آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
جيمس زغبي
عن الكاتب :
أكاديمي أمريكي من أصل لبناني و مؤسس و مدير المعهد العربي الأمريكي. كان يقدم البرنامج الأسبوعي فيوبوينت الذي بثه تلفزيون أبوظبي.

مرشحو الرئاسة الأميركيون أمام «ايباك»، مزايدات.. مزايدات!


د. جيمس زغبي ..

التصريحات التي أدلى بها أربعة من أصل خمسة مرشحين ما زالوا يخوضون السباق نحو البيت الأبيض، أمام المنظمة الأميركية – الإسرائيلية للشؤون العامة (ايباك)، جعلت واشنطن تمرّ بأسبوع مثير للقلق حقاً.

لقد كان مؤتمر «ايباك» أشبه بعرض أمام ثمانية عشر ألف متفرج. أخذ المرشحون يظهرون على المسرح، وقد نقلت الحدث شاشات كبرى، الواحد تلو الآخر، ويتسابقون في التعبير عن حبهم لإسرائيل و«بيبي»، والرغبة في تسليح الدولة العبرية، وعدم الثقة بالفلسطينيين الذين اتهموهم بالتحريض، كما عبروا عن مقتهم للأمم المتحدة ومعارضتهم لأي محاولة لفرض عقوبات على إسرائيل من قبل المنظمة الدولية أو الاتحاد الأوروبي، وحتى التجمعات الطلابية في الولايات المتحدة، وتعهدوا بأن يكونوا مع إسرائيل أفضل من الرئيس باراك أوباما. وفي الوقت الذي أخذ هؤلاء المرشحون يتملقون إسرائيل بلا حياء، بدت تصريحاتهم السياسية، التي أدلوا بها أمام جمهور ايباك، خطيرة ومنفصلة تماماً عن الواقع.
لقد تعهد المرشحون، الواحد تلو الآخر، بتقديم الدعم «غير المشروط» لإسرائيل، ولم يتطرق أحد للصعوبات التي يعانيها الفلسطينيون تحت الاحتلال، بل أن أحداً لم يتفوه بكلمة «احتلال».

ونددت هيلاري كلينتون وكروز وكاسيتش بمحاولات «عزل إسرائيل وإضعاف شرعيتها»، وتعهدوا بالتصدي لحركة مقاطعة وسحب الاستثمارات ومعاقبة إسرائيل (BDS)، واتهموا الحركة بـ«تشجيع خطاب الكراهية والمضايقة والترهيب في الجامعات»، وتمادى كروز لدرجة القول إن هذا قد يكون «سلوكاً غير مشروع قد يعاقب عليه القانون».


وتعهد كل المرشحين الجمهوريين بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس «العاصمة الأبدية للشعب اليهودي» (وهذا هو تعبير دونالد ترامب)، وردّ عليه كروز مزايداً، بأنه سيبدأ في إجراءات نقل السفارة إلى «العاصمة الوحيدة والأبدية» في اليوم الأول له في البيت الأبيض، أما كلينتون، فلم تتحدث عن نقل السفارة، لكنها قالت إن «أول شيء ستفعله حين تتولى الرئاسة هو دعوة نتانياهو إلى البيت الأبيض لنقل التحالف الأميركي – الإسرائيلي إلى مستوى أعلى».

وكانت آراء ترامب الأكثر تعبيراً عن مهرجان التملق غير الواقعي هذا، فقد سبق له أن تعرض لانتقادات حادة من مناصري إسرائيل لقوله إنه سيكون وسيطاً محايداً بين إسرائيل والفلسطينيين، وتردد في موضوع نقل السفارة إلى القدس، وسخر من فكرة «تمزيق الاتفاق النووي مع إيران».

لقد خطف ترامب الأضواء في مؤتمر «ايباك»، حيث صعد إلى المسرح وبيده خطاب معدّ بدأه بالقول: «لم آت إلى هنا لتملق إسرائيل» (وكانت تلك كذبته الأولى)، وواصل الكشف عن مواقف كلها تتناقض مع مواقفه السابقة، وندّد بالفلسطينيين وبأوباما وإيران، وختم خطابه بالقول «أنا أحب إسرائيل.. وتوشك ابنتي أن تضع طفلاً يهودياً جميلاً»! فبدأ الحضور بالتصفيق الحاد له.

هيلاري كلينتون هي المرشحة الوحيدة التي ذكرت كلمة «دولة فلسطينية»، لكنها لم تقدم أي مقترحات باستثناء القول: «سوف نتقصى الفرص لخلق الظروف لإحراز تقدم»، وتجنبت توجيه أي انتقاد لإسرائيل، قائلة إن «على كل طرف أن يقوم بما يجب عليه القيام به لتفادي الخطوات الضارة مثل المستوطنات».

وفي نهاية مؤتمر «ايباك»، خرج المندوبون وهم على ثقة بأن حكومة إسرائيل المتطرفة لا تخطئ، وأن الدولة العبرية ستواصل الحصول على الدعم، وسوف يتم الدفاع عنها ضد أي ضغوط لتغيير سياستها تجاه الفلسطينيين، وأن أي سياسي أميركي سينحني أمام ضغوطهم، ويقول بالضبط ما يودون سماعه.


وما لم يحضر في مؤتمر «ايباك» هو الفرصة لسماع أحد المرشحين الذي يتحدث بشيء من الواقعية.. بيرني ساندرز هو المرشح الوحيد (اليهودي) الذي لم يتمكن من الحضور، وطلب مخاطبة المؤتمر عبر الأقمار الاصطناعية، لكن «ايباك» رفضت ذلك، مع أنها سبقت أن فعلت ذلك لاثنين من المرشحين الجمهوريين في مناسبات سابقة.

ولكن ساندرز أدلى بتصريحات عبرت عن مواقفه في ولاية يوتا، قال فيها إنه «إذا انتخبت رئيساً، فلن أتورع عن دفع قضية السلام كشريك وصديق لإسرائيل. ولكن من أجل نجاح هذه الجهود علينا أن نكون أصدقاء ليس لإسرائيل وحدها بل للفلسطينيين أيضاً، فلا يمكن تجاهل الشعب الفلسطيني».

ودعا ساندرز «لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية»، وانتقد استيلاء إسرائيل على مصادر المياه الفلسطينية ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات واستخدام العنف المفرط، كما استنكر فرض الحصار على غزة، ولكنه ندّد بـ «حماس» لإطلاقها الصواريخ على إسرائيل وتحويل الأموال من أجل شراء السلاح، ودعا الفلسطينيين لنبذ العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.

 

* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن

جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2016/03/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد