آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله السناوي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي مصري

بين التصعيد والتهدئة: ماذا بعد؟

 

عبدالله السناوي   

الخط الأول، السعي إلى خنق النظام الإيراني وإسقاطه من الداخل بتصعيد العقوبات الاقتصادية والمالية عليه والعمل على تصفير الصادرات البترولية، التي تمثل ما لا يقل عن (30%) من الدخل القومي. بحسب تصريحات أميركية متواترة، فإن العقوبات تستهدف تغيير سلوك النظام لا إسقاطه، من دون أن يكون واضحاً أي فارق بين الاستهدافين، فكلاهما يفضي إلى تقويض الدور الإقليمي الإيراني. مشكلة هذا الخط الاستراتيجي، رغم ما يسبّبه من آلام فادحة للمواطن العادي، أن إيران اعتادت التكيف مع ضروراته وتكاليفه على مدى عقود طويلة، وأن شيئاً من الصبر يساعد على التحمّل حتى تنقضي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بكل جموحها الليكودي، فيما هذه الإدارة في عجلة من أمرها.

ما تطلبه الإدارة الأميركية أقرب إلى العودة إلى خطوط ما قبل 1979

إدارة ترامب عزت إرسال حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» إلى الشرق الأوسط إلى معلومات استخبارية عن ضربات إيرانية متوقعة لأهداف ومصالح أميركية واحتمالات نشوب حرب، بحسب ما نشرت صحف ووسائل إعلام. كما عزت ذلك التصعيد إلى مخاوف من إغلاق مضيق هرمز، بما يؤثر على نقل إمدادات النفط من الخليج إلى الأسواق الدولية ويرفع أسعاره بصورة مزعجة. الرئيس الأميركي أبدى سخريته، ربما على خلفية أزمته المتفاقمة مع الصحافة في بلاده، خاصة مع «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، من هذه التصريحات المنسوبة لمصادر رسمية في إدارته من دون أن يوضح لماذا أرسلت حاملة الطائرات وحقيقة المعلومات الاستخبارية. الكلام كله مضطرب ومتناقض. احتمالات الصدام المسلح توارت ووتيرة الحرب الكلامية والنفسية ارتفعت.

كان الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران بأهدافه وحيثياته أوسع وأخطر من أن ينسب لأي خرق إيراني لالتزاماته التي أكدتها تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. النقد انصبّ على ما حول الاتفاق لا على نصوصه ومدى الالتزام بها، داخلا مباشرة إلى البرنامج الصاروخي والدور الإقليمي الإيراني. وفيما ذهب الأوروبيون إلى الاحتواء اندفع الأميركيون إلى التصعيد، من دون أن تكون هناك استراتيجية تتجاوز كتم الأنفاس بالحصار. في محاولة للضغط الدبلوماسي على الشريك الأوروبي الافتراضي، لوّحت طهران بوقف الالتزام ببعض بنود الاتفاق النووي في ما يتعلق بمخزون المياه الثقيلة واليورانيوم المخصّب، لكنه لم يكن لديه ما يقدمه. هكذا استحكمت حلقات الأزمة الأميركية الإيرانية.

ما تطلبه الإدارة الاميركية أقرب إلى العودة إلى خطوط ما قبل (1979)، حين كانت إيران رجل أمن الإقليم وحليف إسرائيل الرقم واحد. هذه مسألة مستحيلة بالنظر إلى الحقائق الإيرانية الماثلة. هنا تتبدى أكثر النقاط خطورة، والتي تتداخل في ثنايا الأزمة الأميركية الإيرانية وعمقها. أي قراءة للأزمة بعيداً عن «صفقة القرن» التي تحيل القضية الفلسطينية إلى محض مشروعات استثمارية وعقارية تجهض إلى الأبد طبيعتها الوطنية والتحررية لا تفي بكامل الصورة. ربما من أسباب وقف التصعيد العسكري أنه يتناقض مع ما تتطلبه «صفقة القرن»، التي يوشك الإعلان رسمياً عن شقها الاقتصادي، من إغواءات للتطبيع الجماعي باسم الازدهار. بين التصعيد والتهدئة نزوع لاستبدال العدو الإسرائيلي الجاثم بالعدو الإيراني الافتراضي. وهذا أسوأ ما يحدث الآن.

 

<p justify;\"="" style="text-align: justify;">صحيفة الأخبار اللبنانية

أضيف بتاريخ :2019/05/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد