آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. جواد الهنداوي
عن الكاتب :
سفير سابق لدى جمهورية العراق

كيف سيواجه العراق أمريكا؟

 

د. جواد الهنداوي

لم ولن تنفع امريكا العراق بشئ ،بل أضرّته كثيراً ،في الماضي وفي الحاضر .كُلّ ما مَرَّ على العراق من حروب و ويلات و حصار وانتهاك صريح لسيادته و وضعه تحت الفصل السابع ، والاستمرار بجعلهِ دولة منقوصة السيادة ،قانونياً و ميدانياً ، لأمريكا و لأسرائيل و لعملائهم ، وبالمعنى الواسع لمفردة عميل ، دور أساسي فيه .
سياسة امريكا في المنطقة و تجاه العراق ليست محكومة بالمصالح الأمريكية و إنما بالمصالح الصهيونية و الاسرائيلية . و الاستمرار  باضعاف وتدمير  العراق هو هدف استراتيجي لإسرائيل ، والرئيس ترامب اليوم ينّفذ سياسة نتنياهو . وَ عَتَبنا ليس على امريكا ، و إنما على الذين أوكلوا أمرهم الى امريكا و وثقوا بها ، بيدَ أنَّ العمل السياسي مع الصديق و مع الخصم و مع العدو يُلزمْ الحذر والحيطة والشك ، والاستفادة من دروس الماضي ، و متابعة مُجريات الأحداث و الوقائع و استخلاص النتائج . كيف نأتمنُ امريكا و الجميع يعلم و يقول ، حتى الرئيس ترامب ، أنَّ داعش صناعة أمريكية ؟
كيف نأتمنها ، والرئيس ترامب يقول بأنَّ ما يهمهُ في المنطقة أمن ومصلحة اسرائيل ؟
كيف نأتمنها والواقع يشهد للرئيس ترامب سرقة ثروات الشعوب وتجويعها و إهانتها ؟
تعامل  امريكا مع العراق ” دويلة منقوصة السيادة ” ليس بجديد ، واليوم تتعامل امريكا مع العراق أسوأ من ما يقوم به داعش ضدّ العراق : تقصف مطار دولة ،استضافت قواتها (القوات الأمريكية ) ، و صديقة وحليفة ، دون مراعاة النتائج على الصعد الاقتصادية والسيادية والأمنية ؟ .
تعمدّت امريكا بأهانة العراق دولة وحكومة وشعب ، و ألاّ كان بمقدورها تنفيذ أهدافها في ساحات الحرب والقتال ؟
ما الفرق بين ارهاب داعش وارهاب اسرائيل وارهاب ترامب ؟ احدهم يكمّل الآخر و يتمم عمل الآخر !
لن نفلح في محاربة الإرهاب اذا اكتفينا بمحاربة داعش عسكرياً ! علينا اتخاذ التدابير بمواجهة امريكا سياسياً و قانونياً !
ينبغي ان تكون علاقة العراق كدولة مع ” الحليف ” الامريكي علاقة مواجه سياسية و قانونية !
رفض للوصاية الأمريكية و رفض للمجاملة على حساب مصلحة العراق وسيادته .
على مجلس النواب ان يكون ممثلاً حقيقاً لارادة الشعب و حامياً صادقاً لسيادة العراق و مكانته ،أنْ يعّبر عن إرادة الشعب بأخراج القوات الأمريكية وانهاء الاتفاقية الاستراتيجية ،انها قوات وأنها اتفاقية ضّد سيادة العراق و ضّد أمن العراق . لن يحظْ العراق بأحترام الدول ولن تكْ له مكانة اذا لم يصّوت الشعب ولم تتخذْ الحكومة أجراءاتها  بأخراج القوات الأمريكية و إنهاء الاتفاقية الاستراتيجية .
العراق سيكون اكثر أمناً و استقراراً و اكثر عزّة و كرامة دون تواجد قوات أمريكية و دولية .حسبناها عوناً و اذا بها هّماً و داعمة للإرهاب !
ليكنْ رَدّ الدولة ، رَدّ الحكومة على الاعتداء الإرهابي السافر هو توجّه سياسي وعسكري نحو روسيا ، وترسيخ اكثر للعلاقات الاقتصادية العراقية الصينية .
لم يعُدْ امام العراق خيار آخر سوى التعاون ،وعلى كافة الصعد ، مع روسيا و الصين واوربا ، دون أضاعة الوقت و دون تردد . لنأخذ من الدور الروسي في سوريا عبرة ! كيف أعانت وساعدت روسيا دولة سورية في محاربة الإرهاب والحفاظ على الدولة السورية!
لا فائدة بشكوى للعراق لمجلس الامن ، و على مَنْ تشتكي و لمنْ تشتكي ؟ على حليف وصديق و ” بهلوان ”  وله قوات وبموافقة و رضى العراق ؟
قدرة امريكا على التلفيق والكذب و خلق الفتنْ  غير محدودة ، لا نستغرب ادعاء ترامب  باستحصال موافقة العراق على الأقدام بتنفيذ المهمة (العملية الإرهابية ) !
لن تُعدْ علاقة العراق “كدولة ” مع امريكا غير علاقة مواجهة سياسية و قانونية ، من اجل مستقبل وكرامة وعزّة العراق .


صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/01/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد