آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد حمية
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة البناء اللبنانية

الرسائل الثلاثيّة لعملية المقاومة!

 

محمد حمية 

ثلاث رسائل حملتها العملية النوعية التي نفذتها المقاومة الأحد الماضي كدفعة أولى من حساب الرد على العدوان الإسرائيلي الأخير:

الأولى لقيادة الاحتلال الاسرائيلي هي أنه كلما حاول تغيير قواعد الاشتباك القائمة سيعاقب وتتغير هذه القواعد بعكس ما يريد، وكلما حاول الاستخفاف بمعادلة الردع القائمة ستتعزز ويرتفع مستواها، وكلما حاول كسر خط أحمر ستعيد المقاومة تثبيته وكسر المزيد من الخطوط الحمراء الذي تعتبرها «إسرائيل» كذلك.

الرسالة الثانية الى الداخل اللبناني للتأكيد على الحاجة الماسة والضرورية الى دور المقاومة في حماية لبنان والدفاع عن أرضه وبرّه وجوّه ومياهه ونفطه، وكل ثرواته بالتعاون مع الجيش اللبناني، وأن أي شكل آخر من أشكال الحماية لا يُجدي نفعاً في إقليم متفجر ومسرح دولي مشتعل لا يعترفان إلا بتوازن القوة والمصالح. وهذا ما تجلى بشكل واضح لدى الأوساط الشعبية والسياسية في مختلف المناطق اللبنانية والأعم الأغلب من القوى والأحزاب السياسية سوى قلة قليلة لا تؤثر على الموقف الوطني العام والعارم الداعم لخيار المقاومة. واللافت في هذه النقطة ان موقف رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة لم يجد صدىً سياسياً ولا داخل الطائفة السنية ولا حتى صدى اقليمياً أو دولياً ولم ينسجم معه نظراؤه في «منتدى» رؤساء الحكومات السابقين المُشكل حديثاً لضبط مواقف الرئيس الحكومة الحالي سعد الحريري. وتبين أن موقف السنيورة ليس سوى اجتذاب الأنظار الدولية والإقليمية إليه كبديلٍ محتمل للحريري في رئاسة الحكومة، ظناً منه أن أميركا أو السعودية تتفقان على استبدال الحريري به.

الرسالة الثالثة موجّهة الى النظام الإقليمي العربي الذي تُهرول دوله باتجاه إبرام اتفاقات علنية مع «إسرائيل»، فيما هذا الكيان الذي انكشفت هشاشة جبهته الداخلية خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة انتظار رد المقاومة، يعيش أسوأ مراحل ضعفه العسكري والاستراتيجي في تاريخه. تلك الدول العربية تذهب اليوم للتطبيع العلني كمن يذهب الى «الحج والناس راجعة»… فعندما كانت «إسرائيل» في ذروة صعودها وقوتها وسيطرتها وسطوتها والدعم الاميركي والغربي والدولي لها، لم تستطع دول الخليج إعلان التطبيع ولم يقدر العرب الذين وقعوا اتفاقيات سلام أن يُلزموا بها شعوبهم. فبقي التطبيع على مستوى الحكام والكيان. فعملية «افيفيم» رسالة لهذا النظام العربي برأسه الخليجي وفي مقدمه الإمارات والسعودية ومصر والأردن بأن العرب قادرون على هزيمة «إسرائيل» عندما يمتلكون الارادة ووسائل القوة وبرنامج العمل والتدريب والإيمان بخيار سياسي يستند الى تطلعات وطموحات الشعوب وليس مصالح الحكام والملوك. وهذه رسالة مفتوحة الى هذه الدول بأنه آن الأوان ليقتنعوا بأن خيارهم التفاوضي والتطبيعي مع «إسرائيل» مقابل تأمين الحماية والشرعية لحكمهم سقط، وأن كياناً لم يعد قادراً على حماية نفسه بعد تفكك معادلات ردعه امام معادلات ردع المقاومة، لا يمكنه أن يحمي عروش حكام ولا ملوك ولا أمراء ولا رؤساء وإن كان يتقاطع ذلك مع المصالح الاميركية. وهذا يشكل ضربة جديدة لما يسمى «صفقة القرن» وأن مشروع التطبيع مع الحكام تمهيداً لتطويع الشعوب سقط.

خيار المقاومة يُثبت يوماً بعد يوم بالميدان وبالنار وبالتجربة وبالدليل الساطع والبرهان القاطع، بأن المقاومة وحدها تحرر الأوطان وتصون حدوده البرية والبحرية والجوية وتحمي ثرواته، المقاومة هي التي تمتلك القوة لتصون الحقوق وليس المواثيق الدولية والمنظمات الإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني، فمَن حرر أرض لبنان… المواثيق التي تدوس عليها أميركا وحلفاؤها أم المقاومة؟ ومَن ردع العدوان منذ الـ2006 الى ليل السبت – الأحد الماضي- أهي المؤسسات الدولية أم المقاومة؟ ومَن يحمي الثروات النفطية والغازية اللبنانية المجتمع الدولي والقوانين الدولية والمائية أم سلاح المقاومة؟ فمقارنة مشهد المستوطنات الشمالية في فلسطين المحتلة حيث حال الرعب لدى المستوطنين وجيش الاحتلال مع المشهد في القرى اللبنانية على طول الحدود تُثبت التحولات الجذرية التي حققتها المقاومة مع «إسرائيل».

كما أن العملية رسالة موجّهة ايضاً لجامعة الدول العربية التي أيدت المقاومة للمرة الأولى منذ سبع سنوات، اضطرت مرغمة على إطلاق هذا الموقف، فالنصر دائماً يؤدي بالمهزومين الى التراجع واتخاذ مواقف بهدف التعمية على أخطائهم وتواطئهم وفشل رهاناتهم. فموقف الجامعة يعبر عن موازين قوى في الإقليم لا سيما على خط واشنطن طهران ومبادرة فرنسية لمفاوضات بين الطرفين، وفهم العرب هذه المرة أن لا غطاء أميركياً لأي حرب اسرائيلية على لبنان كما كان المشهد عشية الـ 2006.

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2019/09/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد