آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي آل غراش
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي

هل ستغرق السعودية في الفوضى بسبب سياسات ولي العهد؟


علي ال غراش

السعودية في مأزق شديد، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ورطة فهو في دائرة الاتهام التي تتسع وتكبر مثل كرة الثلج لدوره المباشر في ما تشهده المملكة من اهتزاز وفضائح، فهو المسؤول عن شن الحرب العبثية العدوانية على اليمن، التي فشلت في تحقيق أي مكاسب رغم صرف مئات المليارات على الأسلحة الحديثة والطائرات والدعم الغربي، حيث انها تحطمت أمام قوات أنصار الله التي وجهت للرياض ضربات في العمق السعودي، واستهدفت صناعة النفط عبر ضرب معامل النفط في بقيق وخريص وتوقف الإنتاج السعودي الى النصف، والفضيحة الكبرى بتدمير 3 ألوية عسكرية سعودية والاستيلاء على معدات عسكرية وقتل وأسر الآلاف من جنود التحالف السعودي، وأزمة حصار قطر، بالإضافة إلى التصعيد مع إيران، وبن سلمان هو المسؤول المباشر بمقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية على أيدي فريق استخبارات رسمي تابع لمكتبه بطريقة بشعة بتقطيع جسده وإخفاء جثته لغاية اليوم، حيث تمر هذه الأيام الذكرى السنوية لمقتله 2 تشرين الأول/اكتوبر 2018 تلك العملية التي هزت عرش النظام السعودي وساهمت بإيقاف أهداف (فرقة النمر) لتصفية كل معارض ومن لديه أسرار تدين سلطات الرياض.

عام على جريمة قتل خاشقجي

‏عام مضى على أبشع جريمة قتل مواطن على أيدي فرقة أمنية داخل قنصلية بلاده، وكل الإشارات تدل على مسؤولية محمد بن سلمان المباشرة عن الجريمة إذ توجد أدلة تثبت دوره ومكتبه الخاص حسب مجلس الشيوخ الأمريكي والمخابرات العالمية، جريمة حاولت السلطات السعودية في البداية الكذب والتزييف ونكران حدوثها، ولكنها اعترفت بعد الضغوط وبنصيحة من دول صديقة للرياض عبر تحميل المسؤولية لموظفين في الدولة وتقديمهم كأكباش فداء وإنقاذ ولي العهد الذي أصبح غير مرغوب به في الساحة الدولية، ولكن بعض قادة دول العالم وبالخصوص الرئيس الأمريكي ترامب ساهموا بفك الضغط على السعودية مقابل الحصول على مئات المليارات في صفقة استغلال وابتزاز.

كما حاول الأمير محمد بن سلمان الظهور على وسائل الإعلام في برنامج 60 لشبكة “سي بي اس” الأمريكية، بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل خاشقجي لتبرئة نفسه من تهمة مسؤولية القتل والاعتقالات التعسفية والتعذيب والتحرش بالنساء في سجون مملكته. المقابلة تم التخطيط والترتيب والإعداد لها بعناية فائقة من قبل كبار المسؤولين في السلطة السعودية وبالخصوص مكتب ولي العهد وتحديد موعد البث، لتجميل صورته أمام الرأي العام. حيث قال ولي العهد للشبكة الأمريكية إن مقتل الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي: “حدث هذا في ظل ولايتي، وأنا أتحمل كامل المسؤولية” مؤكدا ان ما حدث وقع من دون علمه.

امبراطورية الإعلام السعودي الهائلة حاولت إبراز المقابلة وإظهار الأمير بانه شجاع باعترافه بتحمل المسؤولية، ومن المؤسف جدا وجود أشخاص وإعلاميين يطبلون للمستبدين والقتلة ويدافعون عنهم.

مقتل حارس الملوك

المقابلة التي أجراها محمد بن سلمان للقناة الأمريكية تأتي ضمن مشروع العلاقات العامة لتحسين صورته، ويظهر انها مسجلة قبل استهداف معمل بقيق وخريص، وقبل عملية قتل حارس الملوك الشخصي اللواء عبدالعزيز الفغم في جريمة مثيرة في ظل تسريب أكثر من رواية وكلها تضع أكثر من علامة استغراب تحتاج إلى مصدر موثوق، ولكن كل الشواهد تؤكد وجود عملية تصفية، من الصعب جدا حاليا التعرف على الحقيقة لأنها وقعت داخل السعودية التي هي مملكة الصمت ولا يخرج للإعلام إلا ما تريده السلطة فقط، وما خرج يظهر ان هناك شيئا ما، فالرواية الرسمية غير مقنعة، صديق ممدوح العلي يقتل صديقه عبد العزيز الفغم بالرصاص في منزل صديق ثالث بسبب خلاف ثم يقتل القاتل القريب جدا من الأسرة الحاكمة على أيدي رجال الأمن.

‏حارس الملوك عبد العزيز الفغم، شخصية مهمة؛ حيث إن حياة الملك بيده، ولا يمكن لأي شخص مهما كان أن يلتقي بالملك بدون إذن منه. فمن المستحيل أن يتحرك حارس الملك أو يلتقي بأي شخصية ما بدون حماية وذلك حفاظا على روح الملك، وعملية قتله وطريقة نشر الخبر عبر برامج التواصل وتوديعه وتشييعه تضع علامات استفهام.

صدمة جديدة لولي العهد

الأحداث الاخيرة في السعودية؛ استهداف معامل الطاقة والفشل في ساحة الحرب ومقتل عدد من الحرس الملكي ومنهم اللواء عبد العزيز الفغم، بالإضافة إلى الاهتمام العالمي بمناسبة الذكرى السنوية لمقتل خاشقجي واقامة فعاليات في دول العالم وأمام السفارات السعودية في العالم ونشر أدلة جديدة تثبت التخطيط المسبق لجريمة القتل التي تم الإعداد لها من الرياض من قبل كبار المسؤولين، هذه الأمور والتطورات أصابت السلطات السعودية بالصدمة، وحرقت كل مشاريع بن سلمان لتلميع صورته.

تكرار النفي والاعتراف

نفي ولي العهد في اللقاء مع القناة الأمريكية حول جريمة قتل خاشقجي ليس الأول، وبالتالي لا يمكن الثقة في كلامه وفي السلطة المسؤولة عن الجريمة، التي مارست الكذب والتزييف للحقائق، إذ توجد أدلة تثبت دوره ومكتبه الخاص حسب مجلس الشيوخ الأمريكي ووكالات المخابرات، واعترافه الأخير بتحمل المسؤولية محاولة جديدة للتهرب بطريقة مختلفة وترميم صورته التي تهشمت.

تصريحات محمد بن سلمان الأخيرة ستكون بمثابة الحبل الذي يزداد لفا على الرقبة إذ توجد أدلة حول دوره بمقتل ‎خاشقجي كما انه رأس السلطة المسؤولة عن: الاعتقالات التعسفية والتعذيب والتحرش وقتل النشطاء وشن الحروب وهدر المال العام وغيرها. فالانتهاكات الرسمية تقع عبر من ينفذون أوامرها: اعتقال وتعذيب وتحرش بالنساء، وقتل.
والحقيقة ‏لا يمكن لأي شخص في المملكة أن يفعل شيئا بدون إذن مسبق من العائلة الحاكمة. فكيف تنفذ عملية قتل وتقطيع باستخدام كل الوسائل والصلاحيات الخاصة جدا بجوازات دبلوماسية بدون أمر من كبار المسؤولين في العائلة الحاكمة؟ ولماذا لم يقم هؤلاء بانقلاب على الأمير إذا كانوا يملكون كل هذه القدرات الخاصة، بدون علم منه؟

وحول مصير من تم توجيه التهم إليهم قال محمد بن سلمان: “التحقيقات قائمة اليوم، ومتى ما ثبتت التهمة على أي شخص بغض النظر عن منصبه فسوف يحال للمحكمة بدون استثناء”.

ولكن السؤال أين هؤلاء حاليا، ومن يحاكم من، هل السلطة المسؤولة عن الاستبداد والفساد وإصدار أوامر الاعتقال والتعذيب والتحرش والقتل وتوقيع أحكام الإعدام الجائرة يحق لها أن تحاكم جلاوزتها وموظفيها لتنفيذ أوامرها، ومن يضمن وجود محاكمة عادلة، هل ممكن أن تقوم السلطات السعودية بإعدامهم كأكباش فداء وإغلاق الملف لعدم توجيه التهم لكبار المسؤولين ومنهم ولي العهد؟

 ‏أين محمد العتيبي القنصل السعودي في تركيا الذي شاهد عملية قتل وتقطيع ‎جمال خاشقجي وحرق جثة المغدور في بيته، فهل تمت تصفيته؟ واين قائد فريق الاغتيال ماهر المطرب والجزار صلاح الطبيقي وغيرهم؟

المسؤولية الدولية

مؤسف ان المجتمع الدولي لغاية الآن ساكت يبحث عن مصالحه واستغلال السعودية التي تدفع مئات المليارات من الدولارات قيمة السكوت، وقد أثبتت هذه الجريمة ان المجتمع الدولي لا يهتم بحقوق الإنسان وتحقيق العدالة، وحول ذلك قالت خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز: “أنظمة العالم مبنية على المصالح الاقتصادية لا القيم الأخلاقية”.

محمد بن سلمان في ورطة، يعاني من أزمات خطيرة، انه يغرق ويريد العالم أن يتحرك لإنقاذه، ولقد طالب ‏العالم بالتحرك محذرا من وقوع أزمة نفط عالمية؛ ولكن العالم الذي يبحث عن مصالحه غير مستعد لخوض حروب لأجل إنقاذه باسم الطاقة النفطية.

جريدة القدس العربي

أضيف بتاريخ :2019/10/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد