آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
ليلى نقولا
عن الكاتب :
أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

"صفقة القرن": دور المسيحية "المُتصهينة"


ليلى نقولا
 
يوماً بعد يوم، تتكشّف بنود من المؤامرة التي يُخطّطها ترامب وإدارته لمستقبل المنطقة وقضية الصراع العربي، أو ما يُسمّى اصطلاحاً "صفقة القرن".
وبالرغم من انكشاف بعض بنود تلك الصفقة عبر الإعلام، والتي تحدّثت عن تبادل أراضٍ، حيث يكون للفلسطينيين قطاع غزّة فقط (مشروع غزّة أولاً) مع بعض الأراضي من صحراء سيناء والأردن، على أن تقوم السعودية بتعويض تلك الأراضي للدولتين، بالإضافة إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم...

ولقد كشفت تصريحات نتنياهو الأخيرة قبل الانتخابات الإسرائيلية عن جزءٍ هامٍ من تلك "الصفقة"، والتي اعتبر فيها أنه لن يقبل بتفكيك المستوطنات بل سيزيدها، وأن القدس بأكملها ستكون عاصمة "إسرائيل"، وأنه سيضمّ الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية وسيطلب من الرئيس الأميركي ترامب الاعتراف بتلك السيادة.

ومع تجربة نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، يمكن التكهّن بأن ترامب سيقوم بالاعتراف بضمّ الضفة الغربية إلى "إسرائيل"، طالما قام بما قام به في السابق ولم يحصل أيّ تصعيد بالمقابل، بل ما زال العرب يهرولون للتطبيع مع إسرائيل ويهرعون لاسترضائه.

لكن، لماذا يقوم ترامب بكل هذه الخدمات لنتنياهو وماذا يريد "التاجِر ترامب" بالمقابل؟

فعلياً بدأ ترامب منذ انتهاء انتخابات الكونغرس النصفية، بالتحضير للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى عام 2020، ويحتاج ترامب لإعادة انتخابه إلى دعم اللوبي اليهودي في أميركا بالإضافة إلى أصوات الكتلة الإنجيلية.

بالنسبة للوبي اليهودي، يُدرِك ترامب حجم التأثير الذي يمتلكه هذا اللوبي على صعيد الجامعات والإعلام والتأثير على الكونغرس، بالإضافة إلى مجموعات التفكير المختلفة والتي تستطيع تشكيل رأي عام ضاغِط يعاقب مَن يعادي إسرائيل، و"يعوّم" مَن يخدمها، ويُحفّز الناخبين للتصويت له.

أما بالنسبة لأتباع اليمين الأصولي الإنجيلي، فهؤلاء يُصوّتون عادة لمُرشّحي الحزب الجمهوري، اعتقاداً منهم أنهم "أكثر تديّنًا"... وبالرغم من الفضائح الأخلاقية التي رافقت مسيرة ترامب السياسية، وابتعاده عن التديّن، إلا أن هذه الكتلة أعطته 81% من أصواتها عام 2016. من هنا، كان الضغط الشديد الذي مارسه ترامب على تركيا في قضية القس برونسون والتي كادت تقطع العلاقات الأميركية مع دول حليفة في حلف الناتو.

وتشير التقارير الصحفية، إلى أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، كان بنتيجة جهود وضغوط من هؤلاء، وأن نتنياهو عقد اجتماعاً مع بعض النافذين في الكنيسة الإنجيلية لشُكرهم في إقناع ترامب باتخاذ قرار نقل السفارة.

يقرأ "اليمين المسيحي الإنجيلي" في نصوص العهد القديم، ويؤمنون بما أتت به، أي بنفس الأفكار التي روّجت لها الصهيونية، أي وجوب قيام دولة إسرائيل أن المسيح سيعود مرة ثانية لمحاربة الشر، على الأرض بعدما تحصل إعادة تجميع لليهود في فلسطين، وبناء الهيكل في "أورشليم".

وبعد قيام ترامب بنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بالجولان، حاول ترامب استخدام تصريحات النائب المسلمة إلهان عمر لاتهامها بمُعاداة إسرائيل، ولاستغلال الحركة الحزبية "جيكزودس" التي تشجّع على ابتعاد اليهود عن الحزب الديمقراطي والانتقال إلى الحزب الجمهوري ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة.

إذاً، تبدو القاعدة الحزبية التي سيتّكل عليها ترامب في انتخاباته المقبلة، هي الحركات المسيحية "المُتصهينة"، بالإضافة إلى دعم اللوبي اليهودي، وجنرالات البنتاغون الذين أغراهم ترامب بزيادة الموازنة الدفاعية إلى أقصى حد... وإذا استمر ترامب في سياساته الجاذِبة لليهود واليمين المسيحي الإنجيلي، واستمر الحزب الديمقراطي في الغرق في مشاكله وعدم القدرة على إيجاد مُرشّح لمُنافَسة ترامب بقوّة، يكون على العالم والأميركيين التعايش مع فكرة بقاء ترامب أربع سنوات إضافية أخرى.

لصالح موقع الميادين نت

أضيف بتاريخ :2019/04/10