آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. جواد الهنداوي
عن الكاتب :
سفير سابق لدى جمهورية العراق

أسلوب امريكا في توظيف العرب لمواجهة نفوذ إيران


د. جواد الهنداوي

ما يزعجُ  امريكا ليس أثر إيران على عرب المشرق  ،او نفوذ إيران في الدول العربية وخاصة في سوريا و العراق واليمن و لبنان ، وإنما أثرُ  و عواقب هذا النفوذ على اسرائيل ، و بداية العواقب هو الحيلولة دون هيمنة اسرائيل على المنطقة .قوة إيران  العسكرية والتكنولوجية ، و استقلال قرارها ،  وممارسة سيادتها ،عوامل تحول دون هيمنة اسرائيل ، كذلك تَحول دون هيمنة اسرائيل ، الدول العربية ،(بضمنها الدول المتصالحة مع اسرائيل  ) ، إنْ اصبحَ لها قوة واستقلال في القرار .

امريكا تحارب و تحاصر إيران علناً و رسمياً ، و تبتّز العرب و تتبنى استراتيجية تمنع بناء قدراتهم العسكرية و الاقتصادية ، و تجعلْ مِنْ دولهم ساحات و ميادين للدفاع عن الأمن القومي التركي و الاسرائيلي و الامريكي ، وهذا ما نلمسه في سوريا و العراق واليمن ولبنان ، وحتى في الأردن و في مصر .
تجتهد امريكا في الإبقاء على  الخلافات و الفتن العربية -العربية ( خلافات مجلس التعاون الخليجي ،حرب اليمن ،فلسطين ) ، بل و تجتهد في تنميتها ،لكنها تمارس ضغطها و دورها في توجيه حلفاءها العرب و غيرهم بتبني سياسة تتماشى مع مصالحها و مصالح اسرائيل .

في هذا السياق ،نذكر ما نشرته صحيفة يديعوت حرونوت الاسرائيلية مِنْ معلومات عن الدور الامريكي المُشجّع للإمارات للتوجّه اقتصادياً نحو سوريا ، وهذا ما بدا واضحاً في أهمية و ثقل وفد رجال الأعمال الإماراتي المشارك في معرض دمشق الدولي ،تّمَ تنظيمه قبل أيام . الهدف هو ان تدخل دولة الإمارات المتحدة اقتصادياً في سوريا لمنافسة الدور و النفوذ الإيراني ، امريكا ترى بان الانفتاح الاقتصادي الإماراتي نحو سوريا لا يعني انفتاحاً سياسياً تجاه دولة سوريا . ( التقرير تم نشره في جريدة رأي اليوم الإلكترونية ،عبد الباري عطوان ، بتاريخ ٢٠١٩/٩/٨ ) . وحسبَ ما وردَ في ذات التقرير ،امريكا هي التي أفشلت عودة الجامعة العربية الى سوريا . و أنَّ الجامعة العربية مازالت خاضعة للموقف الامريكي و متطلباته . و ما يُرسّخ و يؤكّد هذه المعلومات عن خضوع الجامعة العربية هو غياب مواقفها تجاه الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على سوريا و العراق و لبنان ، وتصريح غير أيجابي لمصدر مسؤول في الجامعة العربية عن الرّدْ العسكري لحزب الله بتاريخ ٢٠١٩/٩/١ ،حين استهدفَ مركبة عسكرية اسرائيلية .

لم تتكلّفْ الجامعة العربية ، ازاء اعتداء اسرائيلي على ثلاث دول عربية ، ( العراق ،سوريا ،لبنان ، )  ، ساهمت في تأسيس و صياغة ميثاق الجامعة العربية ، أن تدعوا  الى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب للتداول واتخاذ موقف ،ولو تصريح ، في ادانة الاعتداءات .

امريكا الآن ، وبعد فشل حملات داعش و الربيع العربي ،  تُعِين حلفاءها في تنظيم أدوارهم في الدول التي تستهدفها اسرائيل (العراق ،سوريا ،لبنان ) : سوريا هي من حصّة الإمارات و تركيا : للأمارات في سوريا سيكون دور اقتصادي  ، و لتركيا في سوريا دور  عسكري وتسليحي لبعض الجماعات المسلحة ، وبالتعاون مع امريكا ، وقد بدأت قوات تركية اميركية بتسيير دوريات مشتركة في شرق الفرات ،كخطوة نحو إنشاء منطقة آمنة في سوريا  . نتساءل : آمنة لمن ْ ؟للاحتلال التركي أم للجماعات الإرهابية او المُسلحة ؟ ، و ما يدعو للعجب وللاستغراب   هو غياب استنكار او احتجاج عربي او دولي ،او اممي او إقليمي (الجامعة العربية ) و كأنَّ الأمر قانوني وَ وارد في الأعراف و العلاقات الدولية . .

العراق هو من حصّة السعودية ، الانفتاح السياسي والدبلوماسي و الاقتصادي السعودي قبل ثلاث سنوات تجاه العراق ، لم يتمّْ الاّ بتوجيه أمريكي . و اتذّكر تصريح علني للسيد هوشيار زيباري ، وزير الخارجية الأسبق ، يُرّحب بهذا الانفتاح و يشكر فيه اصدقاءنا الأمريكين لجهودهم .

لبنان هو أيضاً من حصة المملكة العربية السعودية ، ولا يمكن لأيّ دولة عربية ان تنافس او تعّوضْ عن الدور السعودي في لبنان ، ولأسباب متعددّة . أمريكا تشارك و بقوة دبلوماسياً وسياسياً الدور السعودي في لبنان .

قد يساهم الدور السعودي في أعانة لبنان مادياً و نقدياً ، وهي اعانة محسوبة و مُقّدرة و أحياناً مشروطة ،لكن لا الدور السعودي و لا الدور الامريكي يسعيّان لتعزيز قدرات عسكرية او اقتصادية مستدامة لدولة لبنان ، هدفهما هو محاصرة و طرد النفوذ الإيراني ،و أنْ يتعايش لبنان بأيجابية مع الاحتلال الصهيوني .

تتقاسم او تتكامل المملكة مع الإمارات في إدارة ملف اليمن حربياً و سياسياً و دبلوماسياً وبرعاية أمريكية .

لا يهّمٌ امريكا الخلاف السعودي الإماراتي في جنوب اليمن ، و لايهّمها جياع اليمن او ضحاياه او أوبئته، يَهُمّها استمرار شراء و استهلاك السلاح ، و استمرار الحرب و الفتنة .

ستخسر امريكا في رهانها على مواجهة نفوذ إيران في المنطقة ، لأسباب عديدة ،أهمّها السياسة الأمريكية الفاشلة تجاه المنطقة هي التي ساهمت وتساهم في تعزيز نفوذ إيران ،ستلجأ امريكا الى التعامل مع حقيقة النفوذ الإيراني في المنطقة ،لضمان مصالحها و التقليل من عواقب الفشل .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/09/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد