آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

مصير العبادي يحسمه الصراع الأميركي – الإيراني.. هل تتكرر تجربة 2010 التي أطاحت بعلاوي؟

 

صالح القزويني

عندما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي وإلغاء تمديد قرار تجميد العقوبات على إيران في 8 أيار الماضي والذي اتخذه سلفه باراك أوباما بعد توقيع بلاده على الاتفاق النووي في 2015؛ فانه بذلك بدأ بشكل عملي بتنفيذ الخطوات العدوانية ضد إيران.

من الطبيعي أن طهران لا تقف مكتوفة اليدين تجاه العدوان الأميركي بل تبذل ما في وسعها لاحتواء تأثير قرار ترامب الذي أردفه بعقوبات جديدة على إيران، لذلك أقدمت على العديد من الخطوات، ففيما يتعلق بالداخل الإيراني قامت بعدة خطوات خاصة على الصعيد الاقتصادي لمنع تأثير العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني.

أما على الصعيد الدولي فقد جابت الوفود الإيرانية عشرات الدول من أجل إقناعها بعدم تطبيق العقوبات الأميركية، وفي نفس الوقت تنبيهها إلى المخاطر المترتبة على تصعيد واشنطن وتيرة التوتر مع طهران وانعكاس هذا التوتر على المنطقة والعالم خاصة إذا قررت واشنطن تصعيد التوتر إلى ارفع مستوياته وهو إعلان الحرب على إيران.

ولعل تصريح الرئيس الإيراني بشأن مضيق هرمز والتهديدات التي أطلقها قائد فيلق القدس لحرس الثورة قاسم سليماني وكذلك المناورة البحرية التي أجراها حرس الثورة في مضيق هرمز؛ كلها رسائل ترمي إلى تنبيه ترامب والمنطقة والعالم بخطورة التصعيد ضد إيران.

من الأوراق التي تستخدمها إيران لإرغام ترامب على التراجع عن قراره وإبعاد تأثيرات العقوبات على إيران، هي ورقة نفوذها الإقليمي والدولي، لذلك لا نستغرب إذا قال أحد الإيرانيين، لقد احترقت إسرائيل في اليوم التالي الذي ألغى فيه ترامب الاتفاق النووي، في إشارة منه إلى تصاعد التوتر بين الفلسطينيين وإسرائيل خاصة على السياج العازل بين غزة والقوات الإسرائيلية.

ما يجري في الوقت الراهن في العراق ليس بعيدا عن الصراع الأميركي – الإيراني، وتنافس القوى العراقية على تشكيل الكتلة البرلمانية التي يسمح لها بتسمية رئيس الوزراء تجلّ واضح لصراع محتدم انطلقت الشرارة الأولى له قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبالتحديد عندما وظفت الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة إمكانياتها لحسر النفوذ الإيراني في العراق فكان رهانها الأول هو رئيس الحكومة حيدر العبادي.

وقد أتت الجهود الأميركية وبعض دول المنطقة أكلها عندما حقق تحالف النصر الذي يقوده العبادي انتصارا باهرا في الانتخابات، كما حقق تحالف سائرون الذي يقوده السيد مقتدى الصدر الذي تقرب في الآونة الأخيرة بشكل كبير للسعودية انتصارا مشابها لانتصار النصر.

ربما ماكانت طهران لتشعر بتوجس من نتائج الانتخابات العراقية وخاصة انتصار العبادي لو لم يقرر ترامب بإلغاء الاتفاق النووي، بل أن التصريحات التي أدلى بها العبادي تجاه العقوبات الأميركية ضد إيران وتأكيده بأنه سيلتزم بها زاد من توجسات إيران وأصدقائها في العراق.
المراقبون السياسيون استغربوا من الموقف الذي اتخذه العبادي تجاه العقوبات الأميركية ضد إيران، ففي الوقت الذي أعلنت فيه الكثير من دول العالم رفضها لقرار ترامب والتقيد بالعقوبات، اعتبروا أن هذا الموقف لم يكن وليد صدفة أو صدر بشكل عفوي خاصة وأن المعروف عن العبادي حصافته واتزانه السياسي، مما يشير إلى أنه تعمد في الإعلان عن هذا الموقف.

بما أن العبادي يحظى بدعم الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة فأن موقفه يمثل دعوة علنية من داعميه لإيران للمنازلة السياسية، وسيكون المستهدف في هذه المنازلة هم أصدقاء إيران في العراق، ومع أنه من السابق لأوانه التكهن بنتيجة هذه المنازلة، فما لم يتم الإعلان عن الكتلة البرلمانية الأكبر فمن الصعب التكهن بمستقبل أي حزب وائتلاف فما بالك بمستقبل الأشخاص.

وتشير بعض التسريبات الإعلامية إلى تشظي تحالف النصر الذي يقوده العبادي، وانسحب بعض النواب من القائمة إلى سائر التحالفات، ولو صحت هذه التسريبات فان ذلك سيضعف موقف العبادي.

يبدو أن الوضع السياسي وتسمية رئيس الوزراء يتجه نحو تكرار تجربة 2010 حينما اصطفت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى جانب أياد علاوي واصطف أصدقاء إيران إلى جانب نوري المالكي وفي نهاية المطاف تغلب أصدقاء إيران على أصدقاء أميركا.

من المهم لدى إيران أن تسجل نقطة على الولايات المتحدة لتثبت لها أنها ربما تستطيع محاصرتها اقتصاديا وتأليب بعض الدول عليها ولكنها أيضا قادرة على توجيه ضربات لها ولمصالحها، لعل ترامب يصل إلى ذات القناعة التي وصل أوباما إليها وهي انه ليس بوسعه الاستمرار في منازلة إيران، وذلك عندما كرر العبارة التالية “لو كان باستطاعتي تفكيك البرنامج النووي الإيراني لكنت قد فككته”.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد