آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

بمن يذكرنا بومبيو عندما يقول بأن أيام مادورو باتت معدودة؟


عبد الباري عطوان

يذكرنا احتفال الرئيس الكولومبي ايفان دوكي، بإنشقاق 60 عسكريا من الجيش الفنزويلي، وانضمامهم إلى المعارضة المدعومة أمريكيا وأوروبيا، باحتفالات مماثلة جرت بإنشقاق بعض الجنرالات والسفراء وحتى رؤساء وزارات في بداية الأزمة السورية وسط ضجة دعائية إعلامية غير مسبوقة، ونسي الرئيس الكولومبي أن هؤلاء المنشقين يشكلون نقطة في محيط الجيش الفنزويلي الذي يزيد تعداده عن نصف مليون ضابط وجندي، وأظهروا ولاءا صلبا لرئيسهم الشرعي.

من المفارقة أن مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي أكد لنا اليوم الأحد أن أيام الرئيس نيكولاس مادورو باتت معدودة، مذكرا بالعبارة نفسها التي استخدمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورددها خلفه رهط من الزعماء ووزراء الخارجية العرب في وصفهم لمصير الرئيس السوري في حينها، وأكدت بعض التسريبات الإعلامية أن الأخير وصل فعلا وأسرته إلى موسكو طالبا اللجوء السياسي.

كل يوم يمر منذ حدوث الانقلاب الأمريكي في فنزويلا يؤكد انتصار الرئيس الشرعي في البلد، وهزيمة زعيمه غوايدو الذي جندته المخابرات الأمريكية لاستخدامه كأداة لتغيير نظام الحكم في كاراكاس، ولعل هروب غوايدو إلى كولومبيا لقيادة “الكونترا” الفنزويلية الجديدة هو بداية النهاية له وللمشروع الأمريكي الذي يقف خلفه.
***
الرئيس دونالد ترامب هدد قبل ثلاثة أيام بأن منع دخول قوافل المساعدات عبر الحدود الكولومبية والبرازيلية ستكون عواقبه وخيمة، ملمحا إلى احتمالات التدخل العسكري لإدخالها بالقوة، وها هي الحافلات المحملة بأكياس الأرز والحليب المجفف تعود من حيث أتت، وبعضها تعرض للحرق احتجاجا من الشرفاء الفنزويليين الواعين بالكذب والنفاق الأمريكيين، والمؤامرة لتدمير بلادهم.

الشعب الفنزويلي الذي يملك أكبر احتياطي للنفط في العالم لا يحتاج إلى حليب مجفف وبعض أكياس الأرز، وإنما إلى رفع الحصار الأمريكي الخانق، وفك تجميد المليارات من أمواله في المصارف الأمريكية منذ أكثر من شعر سنوات.

أمريكا تجوّع الشعوب، وتدفعها إلى جافة الموت، ثم تدعي الحرص عليها، وتتباكى على أوضاعها الإنسانية المأساوية، وتبادر فورا وحلفاؤها إلى إرسال قوافل المساعدات الغذائية والطبية.. قمة الحنية والإنسانية.

شاهدنا المنظر نفسه، بكل تفاصيله المملة في العراق، مثلما شاهدناه ونشاهده في قطاع غزة، واليمن الشقيق، حصارات خانقة تزرع الجوع والفاقة، وتحصد أرواح الأطفال وامهاتهم، ومن لا يستشهد جوعا يستشهد مرضا، ومن ينجو من الجوع ينتقل إلى الرفيق الأعلى بصواريخ وقذائف طائرات “اف 16” الأمريكية الصنع.

الشعب الفنزويلي الذي رفض هذه المؤامرة الأمريكية للإطاحة بنظام بلاده وتغييره بحفنة من العملاء، ولم تنطلي عليه الأكاذيب ومحطات التضليل التي تضخها من واشنطن والبرازيل وكولومبيا وقرر في معظمه الالتفاف حول قيادته، والوقوف في خندقها، الشيء نفسه فعلته المؤسسة العسكرية الوطنية التي انحازت منذ اليوم الأول للرئيس المنتخب مادورو.

يقول الأمريكان والأوربيون أنهم يريدون إعادة الديمقراطية إلى فنزويلا.. ونسأل متى غادرتها هذه الديمقراطية حتى يعيدونها؟ وإذا كانت غير موجودة فعلا، فكيف جرى انتخاب غوايدو وهو زعيم المعارضة نائبا، ثم رئيسا للبرلمان؟ ولماذا لم يعتقله الرئيس مادورو فور انكشاف مؤامرته، وزياراته السرية لأمريكا والبرازيل وكولومبيا للإعداد للانقلاب؟

انشقاق مئات، بل آلاف الجنود من الجيش السوري لم يؤد الى انهياره، وعدم صموده ثماني سنوات، واستعادته أكثر من ثمانين في المئة من الأراضي السورية الى سيادة الدولة، وبمساندة من الحلفاء الروس والإيرانيين ومقاتلي “حزب الله”.
***
الجنرالات الشرفاء في الجيش الفنزويلي سيحافظون على سلامة دولتهم واستقرارها، وسيقاتلون الغزاة من أجل حمايتها، وإفشال الانقلاب الأمريكي، وبدعم من الروس والصينيين أيضا، ولن تخيفهم الطائرات الحربية الأمريكية وصواريخها وقنابلها العنقودية، وحتى لو خسروا الجولات الأولى من المواجه للفارق الكبير في موازين القوى، سيتحولون الى كتائب مقاومة، تماما مثلما فعل الفيتناميون واللبنانيون (حزب الله)، والفلسطينيون، والطالبانيون (أفغانستان)، والعراقيون والسوريون واليمنيون.. والقائمة تطول.

أهل فنزويلا نساء رجالا، لن يستقبلوا الغزاة الأمريكيون وعملاءهم بالورود والرقص في الشوارع ابتهاجا، وإنما بالمقاومة الشرسة.. أو هكذا نأمل.. والله دائما مع المظلومين ضد المستكبرين.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/02/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد