آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

لماذا تشاءم السيد خامنئي من الاتفاق النووي؟

صالح القزوينيعندما أبدى قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد علي خامنئي تشاؤمه من الاتفاق النووي بعد التوقيع عليه في عام 2015، تفاجأ الذين روجوا للاتفاق على أنه العصا السحرية التي تحل مشاكل البلاد من موقف السيد خامنئي، ويبدو أنهم ما كانوا يظنون أن يعلن المرشد الأعلى للثورة عن موقفه بهذه الصراحة.سأخوض في أسباب تشاءم المرشد من الاتفاق النووي، ولكن قبل ذلك أود الإشارة إلى حقائق ربما غابت عن بعض المحللين السياسيين..الأولى: وهي الأهم، أن موقف السيد خامنئي بيّن بشكل واضح زيف المزاعم والادعاءات التي تقول أنه الآمر الناهي الوحيد في إيران ولا يحق لأحد الاعتراض عليه أو العمل بخلاف موقفه ورأيه.أعداء الثورة الإيرانية طالما زيفوا الحقائق ولكي يشوهوا صورتها في أذهان الجميع وجهوا شتى الاتهامات لها ومن بين الطعنات التي وجهوها لها أنهم وصفوا قائدها بالديكتاتور والمستبد، بينما هذا الموقف ومواقف أخرى تبين أنه أحيانا لديه رأي مغاير لرأي السلطة التنفيذية أو سائر الأجهزة التنفيذية والتشريعية ولكن مع ذلك يسمح بتنفيذ القرار الذي توصلت إليه، رغم يقينه أن قرارها غير مثمر ولن يؤدي إلى شيء.الثانية: أن إيران دولة مؤسسات وليست حكومة الفرد والقرارات الفردية، ومثل قضية السيد خامنئي تجاه الاتفاق النووي وقعت قضية أخرى في عهد الإمام الخميني، فيقال أنه خلال الحرب العراقية-الإيرانية طلب استهداف أول سفينة حربية أميركية قدمت إلى مياه الخليج الفارسي، غير أن بعض المسؤولين الإيرانيين آنذاك لم ينفذوا هذا الطلب، وفيما بعد كشف مسؤول أميركي حيثيات الموضوع وقال، إن إدارة البيت الأبيض قررت إرسال هذه السفينة لتجس نبض الإيرانيين، فإذا استهدفوها فلن يرسلوا بعدها أية سفينة، وإذا لم يستهدفوها فأنهم سيرسلون المزيد من السفن الحربية إلى المياه الخليجية.وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدستور الإيراني خول قائد الثورة اتخاذ القرارات السيادية، فإذا اتخذ قرارا سياديا فعلى كافة الأجهزة الحكومية المعنية تنفيذه، لذلك ينبغي التمييز بين القرار السيادي والنصيحة وغير ذلك.الثالثة: إن موقف المرشد بيّن مدى شجاعته في الإعلان عن آرائه، وهذه من أبرز الصفات التي ينبغي على كل قائد أن يتمتع بها، ففي الوقت الذي كان فيه عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين يدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن الاتفاق النووي واستطاعوا بدفاعهم هذا إيجاد موجة تأييد شعبية واسعة له؛ فإن أبداء موقف آخر معاكس لهذه الموجة يتطلب شجاعة كبيرة.الرابعة: هذا الموقف بيّن مدى بعد النظر الذي يتمتع به المرشد الأعلى، فعلاوة على شجاعته في الإعلان عن توقعات ربما لن تقع بتاتا أو يقع المغاير لها؛ فان هذا الموقف يبين مدى بعد النظر الذي يتمتع به.وفيما يتعلق بالسؤال الذي توّجت به المقال، فان القدرات النووية الإيرانية كانت ولازالت مجرد ذريعة للضغط على إيران من أجل تحقيق غايات وأهداف أخرى، وطالما أعلن المسؤولون الأميركيون والأوروبيون عن مآخذهم على طهران وطلبوا منها الانصياع لما يريدون، ولما رأووا أنها لا تستجيب وجدوا في القدرات النووية خير ذريعة لارغامها على الاستجابة لما يريدون، ففي الوقت الذي يسمحون فيه لإيران بإبقاء برنامجها النووي فأنهم سيطالبوها بالاستجابة لمطالبهم.طهران كانت تدرك ماذا يريد الغرب وخاصة واشنطن منها لذلك خيرتهم بين أمرين، هما أن يتفاوض الغرب مع إيران بشأن كل القضايا موضع الخلاف أو التفاوض بخصوص البرنامج النووي دون غيره، آنذاك قدم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي حزمة كاملة لمواقف إيران من كافة القضايا وبدأت المفاوضات على هذا الأساس ولكن عندما رأى المفاوض الغربي أنه لا يمكن أن يستجيب لمطالب إيران خاصة أنها تتعلق بالكثير من القضايا ومن بينها الاحتلال الإسرائيلي لذلك فإنها فشلت ولم تحقق أي شيء. عندما وصل الرئيس روحاني للسلطة بدأ الحديث من جديد عن المفاوضات وتوسطت سلطنة عمان في الموضوع، غير أن طهران حددت إستراتيجيتها تجاه المفاوضات فرفضت منذ البداية ربط أية قضية أخرى ببرنامجها النووي، وعندما تعهد الغرب بعدم بحث أية قضية أخرى إلى جانب الاتفاق النووي وافقت طهران على التفاوض بهذا الشأن، وانتهت المفاوضات بالتوقيع على الاتفاق النووي.طهران كانت منذ البداية واضحة، بينما الغرب كان منقسما فجزء منه كان صادقا واعتبر الاتفاق النووي قد حقق ما يريده وهو تقييد القدرات النووية الإيرانية، أما الجزء الآخر والذي اصطف إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب فانه يعتبر الاتفاق النووي لا يحقق ما يريده. أميركا والدول التي تصطف إلى جانبها تريد من طهران الانصياع الكامل لما تريده بما في ذلك تغيير سياستها تجاه إسرائيل وتجاه بعض دول المنطقة والحد من قدراتها العسكرية وخاصة القدرة الصاروخية.قائد الثورة الإسلامية طالما أعلن أن الاستكبار العالمي لن يتوقف عن ممارسة الضغوط على إيران حتى تغير من سياستها خاصة تجاه إسرائيل وما القدرات النووية الإيرانية وحقوق الإنسان والقدرات الصاروخية إلا مجرد ذرائع لتحقيق تلك الغاية الكبرى وهي تركيع إيران.صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/01/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد