آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد الحي زلوم
عن الكاتب :
مستشار بارز لشؤون البترول منذ أكثر من 45 سنة. أنهى دراسته الجامعية الاولى والعليا في الهندسة والادارة من جامعات تكساس، لويزيانا، كاليفورنيا، و هارفرد في الولايات المتحدة بعد انهاء دراسته الثانوية في القدس. عمل في الولايات المتحدة واوروبا. كما ساهم في الاعمال التأسيسية للعديد من شركات البترول الوطنية العربية في الخليج والعراق وافريقيا،

إرهاب دول وافراد الحضارة الغربية هو عنصرٌ أساسيٌ من مكوناتها فهي حضارة مادية عنصرية بطبيعتها.. كانت وستبقى إلى أن تزول.. ومجزرة نيوزيلندا ليست الأولى


د. عبد الحي زلوم

إن التسامح والتعاطف الغربي ينتهيان عندما يتعلق الأمر بالإسلام. في كتابها المعنون “محمد.. سيرة حياة نبي” , كتبت كارين آرمسترونغ: “في الغرب هناك تاريخ طويل من الشعور بالعداء تجاه الإسلام , وما يزال هذا العداء قائماً وفي تعاظم على جانبي الأطلسي ،  لدرجة أن معظم الناس هنا لا تتردد في مهاجمة هذا الدين ، حتى بالرغم من أنهم لا يعرفون سوى القليل عنه”. التحامل على الإسلام هو الذي دفع بالسكرتير العام لحلف شمال الاطلسي للقول عام 1995 بأن الإسلام لا يقل خطورة على الغرب من الشيوعية. وطبقاً للمؤرخ والمفكر صامويل هنتينغتون   ” كما جاء في كتابه صراع الحضارات : “خلال الفترة بين 1980ـ 1995 نفذت الولايات المتحدة 17 عملية عسكرية في الشرق الأوسط ، طبقاُ لوزارة الدفاع الأميركية, وكانت جميعها تستهدف المسلمين ، وهو رقم لم يسجله التاريخ العسكري للولايات المتحدة ضد أي شعب من أي حضارة أخرى.”

أصبح العداء للإسلام والمسلمين حرفةً يستخدمها المتسلقون السياسيون لكسب أصوات 70 مليون صهيوني مسيحي و6 ملايين صهيوني يهودي . ولعل إدارة الرئيس ترامب مثالٌ صارخ على ذلك بما فيها من تصريحات حاقدة وعنصرية اثناء حملة الانتخابات الرئاسية وبما تم إصداره من مراسيم وسياسات أو تعيين حاقدين في مناصب قيادية مثل بومبيو وبولتون .

1- مذبحة نيوزيلندا ليست الأولى:
جريمة نيوزيلندا ما هي إلا نسخة طبق الأصل عن مذبحة باروخ جولدشتاين(طبيب)  المستوطن الصهيوني المتعصب الأمريكي الذي قاد مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية في ـ 25 فبراير 1994 التي قام بها مع تواطؤ عدد من المحتلين اليهود في حق المصلين ، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان ، وقد استشهد 29 مصلياً وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.  تم مكافئة هكذا مجرم ببناء قبر أصبح مزاراً للمستوطنين الصهاينة. كذلك قام صهيوني مسيحي استرالي بمحاولة حريق المسجد الاقصى .

 لكن ماذا عن المذابح والجرائم الجماعية وإرهاب الدول . أليس إرهاب الغرب ووكلاءه وقتل 400 ألف سوري هو جريمة ضد الإنسانية ؟ أليس احتلال العراق وقتل ما يزيد عن نصف مليون وتشريد مليون آخر بما فيهم العلماء والمهنيون جريمة ؟ أليس تجويع 20 مليون يمني جريمة ضد الإنسانية ؟  هذه هي الولايات المتحدة منذ أيام كريستوفر كولومبوس إلى دونالد ترامب . ألم تقم المدنية الغربية على العبودية والاستعمار كما يقول البروفيسور رونالد ديفيس Ronald Davis من جامعة ولاية كاليفورنيا في نورث ريدج North Ridge  “لا نبالغ حيث نقول إن الأرباح التي نتجت عن نظام وتجارة الرقيق من 1600 وحتى 1860 قد ساهمت إلى حد كبير في بروز الغرب في غرب أوروبا والولايات المتحدة كالقوى المهيمنة على العالم”.

2-  إنه صراع حضارات:
ينتفض مغسولوا الدماغ والمنبطحون العرب والمسلمون حينما يتمُ تسمية الاشياء بأسمائها . وعندما نقول أن مشكلة النظام الرأسمالي الصهيوامريكي ودينه هو المال بأنه نظامٌ معاد للإسلام بطبيعته سيقولون لك لكنهم أنظمة علمانية ! لكن الحقيقة فاضحةٌ لمن يريد أن يسعى اليها . فهذا صامويل هنتنغتون والذي يأتي من صلب النظام اليهومسيحي الأمريكي البروتستيني ، بالإضافة إلى كونه أستاذاً في جامعة هارفارد ، يصرح على رؤوس الاشهاد في كتابه “صراع الحضارات” كما جاء في ص 217: “المشكلة الحقيقية للغرب هي ليست الأصولية الإسلامية، إنه الإسلام . هذا الدين ذو الحضارة المختلفة ، والذي يتيقّن معتنقوه من تفوقهم الحضاري في وقت هم محبطون فيه من قلة نفوذهم . ليست مشكلة الإسلام والمسلمين هي وكالة المخابرات المركزية  ولا وزارة الدفاع الأمريكية ، المشكلة لهم هي في الغرب ذي الحضارة المختلفة ، وشعوبه المقتنعة هي الأخرى بعالمية حضارتها ، مع اعتقادهم بضرورة نشر هذه الحضارة في أرجاء المعمورة كافة . هذه هي عناصر الصراع بين الإسلام والغرب “.

3- الفكر الصهيوأمريكي هو فكر نازي:
إذا كانت النازية تُعتبر شراً لانها تدّعي تفوق العنصر الالماني على بقية شعوب العالم فإن الثقافة اليهومسيحية البروتستنية قد أخذت من اليهودية نفس الخصوصية بتفوق الشعب اليهودي على العالم بكافة شعوبه . بل ان الولايات المتحدة عللت تدخلاتها في شؤون الاخرين بإعتباره حقاً لها لان الله قد منحها خصوصية (American exceptionalism) انتقدها المفكرون الامريكيون الاحرار امثال نعوم تشومسكي و هوارد زن وهي ما تسمى ايضاً Manifest Destiny . وتمت كافة الفضائع والحروب تحت أسمى الاسماء والمسميات.

إن ممارسات الصهاينة بفلسطين هي أكبر دليل على نازية هذا الفكر فهو يغتصب ارضاً ليس له ويقتل الشعب الفلسطيني افراداً وجماعات ويحاصر مليوني مواطن مانعاً عنه الماء والدواء وأساسيات الحياة. أليس كل هذا نازيةً تفوق نازية هتلر ؟ واليس من يساند هذه النازية هو أقبح وأكثر كفراً ونازيةً ؟

4- الصهيوأمريكية واتباعها في إنحدار والى زوال:
يعتقد البعض بأن النظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة سينهار وأن حرباً عالميةً مدمرة ستنشب سنة 2020 سينتج عنها نظام عالمي جديد .
عندما سألني بعض الأصدقاء عن رأيي في ذلك اجبته بأني اوافق على أن الامبراطورية الأمريكية ونظام عولمتها هي في إنحدار، وان نظامها الاقتصادي والمالي قد انتهت صلاحيته . أما أن حربا عالمية ثالثة ستدور سنة 2020 فرايي أن الحرب العالمية الثالثة قد انتهت بنهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي وأن الحرب العالمية الرابعة كما سماها جيمس وولسي مدير وكالة المخابرات المركزية الاسبق هي الحرب ضد الاسلام وحضارته وشعوبه وهي كما وصفها وولسي نفسه بأنها حرب اجيال وما زالت مستعرة . وأعتقد أن الحرب الخامسة قد بدأت بين دول البريكس وتأخذ شكل الحروب بالوكالة في أغلب الاحيان وفي الاصالة في بعضها، وأن احتلال العراق والحرب على الدولة السورية هما من  حلقات هذه الحرب . كافة عناصر انهيار الامبراطوريات كما كتبها بول كيندي تنطبق تماماً على الامبراطورية الامريكية . لا أظن أن حرباً عالميةً بين محور الدول الناشئة والمتحدية للاحادية  الامريكية ستنشب ليس لأن اخلاقيات الولايات المتحدة وصنائعها ستمنع ذلك . آخر حروب الانغلوسكسون المتمثلة بالمحور الامريكي والبريطاني في الحرب العالمية الثانية قتلت ما يزيد عن 55 مليون من البشر . الفرق الوحيد هو ان تلك الحرب كانت بعيدة عن اراضي الولايات المتحدة التي كان يحميها محيطان . أما اليوم فهناك التدمير المتبادل وستكون القارة الامريكية هدفاً يجعل اصحابها يفكرون الف مرة قبل الدخول في مثل هذه المغامرة. ستستعر هذه الحروب بالوكالة والحروب المحدودة بالاصالة بأهداف محددة .
كان الفصل الرابع عشر من كتابي (حروب البترول الصليبية) الصادر سنة 2005 عنوانه (الامبراطورية الامريكية:  نهايتها بسكتة قلبية اقتصادية). وأغلب الظن أن انهيارها سيكون من الداخل وأن التآلف  العنصري الذي أوصل ترامب إلى الحكم هو بداية مثل هذا الانهيار .

5- ماذا عن أمريكا الصغرى (اسرائيل)؟ إنها حتماً إلى زوال:
سيكون صادماً للبعض بأن إسرائيل إلى زوال في وقت وصلت عربدتها إلى السماء . فاليوم تدعمها الولايات المتحدة بلا تحفظ بل ويدير نتنياهو الثلاثي الصهيوني اليهودي كوشنر – جريت بلات- فريدمان . وهناك مشروع لتصفية القضية الفلسطينية وافق عليه النظام الرسمي العربي والذي ساهم اساساً في تواطئه إلى ترسيخ ذلك الكيان. ولقد قبلت منظومة النظام الرسمي العربي أن تكون (إسرائيل) اليوم هي مرجعيتها بدلاً من الولايات المتحدة بل وأن تكون حاميتها ضد خطر وهمي يهدد أنظمة تلك الدول . لكن اوباما  قال إن الخطر على تلك الأنظمة هو من داخلها نتيجة سوء توزيع الثورة والبطالة والفقر .

لعل أهم ما يدفعني إلى الإيمان إلى حد اليقين بزوال هذا الكيان هو تحوله العميق والمتسارع إلى التطرف يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة وسيثبت التاريخ أن نتنياهو كان العدو الأول لهذا الكيان .  أصبح الكيان الصهيوني نظام ابرتيد بشكلٍ لن يزول إلا بزوال الكيان نفسه كما أنه اسقط ورقة التوت عن النظام الرسمي العربي وكشف المستور.

6- كلاب الاثر وكلاب البشر  وراء بطل سلفيت (الشهيد عمر ابو ليلى):
جاء رجل ولا كل الرجال  وحيدا بمفرده إلا من إيمانه القوي بالله وبقضيته حاملا روحه بيد  وسكيناً في يد وعنده رسائل. أولها إلى الكيان المحتل المغتصب وهي أنه اوهى من بيوت العنكبوت  وأن فلسطين لها شعبها المقاوم  لا ينسى وطنه وأن المحتل الصهيوني هو جبان مهما كان مدججاً بالسلاح.  ولد هذا البطل في ظل الاحتلال واخذ هذا المقاوم سلاحه من عدوٍ جبان  يستأسد فقط على أنظمة أكثر منه جبناً ، هي  في الحروب نعامة تستأسد هي الأخرى فقط على شعوبها.  لم ينقص هذا المجاهد الشاب لا الحيلة ولا الوسيلة فبعد أن قتل جندياً جباناً استولى  هذا المجاهد على سياره مستوطن مذعور ترك سيارته هاربا طالبا الغنيمة بالسلامة. قاد المجاهد تلك السيارة إلى مفترق طرق أخر  ليقتل جنوداً جبناء أخرين مع ثلة من اللصوص المستوطنين. ثم يختفي هذا البطل . أما رسالته الثانية فكانت لسلطة رام الله ليبين لهم هول الجريمة التي يرتكبها عملاء الاحتلال المرتزقة ممن يعتبرون حماية الإحتلال امراً مقدساً!  أرسل الاحتلال طائراته بحثا عن هذا المجاهد الاسطوره وكذلك كلاب الأثر وارسل حراس الاحتلال كلابهم من البشر.

أما رسالة هذا المجاهد الأسطورة الثالثة  فهي إلى الأنظمة العميلة بانهم وصفقة قرنهم  إلى مزبلة التاريخ.  أعطى اللورد بلفور كما يقولون وعداً ممن لا يملك إلى من لا يستحق. وأعطى النظام الرسمي العربي ما أعطاه بلفور مع ما تبقى من كرامتهم. أما الرسالة الرابعة فهي لكل من يريد أن يرى وأن يسمع بأن فجراً جديداً قد بزغ وان المقاومة الصاعدة هي الطريق الوحيد للتحرير.
رحم الله الشهيد وأدخله فسيح جناته …

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/03/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد