آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال سلمان
عن الكاتب :
طلال سلمان (مواليد 1938) هو صحافي لبناني كبير مؤسس جريدة السفير اللبنانية اليومية. شكل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العام.

غارة الفشل المزدوج على “الضاحية”: الطائرات المسيرة تسقط كالعصافير الميتة!

 

طلال سلمان

استمرأ العدو الاسرائيلي استعراضات طيرانه الحربي في طول الأرض العربية وعرضها: يضرب حيث يشاء، بسهولة مغرية، وتعود طائراته الاميركية المحدثة إلى مطاراته الحربية “صاغ سليم”، وسط صمت عربي مهين، و”شماتة” دولية، وعجرفة أميركية تستبطن الاعتزاز بما يفعله هذا “المشاغب” الصهيوني، فيكسر الاعتداد العربي بالغاز والنفط، ويتوسل “الوساطة”.. منعاً لمزيد من الحرج والخجل بالنفس!

كثَّف غاراته اليومية على المطارات والقواعد العسكرية في سوريا، بذريعة انها “ايرانية”، غير عابئ بالمعاهدات بل التحالف الذي يربط بين دمشق وطهران، منذ سنوات بعيدة، ومستهينا ـ في الوقت ذاته ـ بالتحالف السوري مع روسيا ـ بوتين، وبالطيران الروسي الذي يشارك في الاغارة على قواعد “النصرة” وغيرها من التنظيمات التي تمولها وتسلحها تركيا اردوغان وتفتح امامها الارض لمنع وقف هذه الحرب الوحشية المفتوحة ضد سوريا لإخضاعها واجبارها على اللحاق بمصر ـ انور السادات في التوقيع على معاهدة صلح، بل استسلام، بشروط العدو الاسرائيلي (الأميركي)…

بل أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو قد تباهى، قبل ايام، وإثر عودته من مسقط حيث التقى سلطانها قابوس، بأنه قد تلقى دعوات عدة لزيارة بلدان عربية أخرى، أبرزها البحرين، حيث شارك ممثلون لإسرائيل في مؤتمر “مشروع القرن” الذي يروج له الصهر الصهيوني للرئيس الاميركي ترامب، المدعو جاريد كوشنر.

في هذا السياق تأتي الاغارة الاسرائيلية على الضاحية الجنوبية بطائرتين من دون طيار، كانتا تحملان هدايا للأطفال وبعض البسكويت!

كان الوقت ليلاً، ويفترض أن الناس نيام، وان المركز الإعلامي لـ”حزب الله” خالٍ من شاغليه، ما عدا الحراس.. وهكذا فان بوسع الطائرة الأولى من دون طيار أن تقصف حيث تشاء، قبل أن تصل الطائرة الثانية المن دون طيار ايضاً، لتساعدها في الانسحاب بهدوء… بعد انجاز المهمة!

لكن المهمة لم تُنجز.. والطائرتان لم تعودا من حيث جاءتا، بل تحولتا إلى “فرجة” لأطفال الضاحية وكاميرات محطات التلفزيون المحلية والعربية والدولية (وضمنها اسرائيل..).

…وهكذا أمكن للأمين العام لـ”حزب الله”، والذي كان في بلدة العين، قرب بعلبك، أن يُشهدْ العالم على هذه الهزيمة الاسرائيلية الجديدة، بينما هو يعيش مع جماهيره ايام الفرح بذكرى الانتصار على الحرب الاسرائيلية في تموز ـ اب 2006.

لن تكون هذه آخر غارة اسرائيلية على لبنان بعنوان “حزب الله”..

فإسرائيل دولة اقيمت بالخديعة والخيانة العربية والقوة والتآمر الدولي فوق ارض فلسطين العربية.. وكان القرار الدولي، يومها، وما زال قائماً حتى الساعة، أن تكون هذه الدولة الغريبة عن تاريخ المنطقة وجغرافيتها أقوى، بالسلاح والخيانة العربية، من العرب مجتمعين (هذا اذا ما تجاوزوا الاستحالة، فاجتمعوا، من فوق رؤوس الخونة بينهم)..

ولن تغفر اسرائيل لـ”حزب الله” انه قد هزمها بمقاومة مجاهديه واحتضان اهله في لبنان جميعاً حتى أخرجها من لبنان مدحورة، بجيشها الجبار واساطيلها الجوية والبحرية، فجر يوم الثالث والعشرين من ايار العام الفين…

لقد ردها مهزومة وقادة دباباتها المحروقة في سهل الخيام وساحة بنت جبيل وهضاب عيترون، يعولون طالبين النجدة مستأخرين فرق الانقاذ التي كانت تحاول، عبثاً، اكتشاف طريق آمنة إليهم.

إلى أين من هنا؟

نفترض أن القادة والخبراء في الجيش الاسرائيلي يعكفون على دراسة اسباب هذه الهزيمة العسكرية (المحدودة) ونتائجها النفسية والعملية على زهو جيش الدفاع (الذي كان منذ أن أنشئ في حالة هجومية) واعتزازه بقدراته واسلحته المتطورة، ومناخ الهزيمة السائد عربياً والذي “يسحب” القادة العرب، فرادى أو بالجملة، إلى معاهدات الصلح بالشروط الاسرائيلية، مباشرة او عبر الوساطة النزيهة للولايات المتحدة الاميركية بقيادة البطل الأسطوري دونالد ترامب وصهره العبقري جاريد كوشنر.

أما “القادة العرب” ملوكاً ورؤساء وامراء يتقدمهم السلطان قابوس الذي التقى، قبل اشهر، وفي عُمان البعيدة جداً عن ارض الصراع، رئيس حكومة العدو الاسرائيلي، فانهم، اليوم، يضربون اخماساً بأسداس: لا هم يستطيعون أن يلوموا “حزب الله”، لأنه ـ لمرة ـ كان في موقع الضحية وهدف هجوم أرعن على قلب مركزه، بقياداته وإعلامه ومكاتب نوابه، في الضاحية… ولا هم يجرأون على محاسبة العدو الاسرائيلي او يقدرون عليها.. واقصى ما يملكون أن يطلقوا تصريحات “محايدة” جوفاء تستنكر من دون أن تُدين، و”تلوم” “حزب الله”… لأنه قد وتَّر الاجواء الهادئة بإسقاط الطائرتين اللتين كانتا في نزهة ليلية في اجواء بيروت الساهرة وضاحيتها النوارة!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/08/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد