آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
كمال خلف
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب فلسطيني

الأبواب المفتوحة والمغلقة بين الرياض ودمشق


كمال خلف

البيان الذي صدر عن الخارجية السورية أمس والذي يدين تقديم السعودية مئة مليون دولار للتحالف الأمريكي واعتباره يأتي في إطار انصياع الرياض للإدارة الأمريكية وهو دعم غير مقبول أخلاقيا ويأتي في إطار إطالة أمد الأزمة ، بيان لافت في توقيته ، فالقيادة السورية اتهمت الرياض منذ الأيام الأولى للأزمة السورية قبل أكثر من سبعة أعوام بدفع مبالغ طائلة في الحرب عليها، والرياض سلحت ومولت وأشرفت مباشرة على عمل العديد من الفصائل المسلحة في سوريا، بل بالاعتراف النادر لرئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في لقائه مع التلفزيون القطري يثبت أن الرياض استلمت دفة الحملة لإسقاط النظام في سوريا محل قطر بالتنسيق الكامل مع واشنطن .

فلماذا هذه الإدانة  السورية في بيان رسمي لمبلغ يعتبر تافها مقارنة بما دفعته السعودية بهدف إسقاط النظام في دمشق بالقوة ،  تقدمه السعودية اليوم  لواشنطن و قامت الأخيرة بصرفه على مشروعات وعتاد لصالح قوات سوريا الديمقراطية “قسد ” ومجلسها المحلي في الرقة وربما الرياض لا تعرف لصالح من صرف ؟! .

 الجواب  هو أن دمشق تفاجأت بإعلان واشنطن أن الرياض دفعت هذا المبلغ في سوريا في هذا التوقيت ، أي أن واشنطن كشفت المستور .  فهل تعهدت الرياض لدمشق بأنها توقفت عن دفع قرشا واحدا داخل الأراضي السورية لزعزعة استقرار حكومتنا ؟؟؟ ربما !  وهل واشنطن تعلم وتعمدت ذلك ، لا أعرف .

عندما نقلت هذا الاستغراب لدبلوماسي سوري رفيع المستوى ومخضرم جاء الجواب حرفيا
” البيان السوري يأتي تعبيراً عن اليأس في دمشق من إمكانية جرّ السعودية إلى جادة الصواب لاسيما وان حلفائنا الروس يبذلون جهوداً محمودة في هذا الصدد لم يتمكنوا من ترجمتها بشكل مثمر وبناء ” .

 إذا كنا نريد أن نعيد صياغة كلام الدبلوماسي محدثنا فإننا يمكن أن نقول .. أن روسيا تعلب دورا وسيطا بين دمشق والرياض ، وأن دمشق صدرت بيانا بعد أن علمت أن الرياض دفعت هذا المبلغ داخل سوريا ، لترسل خلاله رسالة  إلى السعودية بأنها لا تعبر عن نوايا صادقة ، ولا تلتزم بمسار تحسين العلاقات. وهذا يقودنا إلى معلومات سابقة كنا نشرناها في هذه الصحفية عن خطوط اتصال فتحت بين العاصمتين.

ما سمعته من مصادر مطلعة جدا أمس بأن هناك أجواء تصعيد أمريكي – أوروبي- سعودي تلوح في الأفق  مع اقتراب استحقاقات سياسية هامة مثل جهود إعادة المهجرين السوريين من الدول المجاورة ، وتشكيل اللجنة الدستورية . أول أمس صدر كلام ارتكاسي في واشنطن عن الوزير بومبيو بعد لقائه ديمستورا . وأمس  صدر بيان رسمي عن الخارجية الأمريكية يؤكد أن واشنطن لن تنسحب من سوريا حتى ” القضاء على داعش وبدء العملية السياسية” وانسحاب القوات الإيرانية وحلفائها منها ، وحتى موغيريني صرحت قبل أيام بشئ مشابه.

عينت واشنطن مسؤولاً خاصاً لمتابعة الشؤون السورية وآخر لمتابعة الشؤون الإيرانية  على أن يكونا مرتبطين بالوزير بومبيو مباشرة…

السعودية تتعرض لاستعباط أمريكي متواصل . وزير الخارجية مايك بومبيو، قرر تعليق صرف المبلغ، الذي كان مخصصًا لإعادة الاستقرار في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي، وتوجيهه إلى أهداف أخرى لم يتم تحديدها .  100 مليون منها دفعتها السعودية و50 مليون من الإمارات . سياسية حلب البقرة مستمرة ، والرياض لن تفتح فمها وتسأل أين صرفتم المال ، لأنها خارجه للتو من مجزرة أطفال مروعة في صعدة ، وتحتاج إلى الغطاء الأمريكي للإفلات من موجة السخط للمنظمات الدولية ، والاستمرار في الحرب هناك .

وهي بحاجة للضغط الأمريكي المتواصل على إيران ، التي أصبحت فزاعة دونالد ترامب لتشليح دول الخليج المزيد من المال ، وليس بوسعهم فعل شيء إلا الدفع والمزيد من الدفع .

وفي سوريا ستميل الرياض مع الريح الأمريكية تصعديا أو تفاهما أو اتفاق . ولن تخط لنفسها مسارا خاصا في العلاقة وان فتحت أبواب سرية أو علنية ، و أغلقت أخرى .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد