آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

اعتراف الأمريكيين.. الشجرة التي تحجب الغابة!


د. نبيل نايلي

“بالتنسيق مع حكومة النيجر نشرت القيادة الأمريكية في أفريقيا معدات مخابرات ومراقبة وطائرات استطلاع بالفعل في النيجر”. متحدّث باسم القيادة الأمريكية في أفريقيا.

أخيرا أقرّ الجيش الأمريكي أنّ “قواته بدأت بنشر طائرات بدون طيار مسلّحة في النيجر بمنطقة غرب أفريقيا لمهاجمة متشدّدين إسلاميين.

طبعا لم يغفل متحدث القيادة الأمريكية في أفريقيا أن يوضح أن ذلك جاء بعد أن “منحت حكومة النيجر إذنها للقوات الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بتسليح طائراتها المسيرة بدون طيار”. ولكن هل تملك مثل هذه الحكومات حق الرفض؟

دون أن يشدّد على أن الطائرات الأمريكية بدون طيار كانت “تستخدم فقط في المراقبة”.

الوجود العسكري الأمريكي في النيجر توسع نطاقه خلال السنوات الأخيرة ليصل عدد أفراده هناك إلى 800 “يصاحبون” القوات النيجرية! الأمريكيون يقولون أنهم هناك من أجل “جمع المعلومات وغيرها من المهام”.. طبعا شماعة داعش والجماعات المتشدّدة التي تُزرع “تحت الطلب” وأين ومتى شاؤوا في منطقة الساحل بغرب أفريقيا أو غيرها لا تزال سارية المفعول والمسوّغ الرئيس للتغلغل أين ودّوا  ما دامت حربهم المستدامة على “إرهاب” مخلّق يضرب في الوقت والمكان اللذان يحدّدان.

لعلّ الكمين الذي نصبه أفراد تابعون لتنظيم “داعش” في غرب النيجر وأسفر عن مقتل أربعة جنود أمريكيين في أكتوبر تشرين الأول الماضي هو الذي كشف الطبخة وعجّل بالاعتراف الذي تأخر وأنكره من وصم ما قلناه سابقا بأضغاث أحلام نظرية المؤامرة حجة من أراد أن يسفّه الحقيقة!

في ظلّ التحلّل والتشظّي الأمني والكياني والسيادي اللّيبي والصومالي والمالي وتنامي قوة ”بعبع الإرهاب“ الذي يهندسون جيناته ويفرّخون تنظيماته، يستنسخونها إستئناسا بأطلس الموارد ومصادر الطاقة، وعملا بتعاليم الإستراتيجيات الكبرى، ضمانا للمصالح الحيوية، يوظّفونه متى شاؤوا، فزّاعة أو شمّاعة أو أداة أو ذريعة!

فبؤر التوتّر الكامنة والمستعرة، التي يديرونها ولا يعملون على حلّها، تُشكّل ورقات ضغط وابتزاز ومساومات سياسية وأمنية، لليّ ذراع من تُسوّل له نفسه التنصّل من التزامات الأنظمة المخلوعة، وفرض وصاية جديدة تضمن ما كان مُؤمّنا، وزيادة، وذلك عبر فخاخ المساعدات والقروض وبرامج الشراكة والتدريب والتأهيل وشعارات الدعم والتبنّي التي تخفي تسفيه استحقاقات الانتفاضات الشعبية!

من تغلغل في مالي يا سادة بإمكانه القيام بنفس الأعمال في بقية “دول” شمال أفريقيا والجيش الأمريكي وقيادته الأفريقية لا ينتشرون لشم الهواء الأفريقي!

قوات العمليات الخاصة الأمريكية تعتمد على طيارين في أفريقيا تبدو على ملامحهم “منتهى البراءة” يقودون طائرات بعضها طائرات عسكرية بطلاء مدنيّ، وبعضها الآخر طائرات مدنية تعمل بموجب عقد مع وزارة الدفاع الأمريكية! عقد وقّعته شركة “أي أي آر، AAR”، في ال6 من فيفري، ومنحت بموجبه وزارة الدفاع الأمريكية مبلغ 204 مليون دولار لمرتزقة بلاك ووتر، التي تغيّر ثوبها كالحرباء بتغير مسرح العمليات، “لدعم قوات  العمليات الخاصة، الأمريكية في أفريقيا، حتى جانفي 2018!

كلّ ذلك في سرّية وتكتّم شديدين ودون إثارة انتباه المتطفّلين.. في تأكيد على الشبكة المعقّدة من العلاقات التي أضحت الداعم الرسمي لحروب الظلّ التي تشنّها الإمبراطورية في كلّ من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وأفريقيا ولتقيم الدليل مجدّدا على العلاقات المشبوهة التي تربط هذه الشركة الأخطبوط ببعض الأثرياء والساسة الأمريكيين وذوي النفوذ!

لا يشفع، لمتعلّل أو متحجّج بـ”وضع إستثنائي”، السكوت على ما يجري وما يعدّ له إستراتيجيو ومخطّطو العسكرية الأمريكية، لأنّ تأجيل البتّ في مسائل بالغة الخطورة تتعلّق بأمننا القومي في لحظات التأسيس الأولى، لمن يعيشون لحظة “إنتشاء ثوري”، خيار المستجير من الرمضاء بالنار!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد