آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فؤاد البطاينة
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

هذا ما يحكم علاقة الأردن بإيران وحزب الله وحماس.. وهذا ما يحكم علاقة المسلمين بالسعودية

 

فؤاد البطاينة

تحت شعار عدم القدرة على مواجهة إسرائيل سوقت الأنظمة العربية اتفاقيات الاستسلام والذل مع العدو الصهيوني، وسوقت التطبيع والتعاون معه والرضوخ لإرادته وسلمته مصير أوطاناً، إنه منطق زيف العقيدة والخيانة، حيث لا مال يَنقصها ولا شعوب ولا عِبر، فأمثلة الصمود والكرامة موجودة من حولها، ولا مناصرين وأصدقاء ينقصها إن شاءت، فكل دولة عربية لديها الإمكانيات لإقامة توازن ردع مع العدو يؤهلها لعدم الاستسلام ولحماية نفسها ووقف المشروع الصهيوني وحماية فلسطين،  والكلام هذا ليس للأنظمة فهي تعرفه، بل لشعوبنا لتقف وتنطلق من هذه الحقيقة التي ليس وراؤها سوى زيف العقيدة وخيانة الأنظمة.

قد يكون التوازن الاستراتيجي صعبا تحقيقه من قبل أية دولة عربية، ولكن توازن الردع الذي حققه حزب الله مع العدو لم يكن مجرد هبة من الله للبنان الدولة الأصغر عربيا، بل هو مثال بسيط يضربه تعالى ليعري فيه هؤلاء الحكام أمام شعوبهم، ليس عند الله سنة ولا شيعة بل عنده الصدق في الإسلام وعنوانه الإيمان والمؤمنون والعمل الصالح، وبإذنه نقول، بسم الله الرحمن الرحيم، (قالت الأعراب أمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم) صدق الله العظيم.

كيف لا يتفكر المضَلَّلون من شعوبنا عندما يرون دولة صغيرة فقيرة مثل لبنان سارت ردحا من الزمان على قاعدة الصهيونية “قوة لبنان في ضعفه” تُصبح بفضل الله والمقاومة في ليلة وضحاها الدولة الوحيدة من دول الجوار العربي التي تمتلك كامل سيادتها غير منتهكة ولا منقوصة على أراضيها ومياهها وقرارها، والدولة الوحيدة من بين الدول العربية القادرة على حماية نفسها، والوحيدة التي استطاعت أن تجعل من إسرائيل وأمريكا عاجزتين عن مواجهتها أو مقابلة التحدي بتحدي، وكيف كانت هي وحدها من تُذل أعداء الأمة.

ولنتذكر أن الثمن السياسي والإعلامي والمادي الذي تدفعه إسرائيل مقابل حصار غزة ليس وراءه تجويع سكان غزة، بل رعبها من نجاح مثال حزب الله في غزة، ونتذكر في هذا أن في لبنان حاكم عربي منسجم مع أسباب قوة لبنان المتمثلة في المقاومة، وفي فلسطين حاكم على الطراز العربي مهمته الأساسية التخلص من المقاومة الفلسطينية.

المفارقة أن مع كل وقفة عز وكرامة لحزب الله المقاومة العربية – الإسلامية نسمع ونشهد ذلا وعجزا للعدو الصهيوني، ولكنا نسمع بنفس الوقت كلاما من عرب مسلمين يحتار العقل السليم والضمير الحر في تفسيره، نعلم حساسية أنظمتنا من كلمة “مقاومه” ونعلم ببثها للطوابير الخامسة للتشكيك بها، ولكننا لا نتفهم كيف لمواطن عربي يواجه الهجمة عليه وعلى وطنه وكل مقدراته السياسية والمعنوية والمادية والعقدية من ذات العدو الصهيو – أمريكي ويرى عجزا وذل وخيانة حكامه ولا يحاكي هذا المواطن عقله وضميره في عصر التعري وسقوط الشيفرات والأسرار و زوال الأقنعة كي يدرك مفعول المقاومة ويعرف من هم معه ومن هم عليه ويؤشر على العدو والصديق، ولا يبقى خارج الحقائق.

 وأخاطب هنا بالذات كل من يقول أنه أردني من واقع أردنيته ومصالح الأردن البحته بمعزل عن دينه وعروبته وعن القضية الفلسطينية وبمعزل عن إيران وحزب الله وأقول، أليس الأردن بكيانه السياسي وشعبه مهددا بالوطن البديل الذي يعني تصفية مكونات القضية الفلسطينية السكانية والسياسية بالأردن وأن كل الضغوطات عليه هي على خلفية إخضاعه لهذا الغرض؟ إن قال احد لا فنقول له إن إسرائيل هي من تصرح بذلك تصريحا وهي من ترفض حل الدولتين عمليا وتصريحا وترفض وجود أي سيادة فلسطينية على شبر من أرض فلسطين، وهي من تقنن يهودية الدولة وهي من تقول أن الأردن هو فلسطين، أليس هذا كافيا لأن نحاكي مصالحنا ونصطف أو نؤيد من يلتقون معنا بهذا الهدف الاستراتيجي، وعن من يردع هذا العدو ويمرمغ أنفه وكبرياءه بالوحل؟ لا أدري إن كان هذا حقدا أو جهلا أو خيانة.

هناك حقيقة على شعبنا الأردني كله أن يعيها، ثلاث جهات فقط يتقاطع سلوكها وسياساتها مع مصالحنا الأردنية الاستراتيجية في رفض الوطن البديل وسلامة الأردن معا، إنها إيران وحزب الله وحماس، دعونا من هوَس الهجمة على إيران ووضع النظريات والبناء عليها ومن اسطوانة تخطيئها وأخطائها فليس منا بلا خطيئة وليس هذا هو التحدي الذي نواجهه، ولننظر للإيجابيات وللأولويات فنحن نتكلم عن الصهيونية وفلسطين والأقصى المحتل والقدس المهودة على يد أمريكا وإسرائيل، فأين إيران وحزب الله والمقاومة في هذا وأين أنظمتنا منه.

وأقول أن هذه الجهات الثلاث ربما الوحيدة التي لا تقابل الإساءة الأردنية بالإساءة، والوحيدة الحذرة من الإساءة للأردن ملكا ونظاما وشعبا، بل تعرِض على الدوام حسن نواياها في مساعدة الأردن والوقوف لجانبه، هل نبقى نقول “عنزة ولو طارت، فأنا شخصيا من المنتقدين لإيران وحزب الله، ومن الرافضين لأية قيادة أجنبية للعرب، فليس هناك من هو فوق النقد الصادق الذي لا يقتصر على الانتقاد ولا يغمط الحق والإيجابيات بنفس الوقت، ولكني من الشاكرين لإيران والمفتخرين بحزب الله وحماس، ومن الكافرين بوجود اسرائيل ومن والاها وبعربي أو مسلم لا يرمي حجرا عليها، وبكل الأنظمة العربية وبدلائها المرشحين أمريكيا وصهيونيا:

فعلى الجانب الأخر نواجه ما قد يصبح أعظم، فأمتنا الإسلامية وأقدس أقداسها في مكة والمدينة ابتليت بعائلة فاسدة تحكم الجزيرة العربية . نعرف هويتها السياسية ولا نعرف عقيدتها ولا نسبها، صَنعت مع الشيطان دولة باسمهم أوهن من بيت العنكبوت، يقودها حكام أذلة تعجز اللغات عن كلمات تفيهم حقهم بل وتأبى قواميس اللغات احتضانها خجلا من إنسانية البشر، تملك المال والطاقة والجغرافيا وكل أسباب القوة في هذا العصر وبما يفوق بلدا كإيران، ولكنها معدومة الحكمة والانتماء والشرف.

 إن هذه الدولة الخاضعة لأعداء الأمة المحتلين للقدس والأقصى تحتضن الكعبة قدس أقداس المسلمين وتحتضن قبر الرسول وآل بيته والصحابة، أليس وجود هذه المقدسات تحت تصرف وعهدة حكام عبيد مطايا لهؤلاء الأعداء يشكل تهديدا ماثلا عليها، أليس هذا خطب كبير ومسئولية مقدسة لكل مسلم وكل دولة إسلامية وفيه ابتلاء من الله لنا كمسلمين وكعرب؟  وهل نستجيب لهذا الابتلاء قبل أن تنضم الكعبة للأقصى أو نجد أنفسنا في مقايضة بينهما، إن النظام السعودي القائم يمثل بقاؤه التحدي الأخطر لكل الدول الإسلامية ويرتب عليها استباق حدوثه، لم يكن عبد المطلب قد لحق الرسالة فكان أن رد الأمانة وتقبلها الله وحماها، ولا أخال اليوم مسلما يقعد ويصمت ويقول أن للكعبة رب يحميها وهو حي يتنفس.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/11/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد