آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هشام الهبيشان
عن الكاتب :
كاتب وناشط سياسي – الأردن

الأردن… ماذا ننتظر لنعترف بحقيقة هذه الأزمات!؟


هشام الهبيشان

 لا اعتقد بل واجزم أن أغلب المسؤوليين الأردنيين على مختلف مستوياتهم يدركون لليوم حجم الإحباط والتحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الشباب الأردني بهذه المرحلة والتي أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، وهذه المسألة بالذات تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي لحكوماتنا ” الجليلة النزيهة الشريفة “، كما تتعلق ببناء الخطط التنفيذية لاحتواء الشباب الأردني، ليتخلص من التهميش الممارس عليه في كل ميادين الحياة ،وهذه الضغوط التي يتعرض لها الشباب الأردني اليوم لايمكن أبداً التنبؤ بنتائجها المستقبلية بحال انفجارها.

ولكن هل يعلم هؤلاء المسؤوليين، أن ظاهرة الإحباط والقبول به ،هي أخطر ما يمكن أن يواجهه أي مجتمع أو دولة ،وهذه الظاهرة بدأت اليوم تطغى على حال طيف واسع من المجتمع الأردني وأخص فئة الشباب منه، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية ، كنتيجة لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له طبقات مختلفة من المجتمع الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة تحديداً، إن طيف واسع من المجتمع الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب المجتمع الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها المجتمع الأردني هذه الأيام.

 المشكلة العصية عن الحلّ أن الكثير من مسؤوليينا بالأردن لايعترفون لليوم بحقيقة أزماتنا بالأردن ، مع العلم أن لدينا أزمات عديدة، ويجب أن نعترف بها اليوم قبل أن نسقط بمتاهات الفوضى،وأهم تحدي هو بأنّ لدينا غياب شبه كامل لمفاهيم الديموقراطية والحكم التشاركي الذي أساسهُ الشعب، المتزامن مع وجود سياسات الحكم البوليسي القمعي للرأي الآخر،والمتزامن هو الأخر مع سياسات الفساد والإقصاء والغياب الكامل لمفاهيم العدالة ،فنحن بالأردن جميع أزماتنا سببها سياسي بالدرجة الأولى ،وليس إقتصادياً كما يتحدث البعض، ومن ينظر لحال الشباب الأردني اليوم سيدرك أن أزمتنا أزمة سياسية ، فاليوم قد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الإحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف بين صفوف الشباب الأردني ، إضافة إلى أنتشار آفة المخدرات بشكلٍ كبير وملموس بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهرة باقي الظواهر .. عنف مجتمعي – عنف جامعي – ازدياد حالات الانتحار -الأزمات الأخلاقية و … ألخ، والتي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود إلى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.

ولليوم يتم التغافل من قبل حكوماتنا “الجليلة النزيهة الشريفة “عن محاكمة الفاسدين والمفسدين والمتورطين بقضايا عطاء المطار وأراضي معان وسكن كريم وشركات البوتاس والإتصالات وأمنية والفوسفات والكهرباء والأسمنت وميناء العقبة و أمانة عمان والبلديات والملكية الأردنية، وبيع مبنى مديرية التنمية الاجتماعية، وصفقات دبي كابيتال، وعطاء مصفاة البترول، وشركة توليد الكهرباء وكهرباء اربد، وفضائح الأستثمار وأراضي الديسي والجفر ، وحصص الحكومة من الأسهم في كل من بنك الأسكان وبنك القاهرة – عمّان ، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الإنماء الصناعي وأراضي الأغوار ، ومصنع رب البندورة في الأغوار، والألبان الأردنية والبتراء للنقل، والأجواخ الأردنية، والدباغة الأردنية والخزف الأردنية، والعربية الدولية للفنادق، والأردنية لتجهيز الدواجن ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الأردنية، والكازينو ومؤسسة سكة حديد العقبة، وقضايا المخدرات، والرشى، والعطاءات الحكومية،والفساد الإدراي ،والتنفيع ،واستغلال الوظيفة العامّة ، و… ألخ.

لليوم نحن بالأردن نعاني من القوانين الرجعية التي ضيقت على حرية الإعلام والإعلاميين والصحافة والصحفيين ،والعودة لهذه القوانين تؤكد بما لايقطع الشك إن أزمتنا بالأردن هي أزمة سياسية بالدرجة الأولى ،فاليوم نرى بشكل غير مسبوق تضييق كامل على حرية الإعلام ،وهناك عشرات القضايا المنظورة أمام القضاء و التي يحاكم بها إعلاميين وصحفيين اليوم بالمحاكم الأردنية،والهدف هو ترويع وترويض الإعلام ذو الرأي الأخر ،ولكن هل يعلم النظام الأردني وبعض الأجهزة الأمنية ،أن كثرة الضغط على حرية الإعلام ستولد الانفجار،وعندها لن يمكن بأي حال من الأحوال ،ضبط واقع الإعلام لا داخلياً ولاخارجياً ، وهذا مابدأت علامات ومؤشرات ظهوره الآن .

ولليوم ما زلنا نعاني في الأردن من أزمة قديمة جديدة مستعصية وهي أزمة “توريث كراسي الوزارات والمناصب العليا بالتقادم “، فازمة توريث كراسي الوزارات والمناصب العليا، أصبحت أزمة مستفحلة وعصية عن الحل ، فقد أصبحت بعض كراسي الوزارات والمناصب العليا هي كراسي متوارثة لأبناء بعض العائلات، فهؤلاء كما يعتقدون أنهم اغتصبوها وسلبوها عنوة، نتيجة لمفهومٍ خاطئ علق بأذهان هؤلاء، وهو إن المناصب تشريف وليست تكليف، فورّثها هؤلاء بكل سهولة وورّثوها لمن تبعهم ،وليستمر مسلسل “توريث الكراسي لأبناء بعض العائلات بالتقادم “، والخاسر الوحيد من كل هذا، هو المجتمع الأردني الذي نراهُ اليوم يتحملُ عبئ كل من أفسد وفسِد بهذه البلاد.

ختاماً ، يستحق اليوم أن نعترف أن الدولة الأردنية تعيش اليوم بكل مكوناتها بوضع خطير جداً وبظواهر لايمكن أن يسكت عنها ،ولا يمكن لأي حر وشريف أن يسكت عنها،لأن السكوت عنها بهذه المرحلة ، هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد