آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد حسن البحراني
عن الكاتب :
أحد أبرز الإعلاميين العراقيين ؛ عمل في العديد من وسائل الإعلام العربية منذ عام 1982 وحتى الآن. استقال من إدارة مكتب قناة الجزيرة في طهران عام 2011 بعد أن بدأ العمل معها عام 1998 في طهران و بعد الاستقالة تولَّی مسؤولیة الإشراف علی قسم المراسلین في قناة العالم حتى أواخر 2014 . يعمل الآن مدیراً لمکتب قناة المیادین في إیران.

حيدر العبادي: سنلتزم بالعقوبات الأمريكية الظالمة ضد إيران! هل ضاعت البوصلة في العراق؟

 

محمد حسن البحراني

مرة أخرى يعزز رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي القناعة لدى الكثير من المراقبين الذين أحسنوا الظن به قبل أربع سنوات أن نقطة ضعفه الرئيسة تكمن في إضاعته للفرص الذهبية التي كان بإمكانه استثمارها لصالحه وصالح العراق لكنه لم يفعل، فضلا عن افتقاده للشجاعة المطلوبة في الظروف الحركة، وعندما يتطلب الأمر منه ذلك ..

ولكي لانبخس الرجل حقه ينبغي أن نؤشر أولا على ما تحقق في عهده من نجاحات وإنجازات في مجال مكافحة الإرهاب وإجهاض مشروع تقسيم العراق وانفصال كردستان واستعادة كركوك ومساعيه في فك عزلة العراق عن محيطه العربي والإقليمي .. نجاحات لم تكن لتتحقق بطبيعة الحال لولا التقاء جملة من العوامل الداخلية والخارجية أبرزها شخصية العبادي نفسها القادرة على التعامل مع إرادات ومصالح قوى إقليمية ودولية متناقضة ..

ولأن قدر العراق هو انه كان وسيكون بلدا كبير الأهمية لاعتبارات معروفة فإن المواقف المتوقعة منه دائما هي أن يكون بمستوى تاريخه وحاضره ومستقبله المطلوب، لكن الواضح أن العبادي بمسؤوليته الحالية التي لايزال مكلفا بها كرئيس للوزراء لم يعي للأسف الشديد اللحظة الراهنة بماتحمله من استحقاقات حساسة وخطيرة كما ينبغي ..

العبادي في مؤتمره الأسبوعي الأخير أقر أن العقوبات الأمريكية ضد إيران عقوبات غير صحيحة بل أنه وصفها بالظالمة، لكنه مع ذلك يقرر الالتزام بها حرصا على مصلحة العراقيين !! وهنا لابد من تسجيل ثلاث ملاحظات أساسية على قرار رئيس الوزراء العراقي ..

الأولى أن هكذا قرار يمس علاقات العراق الخارجية بالصميم حيث يتعلق الأمر ببلد كبير جار ومسلم كإيران لايمكن أن يتخذه رئيس الوزراء لوحده وبجرة قلم دون الرجوع لرأي البرلمان ومجلس الأمن الوطني أو شركائه في العملية السياسية على الأقل ..

الثانية .. كان بإمكان رئيس الوزراء تخلصا من حرج الضغوط والطلبات الأمريكية وهي ضغوط وطلبات مؤكدة أن يترك الأمر معلقا دون إلزام نفسه بموقف معلن سيلحق ضررا حتميا بإيران، وتأجيل اتخاذ هكذا قرار للحكومة والبرلمان المقبلين مع إفهام الجانب الأمريكي أن الأمر خارج صلاحياته الدستورية ..

إما الملاحظة الثالثة والاهم، وعلى أساس قاعدة  التزاحم، كان مطلوبا من العبادي في حال تخييره، مع من يقف في المواجهة القائمة وصراع الإرادات بين طهران وواشنطن أن يختار الوقوف إلى جانب المظلوم وليس الظالم لأن من فرض هذه “العقوبات الظالمة” وفقا لتعبيره هي الإدارة الأمريكية ..

كان بإمكان رئيس الوزراء العراقي لو أراد ضمان المصالح العراقية اللعب على حبال التناقضات الدولية والاحتماء بمواقف قوى كبرى كروسيا والصين وبلدان الاتحاد الأوروبي قاطبة فضلا عن تركيا والهند وباكستان وبلدان أخرى عديدة أعلنت بوضوح وقوفها مع إيران بعد أن اعتبرت العقوبات الأمريكية كلها أحادية الجانب وغير قانونية لأنها لم تشرع من مجلس الأمن الدولي، لكنه للأسف لم يتبنى الموقف المتوازن الذي يراعي طرفي الصراع كما كان يحاول في حالات سابقة  ..

لم يكن يخطر ببال أحد أن مسؤولا قياديا منتميا لمدرسة جهادية وإسلامية عريقة قاتلت الظلم والدكتاتورية لأربع عقود متتالية يحكم العراق حاليا يمكن أن يضيع  بوصلته بهذه السرعة، أو  يبدو مستعدا للإنزلاق بهذه الدرجة الحادة من خلال الانحياز الواضح لصالح أطماع وطموحات عير مشروعة لحاكم معتوه كترامب  على حساب مصالح شعب جار ومسلم بذريعة الحرص على مصالح العراقيين  ..

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد