آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
منى صفوان
عن الكاتب :
باحثة وكاتبة يمنية

المنطقة بلا شرطي.. واليمن يعيد ترتيب موازين القوى

 

منى صفوان

فشلت أمريكا في ضبط إيقاع المنطقة الأهم في العالم، برغم تحشيدها العسكري فيها منذ 3 عقود، وخاصة بعد سقوط  النظام الإيراني الموالي لأمريكا قبل 4 عقود،  والذي كان يقوم بدور شرطي المنطقة، ولم تستطع أمريكا خلق شرطي بديل من حلفائها العرب، يقوم بذات المهمة الإيرانية، ليقلل من تكلفة الخسائر الأمريكية.

كانت إيران الشاه تقوم بالوكالة  بقمع التمردات والثورات، التي تندلع ضد نظام الحكم في الخليج، وتسير علاقة دول الخليج ببعضها، وتقدم الدعم اللوجيستي لإسرائيل وامريكا ضد الأنظمة العربية المعادية لها كالعراق ومصر وسوريا.

ومنذ تغير دفة السياسية الإيرانية بعد الثورة، تغير شكل المنطقة، وأصبح الأخطر على أمريكا هو الانشقاق بين الحلفاء الذين كانوا أشقاء،  وما ظهر من صراع خليجي – خليجي ، إضافة إلى تفلت الأمور أمنيا داخل دول الخليج، مما لايهدد استقرارها فقط، بل أيضا مصالح أمريكا.

وكان لحلفاء أمريكا دور في إثارة الفوضى في منطقتهم وعقر دارهم،  وكأنها لعنة النفط دارت عليهم، بتفجير حروب عبثية  اهمها الحرب على اليمن، وهي التي جعلت اليمن يكسر الحاجز للمرة الأولى في تاريخه، ويعلن ضرب واستهداف العواصم الخليجية المعتدية.

فاليمن اليوم يمتلك حق المواجهة والرد، لوقف العدوان عليه والحصار الاقتصادي، بعد الحرب السعودية – الأمريكية عليه، وسكوت النظام العربي الرسمي.

فلم يعد هناك خليج واحد يقف بوجه إيران، وانتهى زمن التعاون الخليجي، حيث انشيء مجلس التعاون الخليجي باقتراح أمريكي لمواجهة إيران، اليوم هناك قطيعة خليجية بين مجلس التعاون، وصراع وحصار وحروب باردة.

كل هذا بالتاكيد ليس في صالح أمريكا وتواجدها في الشرق الأوسط، فهي لاتعتمد اليوم على خليج قوي، خليج غير قادرة على حماية نفسه، من ضربات إيران وحلفائها، وتطالب بالحماية الإمريكية، التي تكلفها الكثير من هيبتها السياسية واقتصادها

إن صعود القوة العسكرية اليمنية – الحوثية، قرب الحدود السعودية، حول السعودية إلى طرف ، بعد أن كانت هي المرجع في كل القضايا اليمنية والصراع اليمني الداخلي، وفقدان السعودية لموقعها  كمركز اجماع، قلل من قيمتها في الشرق الأوسط، كقطب اقليمي، فهي اليوم ليست محل اجماع خليجي ، ولا عربي، وليست سيدة المنطقة، كما كان يعد لها الأمريكان لتحل محل الشرطي الإيراني الغائب، لحماية مصالح أمريكا وإسرائيل.

الطائرات اليمنية – الحوثية اليوم تستهدف عمق المصالح الامريكية (منشات النفط السعودية) أن هذا الاستهداف هو منعطف جديد في خارطة الصراع، فلأول مرة يتم استهداف هذه المنشات الحيوية التي يقوم عليها الاقتصاد السعودي.

إن النفط هو الركيزة الأساسية للقوة السعودية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، القوة التي اشترت بها القرار العربي الرسمي، وأصبح هي المحرك في اي رد فعل عربي خلال العقدين الأخيرين، واستهداف  هذه المنشات رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة، أن حلفائها الذين اشعلوا النيران في المنطقة لن يكونوا بعيدين عن دائرة النيران.

القوة النفطية التي اشترت أغلى الأسلحة في العالم، لقتل ملايين اليمنيين، ولتصفية القضية الفلسطينة، وكل قضايا الأمة، واجهاض الثورات، ودعم الأنظمة العربية التابعة لأمريكا.

 لقد استطاعت حركة انصار الله الحوثية أن تقلب الطاولة على الجميع خلال أعوام قليلة، وتنتقم لنصف قرن من خيانة المال العربي النفطي للقضايا العربية،  وتشارك في  رسم السياسات في المنطقة، ومن خلال عملياتها النوعية التي سبق وهددت بها، تعيد ترتيب أولويات الصراع في المنطقة الملتهبة.

اليمن لم يكن سهل الهضم، لقد خرج من بطن الحوت، وأصبح يعقد تحالفات اقليمية ندية، واحرق  العباءة السعودية، وزاد هذا من التهديد الإيراني، بمعنى أن حرب اليمن كان أثرها عسكيا على التيار الأمريكي، ووجدت أمريكا نفسها اليوم في فوهة المدفع تتوعد بالرد على إيران، بعد استهداف الحليف الاقتصادي الذي يمول كل عملياتها العسكرية في المنطقة منذ التسعينيات.

إن تواصل عمليات يمنية من هذا النوع، لن يتحملها الاقتصاد السعودي، ولا الحليف الأمريكي، وفي الضفة  الأخرى تجلس إيران متاهبة لأي رد فعل بل ومتشوقه له، بعد اعلانها عن زوراقها العسكرية الانتحارية  المحملة بالصورايخ والقادرة على تدمير المدمرات الأمريكية في الخليج، الرد من هذا النوع أقل تكلفة وأكثر تدميرا، وسبع طائرات مسيرة يمنية صغيرة،  تدخل ضمن هذه المدرسة في الرد العسكري، حيث لاتحتاج اليوم الا لأقل أسلحة حجمها وتكلفة،  لتحلق وتحلق  تدميرا بأكبر الأهداف العسكرية.

لذلك فليس من الصحيح حساب فارق القوة بفارق التسليح، بل بالقدرة على الحاق الضرر، وحرب اليمن خير نموذج لهذه المدرسة.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/05/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد