آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
منى صفوان
عن الكاتب :
باحثة وكاتبة يمنية

المهرة: المواجهة المحتملة مع السعودية.. والمشروع الذي رفضه كل رؤساء اليمن ومرره هادي


منى صفوان

قضية المهرة وصلت إلى مرحلة حرجة، حيث سقط لأول مرة ضحايا من أبناء المهرة، نتيجة المواجهات مع القوات السعودية التي استحدثت نقاط أمنية ،في مداخل المحافظة.

الأمور تتعقد وتتطور بشكل  غير مسبوق ، في واحدة من أهدأ المحافظات اليمنية وأكثرها سلمية.

القضية بدأت قبل أشهر برفض القوى الشعبية والقبلية في محافظة المهرة،  لمشروع مد أنبوب نفط سعودي، عبر الأراضي اليمنية في المهرة ، الرفض الشعبي استند على حق السيادة اليمنية على كامل الأرض اليمنية ، حيث يهدف المشروع السعودي إلى وضع اليد العسكرية السعودية في ارض المهرة بهدف حماية أنبوب النفط ، وهو ما استدعي السعودية بإنشاء معسكرات في أطراف المحافظة ، وهو الأمر الذي اعتبرته القوى الشعبية احتلال عسكري مباشر، ودعت إلى سلسلة اعتصامات واحتجاجات سلمية ، دخلت في خط المواجهة المباشر مع السلطات السعودية ، ممثلة بالسفير السعودي، وحلفائه اليمنيين من حكومة هادي.

المشروع السعودي لمد أنبوب نفط، أو خط النفط البري البديل عبر اليمن، قديم جدا، وبرغم ذلك رفض بصيغته السعودية من كل الأنظمة والسلطات اليمنية ، منذ الثمانينات قبل توحيد شطري اليمن، وبعد الوحدة في التسعينيات ، ولم يكتب له النجاة إلا في زمن الحرب، وعهد حكومة هادي المنفية في الرياض.

القوى القبلية في المهرة ، تجد في هذا التراخي من قبل حكومة هادي، لتمرير مشروع ينتقص من السيادة اليمنية ، دليل ضغط على الحكومة وان قرارها لم يعد يمنيا.

القرار اليمني كان واضحا منذ حكم الحزب الاشتراكي اليمني لجنوب اليمن، والى رئاسة علي عبد الله صالح ليمن الوحدة ، حيث تم رفض المشروع بالطريقة السعودية رفضا تاما.

 وقال لهم صالح وقتها كرئيس لليمن، نحن اقدر على حماية الأنبوب والأرض اليمنية.

اليوم يتصدى للمشروع الذي يمتطيه الاحتلال العسكري ، شيوخ المهرة وأبرزهم الشيخ علي سالم الحريزي ، وهو قائد عسكري متقاعد، وكان وكيل محافظة المهرة

الحريزي  الرجل العسكري والسياسي المحنك ، يتحدث باسم الشرعية اليوم، شرعية الشعب وشرعية السيادة، وهو كزميل عسكرية قديم لعبد ربه منصور هادي الرئيس الحالي ، يجد أن ما يقوم به هادي هو تسهيل لاحتلال اليمن، وتفريط بالسيادة

 لكن يرى ان هناك ضغوطا هائلة تمارس على “هادي” نفسه لتمرير المشروع بموافقته وإضفاء الشرعية عليه، تماما كما تم الضغط للاستيلاء على 80%  من الموانئ اليمنية ومنها موانئ المهرة الإستراتيجية، التي عطلت وأوقف العمل فيها.

المهرة ثاني اكبر محافظة يمنية ، وموقعها الحدودي الاستراتيجي بجوار سلطنة عمان والمملكة السعودية ، وإطلالتها على البحر العربي، جعل منها البوابة الشرقية لليمن، وواحد من أهم منافذها الحدودية البرية والبحرية.

وتعطيل منافذها البرية والجوية والبحرية ، عمد إلى أضعاف الاقتصاد المحلي ، وساهم بهذا الانهيار الكبير في سعر العملة ، فالاستيلاء  على الأنشطة التجارية ، يحجم النشاط الاقتصادي ، ويكرس الحرب والضغوط الاقتصادية التي تمارسها السعودية ضد اليمن ككل.

 وبرغم هذه الضغوط ، إلا أن أبناء المهرة، لم يقبلوا أو يمرروا المشروع ، برغم أنهم علقوا الاعتصام لأشهر، استجابة لتدخل الحكومة ، وعقدوا اتفاقية تم التوقيع عليها مع المحافظ ، وحددوا فيها مطالبهم التي كان عليها أن تكون مطالب الحكومة.

  لكن أي من هذه المطالب لم ينفذ. واهم تلك المطالب كانت رحيل القوات السعودية ، وهو مالم ينفذ، فعادت موجة الاحتجاجات بوتيرة أعلى.

المواجهات الأخيرة قبل أيام والتي سجلت أول حالة اشتباك مباشر بين المحتجين والقوات السعودية والتي أسفرت عن سقوط جرحى وقتلى، يمكن اعتبارها أنها نقطة اللاعودة، وأن السعودية بذلك، تفقد وتخسر مصالحها في المهرة واليمن إلى الأبد

لقد تلطخت اليد السعودية بالدم اليمني من صعده إلى المهرة ، شنت حربا ضروس على اليمنيين بدعوى محاربة مليشيا متمردة، واليوم تقتل محتجين سلميين في المهرة بدم بارد.

إن شيطنة كل من يقف أمام النفوذ السعودي قائمة ، فهو أما عميل إيراني أو قطري ، ودائما يجب تحويل مطالبه الوطنية بأنها مصالح ومكتسبات شخصية

مع أن أسرع طريقة للربح وتحقيق المكاسب السياسية في اليمن، يكون بتبعية النفوذ السعودي ، وليس  بمعاداة الهيمنة والوصاية  السعودي في اليمن، فمن يريد المال عليه أن يذهب إلى الرياض ، لا أن يواجه الرياض ، ويدافع عن استقلالية بلده.

وهذه الشيطنة الآن، يأخذ أهل المهرة المسالمين نصيبهم منها ، وان كان الحوثيون وحلفائهم من قبائل اليمن، قد أوصلوا صواريخهم الباليستية إلى ما وراء الحدود السعودية ، وكسروا الجدار العازل بين اليمن والسعودية.

فان قبائل المهرة لا تقل وطنية ومقاومة وإصرارا، وهي مستعدة لأي مواجهة محتملة مع القوات السعودية.

برغم انتهاجها الخيار  السلمي من البداية ، لكن يبدو أن السعودية لم تعد تفهم إلا لغة القوة.

الخيارات في المهرة حيث الصحراء الشاسعة مفتوحة ، وهي مفتوحة على كل الاحتمالات والكوارث ، اشتعال ارض يمنية جديدة في مواجهة السعودية ، ليس لصالح السعودية غلى المدى الطويل ، حيث تكرس صورة الجارة العنيفة ذات المطامع غير النزيهة في بلد مجاور لم يستبب لها بأي أذى.

هل تتعلم السعودية احترام جيرانها ، ومواثيقها الموقعة مع اليمن والتي تنص بعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة ، أم تضطر اليمنيين للدفاع عن أنفسهم بكل الطرق المشروعة.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/11/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد