آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

ظريف يطلق رسائل الطمأنة و.. من الدوحة

 

صالح القزويني

لا أعتقد أن الاتفاق الذي وقعته الحكومتان القطرية والأميركية خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للدوحة مطلع العام الجاري والذي ينص على توسيع قاعدة العيديد الأميركية في قطر؛ مرّ مرور الكرام على المسؤولين الايرانيين.

ربما الشد والجذب والتوتر بين قطر والدول الأربعة (السعودية والامارات والبحرين ومصر) التي تحاصرها وتقاطعها، وراء عدم تسليط وسائل الاعلام الضوء الكافي على الاتفاق، غير ان السؤال المطروح هو، أن القاعدة الاميركية التي لعبت دورا رئيسيا في اسقاط نظام صدام، لماذا تريد واشنطن توسيعها، هل من أجل القيام بدور أكبر من العراق؟

تذكرت هذا الاتفاق عندما استعرضت في ذهني احتمالات اتخاذ الولايات المتحدة قرارا بشن حرب مدمرة ضد ايران، كالحرب التي شنتها ضد العراق، ومع أن فرص اتخاذ مثل هذا القرار منعدمة للغاية في الوقت الراهن إلا انه ليس مستبعدا جدا أن يتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا القرار بعد فوزه في الانتخابات القادمة وتسلمه مقاليد الحكم لدورة رئاسية ثانية، عندها تكون اعمال توسيع العيديد انتهت وأصبحت جاهزة للقيام بمهمة الحرب على ايران.

من المؤكد أن المحور الرئيسي لزيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الاثنين الماضي للدوحة ليس الاتفاق الأميركي – القطري لتوسيع قاعدة العيديد وانما الهدف منها المشروع الذي تعتزم الولايات المتحدة الأميركية تنفيذه في الخليج الفارسي والذي أطلقت عليه اسم ضمان حرية الملاحة البحرية، إلا أن الدلائل تشير الى أن الهدف منه هو منع ايران من تصدير النفط عبر مضيق هرمز.

ادارة ترامب تعتقد انها ما لم تصفر صادرات النفط الايرانية فان كل مساعيها وجهودها للضغط على طهران وتضييق الخناق عليها ستذهب أدراج الرياح، لذلك فانها ترى أن السواحل الايرانية تلعب الدور الرئيسي في الالتفاف على عقوباتها، وبالتالي ما لم تمنع ناقلات النفط الايرانية من مغادرة المياه الخليجية فانها لن تنجح في تصفير النفط الايراني.

تضاءلت احتمالات تنفيذ المشروع الأميركي مع رفض العديد من الدول الانضمام اليه إلا أن بريطانيا بعثت الروح فيه عندما اعلنت أنها ستنضم اليه، وتزايدت فرص ولادته.

طهران من جانبها بدأت التحرك في الاتجاه المعاكس من أجل اجهاض المشروع قبل ولادته، وتتركز الجهود الايرانية على سحب الذريعة الرئيسية للولايات المتحدة من محاولتها تنفيذ المشروع والتي طالما أعلنتها وهي أن “ايران عامل تهديد وعدم استقرار للمنطقة”، لذلك شهدت العاصمة الايرانية في الآونة الأخيرة زيارة وفدين عسكريين (اماراتي وقطري) من أجل التنسيق في مياه الخليج الفارسي.

كما شهدت العلاقات الايرانية – السعودية نوعا من التطبيع والتقارب والذي انعكس بشكل ايجابي على طريقة تعامل المملكة مع الحجاج الايرانيين، وتأتي زيارة ظريف للدوحة في هذا الاطار، كما ان الرئيس الايراني حسن روحاني لم ينتظر لينفض ظريف عن نفسه أعباء السفر للدوحة لذلك أعلن بعد عودته لطهران مباشرة بأنه مستعد لتطوير التعاون والعلاقات مع الدول المجاورة.

ليس من الواضح جهود من ستكلل بالنجاح، ومع أن الخطوة التي أقدمت عليها سلطات جبل طارق باطلاق سراح قبطان الناقلة الايرانية و3 من ضباطها يصب في اطار امتصاص التوتر بين ايران من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى الا أنه حتى لو تم الافراج عن الناقلة الايرانية فهذا لا يعني أن لندن وواشنطن قررتا تجميد مشروع “ضمان حرية الملاحة البحرية”.

وبغض النظر عن ولادة المشروع الأميركي أو عدم ولادته فان اسقاط القوات الايرانية للطائرة الاميركية وكذلك احتجاز السفن دللت بما لا يدعو للشك أن طهران جادة بتنفيذ مبدئها “السماح للآخرين بتصدير نفطهم عبر مضيق هرمز، ما دامت ايران قادرة على تصدير نفطها”، ولا يبدو أن طهران ستتراجع عن احتجاز أو استهداف السفن وناقلات النفط الأجنبية في مضيق هرمز اذا استهدفت البوارج العسكرية سواء الاميركية أو البريطانية أو أية دولة أخرى السفن الايرانية.

كل الدلائل تشير الى أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للتراجع عن تكثيف الضغوط على ايران، ومن المؤكد أنها ستنجح في ضغوطها لو تعاونت معها سائر الدول وخاصة دول المنطقة في تسهيل عملية الضغوط وتضييق الخناق على ايران، بينما ستفشل هذه الضغوط لو رفضت مماشاة واشنطن، وهذا ما دعا اليه ظريف خلال زيارته للدوحة، غير ان هناك مضمون آخر للرسالة التي وجهها ظريف من الدوحة وهو أن ايران لن تكون المتضررة الوحيدة من نجاح الضغوط الاميركية بل أن المنطقة كلها ستضرر خاصة اذا تصاعدت الضغوط ووصلت الى شن الحرب الاميركية على ايران.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/08/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد