آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبده خال
عن الكاتب :
روائي وكاتب سعودي

السياحة بلا ليل أو مشتقاته

 

عبده خال

مع إطلالة أي إجازة تظن للوهلة الأولى أن المواطنين كلهم على وشك الرحيل إلى عواصم الأرض.

وفي هذه الأيام يرتفع رصيد حب الموظفين في وسائل النقل الجوي عل أحدهم يجد لك منفذا لكي تلحق بالعصافير المهاجرة خاصة إذا كان قرار السفر جاء من باب الغيرة واللحاق ببقية الشعب.

وظاهرة سوق السياحة لدينا تحمل مؤشرات عالية جدا لمن يخرج وليس لمن يدخل ففي بلد واحدة (كدبي مثلا) ارتفع عدد السياح السعوديين إلى 1.54 مليون سائح عام 2015. فماذا عن بقية مدن العالم ؟

وإذا كانت السياحة ثروة استثمارية لكل بلد فنحن نمثل طاقة اقتصادية تبحث عنها كل الدول بتوفير الأجواء الملائمة لجذب هذه الطاقة السياحية..

وخلق الأجواء الملائمة تعني تلبية احتياجات السياح بكل أطيافهم وما لم يتوفر هذا الجو سوف تظل السياحية الداخلية شعارا براقا لمن يريد الغناء.

ورحيل جل المواطنين ما هو إلا إشارة لخلل نفسي تغلغل حتى وصل إلى الغالبية العظمى بأن راحة البال لا تكون إلا في السفر للخارج.

أذكر أن الفتاوى تراكمت في تحريم السفر إلا أن واقع الحياة جعل الناس يخرجون فرادى وزرافات إلى خارج الحدود، وهذا الإصرار على مواصلة الرحيل في كل مواسم الإجازات ليس كما كان يقال بأن المتجهين إلى عواصم العالم ما هم إلا أناس يبحثون عن الليل ومشتقاته (وهي التهمة التي كان يتقلدها الشباب) فما هي الحجة الآن عندما تحولت الأسر السعودية إلى طاقة متحركة في كل إجازة، فهل هؤلاء باحثون عن الليل ومشتقاته أيضا.؟

ظاهرة السفر في الإجازات ظاهرة حقيقية تحمل عدة دلالات قد يكون أهمها أن الأماكن السياحية الداخلية ليست جاذبة، وليس هذا بسبب الليل أو المناظر أو الرخص، علينا الاعتراف بأن سياحتنا ليست جاذبة لنقص الخدمات؛ ولأننا تحولنا إلى عيون مبثوثة لمراقبة هذا وذاك.. وتعكير الأمزجة بما يجب ولا يجب وتحولنا الى أوصياء على خلق الله.
وأعتقد أن أهم جذب يتبعه السائح السعودي التخلص من المراقبة الاجتماعية التي تريد منا أن نكون نسخة واحدة (وهذا القول لا يحمل فوق طاقته)... فالناس يخرجون بحثا عن الشعور بالراحة بحثا عن حرية أن تفعل ما تشاء من غير المساس بالآخرين.

الناس يريدون الابتعاد عن الأماكن الضيقة إلى الأماكن الباعثة للاسترخاء النفسي بعيدا عن أسئلة تحمل مسامير سوء النية، يحتاجون إلى الأماكن التي تستقبلهم طوال 24 ساعة من غير اشتراطات مسبقة.

هذه الظاهرة لها زمن طويل ولو كانت النية متوفرة لحل هذا التدفق البشري إلى عواصم العالم لاستطعنا حل هذه المعضلة منذ زمن.

ستظل هذه الظاهرة في حالة زيادة ما لم يتخلص المكان الداخلي من منغصات الحياة، وجماليات الحياة ليست قائمة على الليل ومشتقاته بل الشعور بأنك في حالة استرخاء لا يطالها أي تعنيف أو تجريم أو انسياق لرغبة الآخرين.


صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/03/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد