التقارير

تقرير خاص: بعد 57 عام.. #قطر تنسحب من مشاكل "#أوبك" وتغني لها


حسن محمد..

في قرار قد يكون الأخير لها هذا العام المشارف على الانتهاء، فاجأت قطر الجميع بإعلانها الخروج من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" العالمية بعد أن كانت عضواً فعالاً لأكثر من خمسة عقود من الزمن منذ انضمامها للمنظمة في عام 1961.

وقبل الخوض بالأسباب التي دفعت بقطر للانسحاب من هذه المنظمة، نستعرض لمحة عن المنظمة وأهدافها وأهم المراحل التي مرت بها منذ تأسيسها.

المنظمة وهدفها

تأسست منظمة أوبك العالمية عام 1960 من قبل إيران والعراق والكويت والسعودية وفنزويلا، ثم انضم إلى الأعضاء الخمسة، عشر دول أخرى في الفترة الواقعة ما بين 1960-2018، وتملك الدول الأعضاء في المنظمة 40% من الناتج العالمي و70% من الاحتياطي العالمي للنفط.

وجمدت بعض الدول عضويتها وأعادت تفعيلها عدة مرات، وهذه الدول العشرة هي بالترتيب قطر وإندونيسا وليبيا والإمارات والجزائر ونيجيريا وإكوادور وأنغولا والغابون وغينيا الإستوائية وكانت آخرها الكونغو عام 2018.

وكان مقر المنظمة في السنوات الخمس الأولى في جنيف، بسويسرا، ثم انتقلت إلى العاصمة النمساوية في فيينا سبتمبر/أيلول عام 1965.

يعتبر الهدف من تأسيس المنظمة هو تنسيق وتوحيد سياسات تجارة النفط بين الدول الأعضاء، لضمان أسعار عادلة ومستقرة لمنتجي النفط، وضمان استمرار الإمدادات من البترول بشكل فعال ومنتظم إلى الدول المستهلكة؛ وضمان جني أرباح عادلة للبلدان المستثمرة في هذه الصناعة.

ورغم ذلك، لم تكن "أوبك" بعيدة عن الاعتداءات والتخبطات التي حدثت في العالم، فلكل حدث كان تأثير خاص على دول المنظمة وعلى النفط بشكل عام، ففي عام 1975، قاد الفنزويلي "إلييتش راميريز سانشيز" والمعروف باسمه الحركي كارلوس كارلوس مجموعة اقتحمت اجتماعاً للأوبك في فيينا واحتجزت ما يقرب من 90 رهينة من بينهم 10 وزراء تابعين لدول أعضاء من بينهم أحمد زكي اليماني وزير النفط السعودي.

وفي عام 2000، أعلنت فنزويلا رئيسة الأوبك عن "آلية حزمة أسعار" نصت على تقليص المجموعة للإنتاج أوتوماتيكياً إذا ما انخفض سعر النفط وزيادة الإنتاج أوتوماتيكيا إذا ما ارتفع سعر النفط عن (22 ـ 28 دولارا للنفط) لسلة من أنواع محددة من النفط، لكن فجأة رفعت عدة دول أعضاء في المنظمة إنتاجها بشكل غير رسمي متراجعة عن التزاماتها بحصصها المقررة.

كما تأثرت أوبك بالأحداث العالمية التي كان للولايات المتحدة الأمريكية علاقة بها، حيث هزت هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك، أسعار النفط بشكل كبير كون واشنطن تعتبر من أكبر مستهلكي الطاقة، كما كان غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، سبباً لمنع دخول 2.5 مليون برميل من النفط يومياً إلى الأسواق.

أسباب الانسحاب

بداية يمكن أخذ قرار قطر بالانسحاب من "أوبك" من منحيين إيجابي وسلبي، فالمنحى الأول والذي وصفه البعض بأنه "قرار حكيم"، أرجعوا أسبابه لكون المنظمة أصبحت بلا فائدة بعدما أضحت تنساق للمآزق التي يعيشها بعض المنتجين الكبار مثل السعودية، وكونها فقدت دورها في حماية حقوق المنتجين، وهنا لابد من توقع حدوث انسحابات أخرى، لكن وزير شؤون الطاقة القطري سعد الكعبي اكتفى بالتعليق على الانسحاب بالقول إن بلاده "أخذت هذا القرار في إطار التخطيط لإستراتيجية طويلة المدى والبحث في سبل تحسين دورها العالمي" وأن أيضاً هذا القرار يتماشى مع رغبة قطر في تركيز جهودها على تطوير قطاع وزيادة إنتاجها.

وعليه، قد تشهد المنظمة انسحابات لدول أخرى مثل إيران، أو الدول التي باتت ترى أن قرارها مصادر من قبل جهات محددة داخل المنظمة، التي عفى عليها الزمن.

أما المنحى السلبي لهذا القرار، فيمكن تلخيصه بأن خروج الدوحة من منظمة "أوبك" هو إقرار بانحسار نفوذها، وطبعاً سيكون هناك "أثر سلبي" بسبب الخلاف مع الرياض، وقد يكون سبباً جديداً لتضييق الحصار المطبق عليها من قبل السعودية والدول المتحالفة معها في الخلاف السعودي-القطري.

وسبب آخر يمكن ذكره، هو أن يكون القرار القطري جاء ربما بناءاً على إملاءات أمريكية، وهو ما لم تجد الإمارة مفراَ من الاستجابة له، في ظل حاجتها لدعم واشنطن في ضوء ما تعانيه من عزلة إقليمية بفضل قرار المقاطعة الذي تتخذه ضدها  دول المقاطعة "السعودية والإمارات والبحرين ومصر".

وكي لا نركز تهمة احتكار قرار تحديد الأسعار النفطية في العالم على السعودية وحدها، يجب أن نشير إلى هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً على هذا القرار التي تجعله دائماً موافق لمصالحها بغض النظر عن مصالح باقي الدول الأعضاء أو دول العالم ككل.

وكما تأثرت "أوبك" بعدة أحدث ماضية كما سبق وذكرنا، فيبدو من المعقول أن تكون الأزمة القطرية-السعودية التي لم تنته حتى الآن، ألقت بظلالها على هذه المنظمة، كما أن خلاف السعودية مع بلدان أخرى هي دول أعضاء في المنظمة، قد ينتج عنه انسحابات أخرى ما قد يؤثر على أسعار النفط عالمياً، أو ما قد يبيد هذه المنظمة عن بكرة أبيها، فإن لم تحقق "أوبك" الأهداف التي تشكلت من أجلها، وإن لم تسيطر على توازنها في ظل الخلافات التي تندلع بين الدول، وإن كان المتضررين من المنظمة أكثر من المستفيدين، وإن كانت قراراتها حكراً على رؤوس معينة تهيمن على المنظمة، ما الجدوى منها؟

أضيف بتاريخ :2018/12/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد