التقارير

تقرير خاص: "#الشريان" يكشف عورة المجتمع السعودي.. وإسكاته أفضل من قتله


محمد الفرج

لم تنجز المليارات التي دفعها إبن سلمان خلال جولته في آسيا المهمة المرجوة منها، ألا وهي تلميع الوجه السعودي، كما لم تستطع عدسات الإعلام إخفاء العيوب في الداخلي السعودي رغم ملاحقة ولي العهد كل الأقلام والعدسات التي تقترب من ذلك "الخط الأحمر".

ففي الوقت الذي تسعى فيه السعودية لإظهار نفسها من الداخل كدولة مثالية وخالية من أي من المشاكل أو الظواهر السلبية، من خلال توظيف وسائلها الإعلامية للحديث عن ذلك، إلا أن الفشل كان حليفها في إبقاء هذه الصورة بعد كشف أحد البرامج التلفزيونية خبايا الوضع الداخلي في البلاد.

برنامج "ماحنا بساكتين"، تجرأ واقترب من ذاك الخط الأحمر، إذ كشف الإعلامي ورئيس التلفزيون السعودي "داوود الشريان" عن وجود مناطق عشوائية قريبة جدا من العاصمة الرياض كـ”العود والمرگب والشمیسی والمنفوحة والديرة“، تعيش  فقر وجهل وتنتشر فيها المخدرات وتعاني من بنية تحتية منعدمة، بالإضافة لارتفاع نسبة الجرائم بشكل كبير فيها.

كما أن المواطنين القاطنين في هذه الأحياء، أكدوا على انعدام الأمن بشكل لافت لدرجة خوفهم على الخروج لوحدهم أو التأخر ليلا، خوفاً على ما قد يواجهونه من أخطار.

تلك الصورة التي نقلها الإعلامي الشريان عن مناطق في المملكة لم ترق للكثيرين، فبعد مطالب بإيقاف بث البرنامج، لم تعرض حلقة الأمس منه والتي لم يصدر أي توضيح عن سبب إيقافها، إلا أن السبب الوحيد يمكن إرجاعه لكشف الإعلامي مواطن تقصير إدارة المكافحة والبلدية في الأحياء العشوائية بعد إثباته أن المخدرات هناك تباع بسعر زهيد جدًا يكاد يصل لسعر الخبز.

وبالرغم من عدم صدور تصريح رسمي من القناة التي تعرض البرنامج الذي يحمل اسم "ماحنا بساكتين"، إلا أن وسم "إيقاف برنامج داود الشريان" تصدر الأوسمة الأكثر تداولا في السعودية، وهذا أمر طبيعي إذ تتجه السلطات السعودية للوسوم ومواقع التواصل الاجتماعي عندما تريد تحريف رأي عام ما وتوجيهه حسب سياستها.

والدليل على ذلك، أنه تم رصد ترحيب عدد من المغردين من بينهم أشخاص ينتمون إلى عائلة "آل سعود" الحاكمة في المملكة، بإيقاف البرنامج، متهمينه إما بـ"الإسفاف"، أو بالبرنامج "الفارغ من المضمون".

ويمكنُ اعتبارُ إيقاف البرنامج دليل أيضاً على أنه كان مُحرِجاً للسلطات السعودية التي تُعدّ المُسبب الأول هي والسياسة التي تنتهجها؛ للأمور التي تناولها البرنامج في حلقاته الأخرى، كهروب الفتيات، ووضع المرأة وما إلى ذلك.

هنا تقع السعودية مجدداً في هوة مصادرة الآراء التي لا تتماشى مع أهوائها وهو أمر اعتدنا عليه وإذا ما أردنا أن نسرد بعض من الأسماء فالقائمة تطول وتطول، إلا أن الاسم الأبرز والذي سيتصدر دائماً هذه القائمة هو خاشقجي، وقد يكون إيقاف بث البرنامج هو تحذير قد يقيه للإعلامي الشريان من نفس مصير خاشقجي، لكن بعد العزلة والاتهامات التي نالت من مكانة السعودية إثر قتل الصحافي في قنصلية بلاده، لا تريد المملكة أن تقع في نفس الحفرة مرة ثانية، لكن مهما تعدد الأساليب السعودية.. الموت واحد.

أضيف بتاريخ :2019/03/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد