آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. شهاب المكاحله
عن الكاتب :
خبير في الشؤون الجيوإستراتيجية

ما هي المناسبة الأميركية التي سيلتقي فيها ترامب ببوتين في واشنطن؟


د. شهاب المكاحله

يتداول ناشطون هنا في العاصمة واشنطن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد طلب من مستشاره للأمن القومي جون بولتون دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى واشنطن في الخريف المقبل.

وحسب المعطيات هنا فإن فصل الخريف يعني مناسبتين رئيستين في الولايات المتحدة هما: الإثنين الأول من أكتوبر وهو ذكرى اكتشاف كريستوفر كولومبوس أميركا والمناسبة الثانية هي انتخابات النصف (Midterm) وتصادف 6 نوفمبر 2018. فإذا ما تأكدت الزيارة ستكون بين هذين التاريخين. ولكن لماذا تلك الدعوة للرئيس بوتين لزيارة واشنطن في الوقت الذي تهب فيه عاصفة هوجاء ضد القمة التي جمعت الرئيسين في فنلندا في 19 يوليو الجاري؟

  إن المتتبع للقمة السابقة يرى أن بوتين حقق أهدافه منها وكسر العزلة السياسية المفروضة على بلاده. ولكن تلك الدعوة لزيارة واشنطن ليست خالصة من أجل عيون بوتين بل من أجل عيون روسيا وإبعادها عن التنين الصيني بإغراءات اقتصادية.

فالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ترتبط ارتباطاً وثيقا بالعامل التكنولوجي والتجاري، مع قيام وزارة الخزانة الأميركية بإعداد قوانين تمنع الشركات الصينية من الاستثمار في الشركات الأميركية في مجال التكنولوجيا النوعية. وبالعودة إلى الوراء قليلاً، ففي وقت سابق من العام 2017 قال ستيف بانون، أحد كبار مستشاري ترامب السابقين،  إن بلاده مقبلة على حرب مع الصين في بحر الصين الجنوبي. إذ كشف أن “الحرب قادمة بلا شك”.

وألمح إلى دخول الولايات المتحدة في حرب مع الصين خلال الـ10 سنوات القادمة إضافة إلى حرب كبرى في الشرق الأوسط. وكان بانون قد وضع خطة استراتيجية تعتبر أن أكبر عدوين للولايات المتحدة هما الصين والإسلام.  فهل يسعى ترامب إلى فك الارتباط بين موسكو وبيجينغ من خلال تلك الدعوة للرئيس الروسي؟

الولايات المتحدة اليوم تعاني من مشكلة سقف الدين العام. ففي تحليل سابق نشرته مجلة “ناشونال انترست”، فإن واشنطن تقترب أكثر من الإفلاس التقني، مع ارتفاع عبء الفائدة الذي تتحمله الولايات المتحدة بعد أو وصل 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي العام 2022، سيصعد هذا المؤشر ليصل إلى 2.7 بالمائة.

وأضافت المجلة أنه ومع حلول 2022، سيبلغ هذا المؤشر أكثر من النسبة السابقة، ما يعني أنه في ظل سيطرة روسيا والصين على الاقتصاد الأميركي من خلال الاستثمار بالأوراق المالية الأميركية سيزيد من عبء الفائدة على المواطن الأميركي الذي سيضطر لدفع 20 بالمائة من دخله لتسديد الدين العام. والحل يكمن في تخفيض النفقات الإلزامية أو زيادة الإيرادات الضريبية والحلان مرفوضان من الحكومة. لذلك يبقى الخيار الأخير وهو عدم الاهتمام بالدين العام ما يعني زيادة العجز المالي ما سيدفع الولايات المتحدة إلى جدولة الدين العام بقروض من دول خليجية أو من ألمانيا واليابان والصين.

إذا فالعدو ليس روسيا بالنسبة للولايات المتحدة اليوم. فعلى الرغم من أن الكثيرين في الغرب يشيطنون روسيا ورئيسها، إلا أن الرئيس ترامب يتحدث بلغة الأرقام والمال والأعمال فيرى أن عدوه الحقيقي هو الصين التي تقوم اليوم ببناء جزر صناعية لإقامة قواعد صواريخ تستطيع الوصول إلى كافة أراضي الولايات المتحدة.

مشروع زيارة  بوتين لا يقصد منه التعبير عن حب الرئيس الأميركي بروسيا وبالرئيس الروسي بل للحصول على دعم روسي للسياسة الأميركية تجاه الصين أو بمعنى أصح تحجيم دور الصين بحيث لا تبني قوتها على حساب التجارة مع واشنطن. فالحرب لا تريدها واشنطن مع روسيا لأنها تعلم أن روسيا من الناحية العسكرية خصم عنيد قهر أعتى الغزاة من نابليون إلى هتلر ولكون روسيا لا تملك اقتصاداً منافساً للولايات المتحدة فلن تشن واشنطن  حربها ضد موسكو بل ستحاول التأثير على علاقتها بالصين.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/07/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد