آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد حمية
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة البناء اللبنانية

هل يفتح لبنان «المعابر السياسية» لإنقاذ الاقتصاد؟


محمد حمية

لم يُخفِ القرار السوري الأردني بفتح معبر جابر نصيب الحدودي التأييد الدولي والموافقة العربية ولو بالإكراه على فتح المعابر الإقليمية: اللبنانية – السورية الأردنية واللبنانية – السورية – العراقية. وهذا إن دل على شيء فعلى أن المنطقة تنحو باتجاه الاستقرار السياسي والاقتصادي.

وإذا كان فتح معبر «البوكمال» الحدودي بين سورية والعراق ينتظر المفاوضات العراقية – السورية التي دخلت مراحلها الأخيرة بحسب المعلومات، وما زيارة وزير الخارجية العراقية إلى لبنان إلا مؤشر على ذلك، فإن المعبر الرئيسي بين دمشق وعمان وبيروت جابر نصيب العبودية، وُضِع في الخدمة الفعلية بعد مفاوضات مكوكية بين الحكومتين السورية والأردنية خلال الأسابيع القليلة الماضية لم تكن رئاسة الجمهورية اللبنانية بعيدة عنها. كما أن المباحثات بين الأمن العام اللبناني والسلطات السورية انتهت بقبول سورية لعبور البضائع اللبنانية عبر حدودها إلى الدول العربية. فكما كان إغلاق الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة المعابر العسكرية والأمنية على الحدود الشمالية والشرقية للبنان أمام الإرهاب، فلِمعبر نصيب جابر علاقة مباشرة باستقرار لبنان الاقتصادي، إذ تكفي الإشارة إلى عبور نحو 6000 شاحنة لبنانية يومياً من هذا الممرّ قبل إقفاله، أما الآن بحسب المعلومات سيصبح 10 آلاف شاحنة.

فهل شكلت إعادة تفعيل هذه النافذة الاقتصادية الثلاثية في الإقليم هزيمة للمنطق اللبناني الذي كان يرفض فتح الحدود بين لبنان وسورية؟ وهل يستمرّ أصحاب هذا المنطق بتعطيل استكمال الانفتاح على سورية اعتقاداً منهم أن مصلحة ولاءاتهم الإقليمية أهم من مصلحة المواطن اللبناني، ولماذا فتح الحدود نعمة على لبنان؟

فلبنان أمام خطر انهيار اقتصادي وشيك أحد أسبابه الرئيسية إقفال الحدود مع سورية منذ خمس سنوات وتعطيل حركة السياحة والازدهار وحركة العلاقات المصرفية بين لبنان والعالم العربي بسبب تأييد فئات لبنانية سياسية ودينية للمجموعات الإرهابية التي وسعت انتشارها في العراق وسورية إلى جانب أزمة النزوح السورية ما أدّى إلى انهيار الطبقة الوسطى اللبنانية أما الطبقة التي كانت على شفير الفقر تحولت مُعدمة. فما مدى تأثير هذه الخطوة على واقع الاقتصاد؟ وهل ينجح لبنان بشق الممرات السياسية لمواكبة فتح المعابر الجغرافية لإنقاذ اقتصاده المتهالك؟

أولاً يؤدي إلى تنشيط خط «الترانزيت» الذي يُعوّم بدوره الطبقتين الوسطى والفقيرة مُسهماً في ضخ دماء جديدة في عروق الدورة الاقتصادية لا سيما حركة الإعمار والبناء، إضافة إلى إعادة تحسين وضع السياحة والاصطياف، إذ إن قسماً كبيراً من السياح العرب يأتون من الحدود البرية إلى بيروت هذا بالإضافة إلى إعادة تحويل مرفأ بيروت إلى مرفأ سورية ومرفأ الأردن، ما يعني إحياء دور لبنان التاريخي الذي تمتع به منذ سبعينيات القرن الماضي حتى منتصف العقد الماضي.

فلبنان الذي لا يُنتج شيئاً، يعتمد فقط على حركة الترانزيت والسياحة، فها هي اللحظة اليوم مناسبة لتطوير هذه القطاعات مع الزراعة، لكن هذا يحتاج إلى بنية سياسية مؤاتية، من خلال وجود حكومة تستطيع الحوار مع الإقليم من سورية إلى الأردن إلى العراق وإيران وتخرج عن فلك السياسة السعودية. كما تحتاج إلى فتح حوار كبير مع سورية عبر حكومة سياسية مرنة، وليس على طريقة الخفة التي تحدث بها عن سورية منذ أيام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط! موقف جنبلاط الأخير يفتح معركة البيان الوزاري وسياسة لبنان الخارجية باكراً إذ كيف ستتعامل حكومة لبنان العتيدة مع حكومة العراق المرتقبة إن عارضتها السعودية؟ هل سيكون كما تعاملها مع الحكومة السورية؟

فسورية المستقبل هي سورية الاقتصاد والغاز والنفط علاوة على أن أربع دول في المنطقة تستعدّ لإطلاق ورش إعمار ضخمة هي سورية والعراق واليمن وإيران، ما يعني أن لبنان أمام فرصة ذهبية تاريخية لتعبيد المعابر التجارية والسياحية السورية بشق ممرات سياسية عابرة للحدود، وعقدة هذه الممرات ومنصة مؤتمرات الإعمار هي سورية، بينما يمكن للبنان أن يشكل القاعدة الخلفية لهذا الإعمار عبر رفد السوق السورية بكفاءات وخبرات الشباب اللبناني وشركات الإعمار.

فهل ُتتقن الحكومة العتيدة المرور السياسي إلى سورية على حافة المعابر؟

فسورية التي أثخنتها الجراح العربية، لم تنجُ من طعنات الخناجر من خاصرتها الرخوة عبر قيام بعض اللبنانيين بدعم الإرهاب في الشمال والبقاع والمخيمات. فها هي سورية تتسامح مع لبنان وتعتبره جزءاً من أمنها واستقرارها، فنصيب – جابر شمل فتح المعبر اللبناني من دون مقابل طلبته سورية، ما أسهم باستعجال الأطراف اللبنانية تأليف الحكومة لمواكبة هذا المعطى الجغرافي اقتصادياً. ما يعني أن وجود حكومة تواكب نتائج «زمن المعابر» بات ملحاً بموافقة عربية في لحظة «الحشرة السعودية»، فكما حمت سورية الأمن اللبناني بدحر الإرهاب وتفتح له الفرص الاقتصادية الآن، فإنه لن يجد سبيلاً بديلاً لنجاة أمنه الاجتماعي في «الجهاد الأكبر»، أي إعادة النازحين إلى وطنهم.

فالقيادة السورية لم تضع أيّ شروط سياسية على لبنان مقابل الاستفادة من المعبر، بحسب مصادر رسمية عاملة على خط دمشق بيروت، وتشير لـ «البناء» إلى أنّ «سورية اكتفت بتواصل رئاسة الجمهورية اللبنانية معها للثقة التي توليها للرئيس ميشال عون أما التنسيق العملي فيتمّ عبر اللواء عباس إبراهيم»، وتلفت المصادر إلى أنّ «المصالح اللبنانية – السورية أعمق من مواقف بعض الأطراف اللبنانية ضدّ سورية وبالتالي سورية ستتعامل مع لبنان بموضوع النازحين وإعادة الإعمار كما تعاملت بموضوع المعبر». وترى بأنّ «الأمر يتعلق بالحكومة الجديدة المطالبة برسم سياسة جديدة تجاه سورية على المستويات كافة، إذ إن المعطيات تبدلت كما مواقف عدد كبير من الدول العربية والغربية تغير من سورية وتجري إعادة تقييم ايجابية في ما بعض الدول العربية تبذل جهوداً لإعادة سورية الى الجامعة العربية ليست السعودية ببعيدة عنها. فكل هذه المتغيرات بحسب المصادر فرضها الميدان السوري والانتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفاؤها، ما يعني أن فتح معبري القنيطرة ونصيب من ثمرات الانتصارات في الجنوب ما يضع سورية في المراحل الأخيرة للحرب على الإرهاب».

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2018/10/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد