آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. أحمد القطامين
عن الكاتب :
خبير التخطيط الإستراتيجي من الأردن

المشهد الاستراتيجي في المنطقة: المخطط والمآلات المحتملة

 

أ.د. أحمد القطامين

سنوات سبع عجاف مرت منذ انطلاقة حراكات الربيع العربي التي جاءت كنتيجة طبيعية لانسداد الأفق السياسي وتحطم كل محاولات “حلحلة” الواقع السياسي والاجتماعي الذي فرضته أنظمة الحكم على شعوب المنطقة، ومن ثم حدثت الثورات المضادة التي جاءت لوضع حد لتلك الحراكات وإعادة هندسة المنطقة بما يضمن الإبقاء على الأوضاع السائدة قبل عام 2011 إضافة إلى تهيئة المنطقة لمرحلة جديدة من السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها والتي بالضرورة تتلخص جميعها فيما يعرف الآن بصفقة القرن.

لانجاز تلك الغاية، قامت أمريكا باستخدام اذرعها الإستراتيجية في المنطقة في المرحلة التمهيدية التي تضمنت إسقاط الدولة في سوريا وتقسيمها ومحاصرة حزب الله في لبنان وتوجيه ضربة قاضية لقوته الأساسية التي تنامت بطريقة واسعة للغاية وأصبحت بارتباطاتها الإيرانية تشكل حالة تمنع المخطط من السير إلى مبتغاه بالسرعة والدقة المخطط لهما.

لكن حركة الإحداث في المنطقة والتداخلات الإستراتيجية فيها  والدور الروسي العميق والمؤثر جدا منعا المخطط من أن ينفذ حسبما خطط له على الأقل لغاية الآن. رافق ذلك اهتزازات قوية في البعد التمويلي للمخطط (وهو بعد بالغ الأهمية لإحراز النجاح) بسبب الفوضى العارمة التي اجتاحت منطقة الخليج الناتجة عن تعثر الحرب على اليمن وفشلها في تحقيق أي هدف من أهدافها المعلنة وغير المعلنة وفشل عملية حصار دولة قطر في إسقاط النظام السياسي فيها وهو حصار كان يهدف إلى خلق نموذج لكيفية التعامل مع أية دولة قد تشكل خروجا عن سلطة اتخاذ القرار في منطقة الخليج، إضافة إلى الهزات الارتدادية العنيفة التي نتجت عن محاولات التغيير الاجتماعي والسياسي غير المدروس جيدا في السعودية.

هذا المشهد أنتج مجموعة من الحالات التي من المتوقع أن تطبع مسارات الإحداث في الأسابيع والأشهر المتبقية من عام 2018. من أهم هذه النتائج استعادة الدولة السورية لزمام الأمور بشكل كامل، وكان استعادة الجنوبي السوري حدثا بارزا في هذا السياق بالرغم من تواجد قوى كبيرة ومؤثرة في هذه المنطقة إلا أن الجيش السوري بدعم سياسي (مصالحات) وجوي روسي واسع النطاق تمكن بسرعة قياسية من استعادة المحافظات الثلاثة الأساسية (السويداء ودرعا والقنيطرة) التي تشكل الجنوب السوري.. وكانت تلك نقطة تحول إستراتيجية كبيرة في الصراع. عندها تبين أن المخطط الأمريكي في المنطقة قد فقد واحدة من اخطر عوامل نجاحه، بعد أن فقد ورقة أخرى مهمة للغاية عندما استعاد الجيش السوري منطقة الغوطة الدمشقية قبل أن يتوجه جنوبا.

خلاصة الحديث، أن فشل الفوضى التي دبرت  لسوريا والى حد ما لمصر بالرغم من محاولات نقلها إلى إيران حاليا وتعاظم الفوضى التي حدثت في إطار المعادلة الاستراتيجية في منطقة الخليج جميعها اتجهت باتجاه إنتاج سلسلة من الأحداث الكبيرة  التي تعمل بقوانينها الذاتية الخاصة بها خارج إطار المخطط، مما يعني أن المنطقة ستكون خلال عام 2019 أمام حالة جديدة تسود فيها أحداث تاريخية كبرى ستغير المعادلات السائدة تغييرا عميقا وجوهريا..

ولنا حديث تفصيلي آخر لاحقا..
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد