آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

جريمة اليمن المسكوت عنها.. مُقايضة المصلحة بالمبدأ!


د. نبيل نايلي

”الوضع كان معقّدا للغاية. المعضلة التي واجهتها الحكومة كانت إمّا قطع علاقاتها التجارية والاقتصادية والسياسية مع السعودية، أو تنفيذ عقد وقّعته الحكومة السابقة معها. الحكومة كانت ستخاطر بخلق صورة تفيد بأنها تعيد النظر بكامل علاقتها بالسعودية حال عدم تسليم القنابل.” الرئيس الإسباني بيدرو سانشيز.

ألغى الرئيس الإسباني بيدرو سانشيز، Pedro Sanchez، صفقة بيع 400 صاروخ موجّه باللّيزر للسعودية لأسباب إنسانية (علما أنّ قيمة عقد القذائف هذا بلغت  9.2 مليون يورو أي ما يعادل 10.7 مليون دولار). ثم تراجع صاغرا عن هذا القرار ليرضخ وينفّذ ما جاء بالصفقة بعد أن هدّد السعوديون بإلغاء عقدهم لشراء 5 سفن “كورفيت، Corvette” كانت ستبنيها شركة “نافانتيا، Navantia ” خلال السنوات القليلة المقبلة، بقيمة 1.8 مليار يورو أي 2.1 مليار دولار) ، وتوفّر مواطن شغل لحوالى 6000 عامل بناء السفن في واحدة من المناطق الأكثر تضرّرا اقتصاديا في إسبانيا هي مقاطعة كاديز، .Cadiz

حافظ بذلك الرئيس الإسباني على فرص شغل هؤلاء العمّال، ووفّر سانشيز – في نهاية المطاف- القنابل الموجّهة، ذات القنابل التي ستفتك بالمزيد من أرواح اليمنيين وتقتل العديد من الأطفال وتعمّق من حالة البؤس الذي لا توصف في هذا البلد المفقّر الذي يحتلّ موقعًا استراتيجيًا.

إنّ السفن الحربية التي تصنعها إسبانيا للسعودية لن تجلب إلى العالم السلام، بالتأكيد؛ صحيح أنّه قد توفّر نعم  فرص عمل لعمّال أحواض السفن الإسبانية، لكن، سيد سانشيز، أين كانت هبّتك الأخلاقية هذه؟ وأين كان إحساسك بحقوق الإنسان؟

ألم أكثر أخلاقية مساعدة العمال الإسبان في عثورهم على وظائف بديلة؟ ومنحهم جراية بطالة معقولة؟ ومشرّفة ما دام سبب بطالتهم مشرّفا؟

قمة العار أن تزعم وزيرة الدفاع الإسبانية، مارجريتا روبلز، Margarita Robles، أنّه “على السعوديين وحدهم ضمان عدم استخدام الصواريخ ضد اليمنيين”. أيّ هراء هذا؟ هل يستغبي مثل هذا الادعاء الشعب الإسباني أم نحن؟

ستساهم هذه القنابل  وبشكل كبير في حصد عشرات الآلاف من الضحايا اليمنيين أطفالا ونساءا. ثم إن تسليمها سيشكّل اعترافًا ضمنيًا بأنّ السعودية، وبدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تمنع الإمدادات الغذائية والطبية الحيوية من دخول اليمن، ليتضوّر اليمنيون بالملايين جوعًا. والأرجح أنّ هذه السفن ستخلق في اليمن أو في أماكن أخرى معاناة إنسانية أسوأ.

سيد سانشيز، كان يمكنك الحصول على سبب قانوني لعدم بيع هذه الأسلحة القاتلة والمدمّرة، والسفن الحربية. فالدستور الإسباني، مثله مثل دساتير معظم الدول الأوروبية، يحظر بيع الأسلحة لدول أخرى “عندما تكون هناك دلائل على أن هذه الأسلحة يمكن استخدامها ضد حياة وكرامة شعوب أخرى”. ثم إنّ الموقف المشترك للاتحاد الأوروبي يصرّ وبشدة على أن أعضاءها “يمتنعون عن بيع الأسلحة حين يكون هناك خطر من استخدامها انتهاكا لحقوق الإنسان”.

كان بإمكانك أن تُغمض عينيك ليلا فلا تقضّ مضجعك أنّات أطفال اليمن! لكنّك أضعت الفرصة وغلّبت مصلحة إسبانيا الاقتصادية على المبادئ والأخلاق..

من قال أن مثل هذه الصفقات تتضمّن بنودها قيما ومبادئ؟؟!!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/09/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد