحة السورية وإنما قد نرى التنازلات في الساحة الأضعف، ومن هنا يمكن فهم التقدم الكبير الذي يحققه المحور الروسي والنظام السوري وإيران والمقاومة على أرض سوريا خلال الفترة الماضية لأن التفاهمات الكبيرة باتت واضحة بحصول ترتيبات ما أفضت إلى رفع الغطاء الأمريكي عن الجماعات المسلحة التي كانت تشغل أمريكا وتدعم بالمال والسلاح من قبل بعض الأنظمة الخليجية وعلى رأسها النظامين السعودي والإماراتي.

لكن التساؤلات كيف ستنعكس أجواء قمة هلسنكي على مختلف ساحات المنطقة لا سيما في اليمن وفلسطين المحتلة؟ وكيف ستنعكس قمة بوتين – ترامب على الأوضاع الداخلية والسياسية في لبنان والعراق وأيضا في العلاقات بين أنظمة الخليج لا سيما في الأزمة الخليجية ومقاطعة المملكة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر؟ والأهم كيف ستنعكس هذه العلاقة على أي توتر محتمل في الخليج ومضيق هرمز وأثر ذلك على أسعار النفط مع ما له من تداعيات على الأوضاع الداخلية في دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على النفط؟ وأي مستقبل للاتفاق النووي الموقع مع إيران في ظل استمرار الخروج الأمريكي منه ووضع ذلك على بساط البحث الروسي الأمريكي وانعكاسه على المنطقة ككل؟

التمسك بالحلفاء أم التخلي عنهم؟

البعض يعتبر أن بوتين يتقدم على نظيره الأمريكي في العديد من الساحات نتيجة تفوق حلفاء روسيا فيها بينما حلفاء ترامب يعجزون عن تحقيق المطلوب منهم أو انجاز انتصارات سواء بالضربة الحاسمة أو بالنقاط، فحلفاء روسيا في إيران والعراق وسوريا ولبنان وغيرهم يسجلون النقاط تلو الأخرى في مرمى حلفاء أمريكا الذي يتواجهون معهم في أكثر من ساحة، فالحليف الأكبر والأقوى الذي يبحث دائما عن مصالحه المتنوعة يتمسك بالحلفاء الأقوياء الفاعلين الذين يساعدونه على تحقيق هذه المصالح، ولا مصلحة للحليف القوي في مساندة الضعفاء الذين ينتظرون دائما مساعدته ودعمه، وبالتالي فعند "ساعة الحقيقة" سيعمل الحليف الأكبر على التخلي عن الضعفاء العاجزون عن إعانة أنفسهم وإعانته في مختلف الملفات.

وبالتالي فبعض حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الذين يدفعون ثمن الحماية والجزية اليوم قد يجدون أنفسهم أمام مصيرهم المحتوم في يوم من الأيام عندما يبدأ زمن التسويات والبيع والشراء، والأمريكي هو أفضل من يلعب هذا الدور عندما يجد أن حليفه بات يشكل عليه عبئا ولا يقدم له أي مصلحة والأمثلة على ذلك كثيرة، لذلك فالأجدر بالأنظمة الخليجية وبالتحديد النظام السعودي التوقف عن الاعتماد على الحماية والدعم الأمريكي والسعي للاعتماد على الذات بدل الارتهان الدائم للغرب ونقل الثروات لصالحه في اعتقاد خاطئ أن هذا الغرب والإدارة الأمريكية سيسهلون وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وسيدعمون حكمه وجلوسه على كرسي الملك لعشرات السنوات القادمة، لأن الأمريكي لا يهمه الأفراد بقدر مصلحته وهو لن يتردد في بيع مستقبل ابن سلمان السياسي برمته عندما يدرك أنه بات لا يقدم المنافع المطلوبة منه، ومن هنا يمكن فهم كل هذه الهرولة إلى الحضن الأمريكي والإسرائيلي إلا أن ذلك لن ينفع في زمن المصالح والحسابات لأنهم سيعملون على سحب كل ثرواتنا ومن ثم يبيعون الحاكم كما فعلوا مع غيرهم.

أضيف بتاريخ :2018/07/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد