التقارير

تقرير خاص: انخفاض أسهم ’’#صفقة_القرن’’.. فشل أمريكي وتراجع سعودي


مالك ضاهر..

تلاشت كل الحماسة الأمريكية واختفت اندفاعة الرئيس دونالد ترامب باتجاه السعي للإعلان عن "صفقة القرن" التي حضّرت لها الإدارة الأمريكية بالتعاون مع اللوبيات الإسرائيلية والعديد من الأنظمة والقيادات العربية وبالتحديد الخليجية بغية المضي قدما لضرب وتصفية القضية الفلسطينية وجوهرها مدينة القدس المحتلة ومعها حقوق الشعب الفلسطيني وفي طليعتها حق العودة.

هذا الانخفاض في مستوى الحماس الأمريكي انعكس بشكل واضح على مواقف وحراك الأنظمة وقيادات الخليج، فقد انعكس سريعا على المواقف السعودية التي عبر عنها الملك سلمان بن عبد العزيز الذي نقل عنه قوله  إن "المملكة لن تقبل بأي خطة سلام تخفق في معالجة وضع الأراضي الفلسطينية وخاصة القدس الشرقية وحق العودة"، وتبع هذا الموقف ترويج سياسي وإعلامي سعودي للموقف الثابت للنظام في المملكة الرافض لتضييع حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات هناك وغيرها من العناوين البراقة، على الرغم من كل ما سبق من ترويج لولي العهد السعودي محمد بن سلمان أنه يسير مع أي مخطط أمريكي يهدف لإنهاء الصراع وتثبيت الحقوق الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وهو سبق أن أعلن عن "الحق الإسرائيلي" بإقامة كيانهم على أرض فلسطين خلال زيارته الشهيرة للولايات المتحدة الأمريكية.

تغير اللهجة السعودية.. وفشل تمرير الصفقة

فلماذا تغيرت اللهجة السعودية اليوم عما كانت عليه في السابق بخصوص صفقة القرن؟ هل المملكة السعودية فعلا ترفض السير بمثل هذه المؤامرات الهادفة لضرب الأمة في الصميم أم أن الأمر هو تبعية مطلقة للإدارة الأمريكية؟ وهل هناك سحب لهذا الملف الحساس من يد ولي العهد السعودي أم أن الأمر مجرد تبادل للأدوار بينه وبين والده في إطار تغيير المواقف الأمريكية المعلنة؟ هل تأثرت فعلا صلاحيات ابن سلمان أم أنه تغيير تكتيكي ليس أكثر بينما المملكة مستمرة في السير بشكل أعمى بالركب الأمريكي لتحقيق الأحلام والمصالح الإسرائيلية في المنطقة وبالتحديد في الأراضي المحتلة؟

الواقع أن ترامب كان وسيبقى صهيونيا حتى النخاع(ومن خلفه الإدارة الأمريكية الحالية وكل الإدارات السابقة واللاحقة) ولن يتردد من تحقيق مصالح الكيان الإسرائيلي وإلزام أنظمة الخليج وعلى رأسها النظام السعودي تنفيذ كل ما يتطلبه هذا الأمر، إلا أن ترامب شعر بشكل ملموس استحالة تنفيذ صفقة القرن الآن وفي ظل الظروف القائمة في المنطقة وبالتحديد في فلسطين، لا سيما من خلال المواقف التي أعلنت عنها كل الفصائل والقوى الفلسطينية على اختلافها.

وبالسياق، قالت مصادر متابعة لهذا الملف إن "الإدارة الأمريكية ومعها أنظمة الخليج لم تجد فصيل فلسطيني واحد يسير معها في صفقة القرن والعمل لتمريرها ولإعطائها الشرعية المزعومة التي تسعى لها إسرائيل"، ولفتت إلى أنه "لا يمكن لأي فصيل فلسطيني أو مسؤول أيا كان تحمل هذه المسؤولية التاريخية للتآمر على القدس والقضية الأم على الرغم من كل الأخطاء والهفوات والممارسات التي ترصد لبعض الجهات الفلسطينية".

وأوضحت المصادر أنه "في التفاصيل السياسية الفلسطينية قد يحصل بعض الخلافات والتباينات، إلا أنه في سياق القضية الأساس لم تجد أمريكا والسعودية أي طرف يبيع القضية لأن الشعب الفلسطيني لا يسامح بتجاوز الخطوط الحمر في هذا الأمر وبالتالي فإن أي طرف سيخطئ بالحساب سيدفع الثمن غاليا من رصيده السياسي لذلك لم يجرؤ أي أحد على القبول بمغامرة صفقة القرن".

محاولة استثمار.. وتلاشي أحلام البعض

وانطلاقا من ذلك خرجت بعض الأصوات التي تتحدث عن تأجيل صفقة القرن وليس إلغاءها، وذلك لأسباب ظرفية لها علاقة بالداخل الأمريكي بينما الواقع أصعب وأعقد من ذلك، ما دفع بالسعوديين للبحث عن مخارج تساعدهم على الاستثمار في السياسة بالقول إنهم ضد هذه الصفقة ولا يقبلون بالتلاعب بالقضية الفلسطينية، بما يساعدهم على رفع رصيدهم الذي بات بأدنى مستوياته على الصعيد الفلسطيني خاصة شعبيا ولدى الغالبية العظمى من الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية.

واللافت أن المملكة السعودية اعتمدت اليوم أسلوبا جديدا بخصوص نفي علاقتها بصفقة القرن، حيث خرج الملك سلمان وأطلق مواقف لها علاقة بالموضوع، فيما المعروف أن السعوديين لا يتكلمون بمثل هذه المسائل وهم طالما التزموا الصمت طوال الفترة السابقة التي وجهت إليهم التهم الصريحة والواضحة وقُدمت الأدلة المتنوعة على قبولها بها وتقديم التزامات بشأنها، فلماذا اليوم وجدنا صوتا يخرج ليبرر ويستغل ما يجري في السياسية بينما عندما كانت الصفقة على خط التنفيذ لم نسمع أي نفي أو اعتراض؟

يبقى أن ما جرى هو درس جديد يجب التعلم منه من عدة نواحي بينها أنه ليس كل شيء يقاس بالسلطة والمال والتجبر لأن الفلسطينيين العزل الذين قدموا الشهداء والجرحى خلال فعاليات مسيرات العودة المتواصلة، استطاعوا أن يفرضوا على قياداتهم الالتزام بقضيتهم وعدم الارتهان للخارج أيا كان، وبالتالي علينا التعلم منهم عدم الارتهان لأحد وبالتحديد للإدارة الأمريكية التي تتلاعب بأنظمتنا وسياسيينا بحسب مصلحتها ومصلحة حليفها الوحيد والحقيقي في المنطقة أي الكيان الإسرائيلي.

وهنا لا بد من التأكيد أن الإدارة الأمريكية لن تتردد في تغيير مواقفها وخططها بحسب ما تراه مناسبا لها ولو أدى ذلك إلى الإطاحة بأحلام ومخططات بعض القيادات السعودية وإظهار عجز وفشل ولي العهد الذي يراهن كثيرا على الدعم الخارجي لتثبيت حكمه وتكريسه ملكا في المملكة السعودية لعشرات السنوات، وبالتالي لا يجب الرهان إلا على الشعب والقدرات الذاتية والوطنية لأنها وحدها ستكون الرافعة لأي ملك أو أمير أو حاكم في زمن التسويات وفي زمن البيع والشراء الذي تتقنه جيدا الإدارة الأمريكية.

أضيف بتاريخ :2018/08/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد