آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
كمال خلف
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب فلسطيني

متى يعلن نصرالله مشروع الأمة

 

كمال خلف

محور المقاومة ينجز ترابطه على جبهات قتال كان فيها بموقع الدفاع، في مواجهة مشاريع في ظاهرها له أهداف محلية أو يأخذ شكل الصراع الداخلي، وفي حقيقتها تتجه نحو هدف واحد وهي كسر أي قوة تواجه إسرائيل في المنطقة، وأن تبقى إسرائيل القوة الوحيدة المتماسكة والمهيمنة على منطقة ضعيفة ومفتته وتفتك فيها نزعات الانفصال والصراعات الطائفية والمذهبية والاثنية.

 لكن تحالف جبهة المقاومة عمل على قلب الطاولة. وتحويل مشروع إخضاع المنطقة، إلى مشروع جبهات متعددة في وجه إسرائيل من صنعاء إلى دمشق وبغداد ولبنان وطهران وفلسطين المحتلة. هذا التحالف بعد أن خاض معركة المصير في سوريا، حيث كانت المعركة هناك بوابة لحفر قبره ودفنه، وتغيير وجه المنطقة، بالانتقال من سوريا إلى محاصرة حزب الله والقضاء عليه بالوكالة عبر مجموعات متطرفة تقاتله في معاقله في بيروت وقراه في جنوب لبنان والبقاع، بالتزامن مع تداعيات سقوط النظام في سوريا على المشهد السياسي اللبناني، حيث سيشكل ذلك انقلابا في الموازين الداخلية، وسوف تتساوق قوى لبنانية تعتبر نفسها بموقع قوة بعد نجاح المشروع في سوريا، مع الهجمة العسكرية بالوكالة على حزب الله لترفع الغطاء السياسي المحلي ايذانا بنهاية الحزب. وانقلاب المعادلة اللبنانية.

ومن ثم ابتزاز العراق من باب إنقاذه من مصير الوقوع في قبضة داعش مقابل تغيير بنية النظام واقصاء حلفاء إيران من المشهد السياسي، وهذا ما بدأ فعلا باشتراط واشنطن إقصاء رئيس الوزراء نوري المالكي أولا قبل أن تعلن تشكيل تحالف دولي لمحاربة داعش في العراق والإعلان كذلك أن المعركة ضد داعش سوف تستغرق سنوات. وبهذا تنتهي أي جبهة تهدد إسرائيل. و يتغير وجه المنطقة بالكامل.

 إلا أن تحالف جبهة المقاومة، أفشل بعناد مشروع تغيير دور سوريا ، وانخرط باكرا في دحر تنظيم داعش في العراق عبر تشكيل قوات الحشد الشعبي، و بناء جسر جوي وبري من طهران إلى بغداد لنقل السلاح والعتاد له في مواجهة داعش وتحرير المدن العراقية، مما اضطر واشنطن إلى الالتحاق بهم والمشاركة في قتال داعش حتى لا يكون لانكفائها تبعات على دورها ونفوذها في العراق، وانقلاب الموازين لصالح طهران وحلفائها بناءا على نتائج المعركة.

اليوم تتحول البنادق من جبهات متعددة على امتداد واسع إلى نقطة مرتكز المشاريع ومحور انطلاقها وهي إسرائيل. فتتحرك إسرائيل المدركة لخطورة الوضع لمواجهة استباقية لجبهة تنمو وتكبر وتراكم القدرات والخبرات. وتوسع إسرائيل دائرة العدوان من غزة إلى جنوب لبنان إلى سوريا ومؤخرا العراق.
نحن أمام جبهة عربية إسلامية تتبلور على مساحة هذا المنطقة، تضم اتجاهات سياسية واجنحة وتيارات اسلامية سنية ” حماس والجهاد ” وشيعة وحتى قومية مثل حزب البعث والحزب القومي السوري و يسارية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. هذه الجبهات بدأت تترابط وتحدد هدفها ووجتهتها. متحررة من عقدة العجز والضعف والرضوخ أمام الولايات المتحدة وإسرائيل. نافضة عنها عقدة هزائم العرب منذ حرب 67 .

إلا أن هذا يحتاج إلى أن يعلن هذا التحالف “مشروع الأمة”.
مشروع يستقطب التيارات والأحزاب العربية والإسلامية. مشروع يعلن عن نفسه بوضوح ويعلن فتح بواباته للنخب العربية والحرة في العالم. مشروع يتسع لمختلف الأفكار والتيارات لتشارك في فرد اجنحته على مساحات المنطقة متجاوزا الحدود والقيود. مشروع يمسك السلاح بجديه، ويستخدمه بحنكة وشجاعة. مشروع يحتضن الفن والثقافة والأدب والسياسية والبحث العلمي، والعمل الاجتماعي.
 وبما أن الناطق باسم هذا الحلف الصاعد فيما يظهر هو الأمين العام لحزب الله السيد “حسن نصرالله”، فإننا نعتقد أن هذا الإعلان يقع على عاتقه. قائدا منتصرا صادقا وصلبا.
“مشروع الأمة” هو أول مشروع تعلنه المنطقة بعد عقود من الضياع و الشعور بالضعف و الهوان، هو أول مشروع بعد حلم المشروع القومي العربي الملهم الذي أعلنه وقاده الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر”، ذلك المشروع الذي شكل املا للأمة و بنت عليه الشعوب الاحلام والامال، متى يعلن حلف المقاومة “مشروع الأمة”؟ ومتى سيقف السيد نصرالله ليقول أننا نعلن للأمة انطلاق هذا المشروع ؟، والانتقال من مرحلة الدفاع بالسلاح وجبهات القتال، إلى مرحلة تأسيس مشروع متكامل، لكافة شعوب المنطقة تشارك به وتعقد عليه الأمل، وينظر له النخبة، وينقله المبدعون والمثقفون إلى شعوب العالم، حتى تحقيق هدف نهوض الأمة من جديد والتخلص من الاحتلال والتبعية، والعبث بمصير ومستقبل الشعوب.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/08/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد