التقارير

تقرير خاص: ماهي المهمة المستحيلة في #السعودية؟

 

محمد الفرج..

تميزت المملكة السعودية ولسنوات طوال بازدهارها الاقتصادي والسياسي والعسكري وحتى الدين في وقت ما، ولكن منذ عامين تقريباً، ومع تسلم بن سلمان ولاية العهد، أخذ هذا الازدهار طريق الانحدار شيئاً فشياً، فأصبحت المملكة في خطر وجودي ولأسباب عديدة، من أهمها عدم رضى الشعب ونقص الثقة بين الحكومة والمجتمع، حيث أن عدم الرضى يقود إلى السخرية ثم السخط، أما نقص الثقة فيؤدي إلى الفوضى وتقويض الدولة.

الدولة بالتأكيد لا تتجاهل هذا الأمر، ولذلك تقوم ببعض الإجراءات لإرضاء المجتمع، لكنها ستكون حتماً وقتية، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، بينما تبقى المهمة المستحيلة هي في إعادة الثقة وتقويتها لكي تقوى الدولة.

يضاف لذلك دخول السعودية في أزمة ثقة حقيقية بين الدولة والشعوب الأخرى بسبب التصرفات المتهورة الأخيرة لولي العهد، فالتدخل بالشأن السوري والحرب السعودية على اليمن خير مثال نستشهد به رأينا هذا، وإذا ماعدنا للشأن الداخلي، فقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي وإعدام الشيخ نمر باقر النمر ظلماً وبهتاناً، مثالان ينفعان لأي وقت ويلخصان فشل إبن سلمان في إرضاء الشعب.

الشعب السعودي الذي يشكل الشباب الغالبية العظمى، يختلف تماماً عن الشعب السعودي في الحقب الماضية، عندما كانت الثقة والعلاقة مع الحاكم تعتمد بشكل كبير على الوازع الديني وبعض القضايا المجردة. الشعب السعودي وأجياله الشابة يريد أن يبني ثقته على أمور محسوسة ومشخصة يلمسها في معيشته، وسكنه، وعمله، والحي الذي يسكن فيه، والمدرسة التي يتعلم فيها أولاده، والمستشفى الذي يتعالج هو وأسرته فيه، إن ألم بهم مرض لا سمح الله. الشعب السعودي عاش حقبة من الزمن بأقل من درجة الكفاف وهاجر بحثاً عن لقمة العيش، ولا يستنكف أي من الشعب أن يعيش بتقشف عندما يثق بأن الأمور تدار بعقل وعدل وتوازن وشفافية. الشعب السعودي اليوم، باختصار، هو ذكي وواعي ووفي ويستحق أن يعتمد عليه. وبالرغم من أن المطالبات بإصلاحات سياسية ليست وليدة اليوم، إلا أن تدخل الملك وولاة الأمر أصبح ضرورياً اليوم بعد كل ما ظهر على السطح من تشكيك في سياسات كثيرة في الداخل والخارج.

الثقة بين الشعب والدولة في السعودية تقتصر في حقيقتها على الثقة بين الشعب والملك، لكن تأزم العلاقة بين الملك وولاة الأمر والحكومة وضع هذه الثقة على المحك، مما يعني أن تناقص الثقة في الحكومة يؤثر سلباً بالضرورة على القيادة.

ويأتي تناقص الثقة في الحكومة مع أي تراخٍ للحكومة أو خطأ يرتكبه أي من وزرائها ولا يتم التعامل معه بالسرعة المطلوبة، أو بالطريقة المطلوبة، من ناحية ثانية، انعدام وجود مؤسسات أخرى تساعد في رفع جزء من الحمل والملامة عن الحكومة مثل مجلس منتخب من الشعب، ومؤسسات المجتمع المدني، كنقابات العمال وغيرها يُعقّد ويصعّب من إشكالية الثقة.

من ناحية ثالثة، اختيار الوزراء والمسئولين من الملك مباشرة من دون معايير واضحة ومعلنة وتعتمد على الكفاءة يعقد الصورة، أيضاً، ويلقي بمزيد من الأحمال على كاهل الملك وولاة الأمر خصوصاً في حالة سوء أداء الشخص المعيّن، وبالتالي، فإن تردي كفاءة بعض الوزراء وسوء أدائهم ينعكس سلباً على الثقة بالحكومة وينهش في حبل الثقة مع القيادة والدولة.

فظاهرياً، إذا أراد الملك إرضاء شعبه فعليه أن يبدأ بصحة اختياره للحكومة، إلا أنه مؤخراً عيّن أحد محتجزي الريتز كارلتون بمنصب وزير الخارجية رغم تهم الفساد التي ألحقت به، فلماذا لا يوجد انتخابات في البلاط الملكي مثل أي بلد ديمقراطي آخر، أم أن رؤية بن سلمان والتي حملت الرقم 2030 تمر مرور الكرام على القضايا الديمقراطية؟

أضيف بتاريخ :2019/01/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد