آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
زياد حافظ
عن الكاتب :
أمين عام المؤتمر القومي العربي

الترهّل السياسي في الولايات المتحدة

 

 زياد حافظ

في مقالات ومحاضرات عديدة أشرنا إلى تراجع مكانة الولايات المتحدة في العالم. وأشرنا أيضاً إلى أنّ من أسباب التراجع الضعف البنيوي الداخلي في الولايات المتحدة. هذا الضعف يعود إلى ترهّل النظام السياسي والسياسات المتبعة التي أضعفت البنية الاقتصادية منذ السبعينات من القرن الماضي. وما تشهده الساحة الداخلية الأميركية من صراعات تؤكّد حالة الترهّل السياسي.
في 4 شباط/ فبراير 2020 خاطب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكونغرس الأميركي حول حال الاتحاد. الخطاب والمناسبة كانت أقرب للمهرجان الانتخابي والغياب الكلّي لهيبة الكونغرس الذي جمع في جلسة واحدة كلّ من مجلس الممثلين ومجلس الشيوخ وأعضاء المحكمة الدستورية العليا وأعضاء الوزراء وأعضاء هيئة الأركان المشتركة، أيّ الدولة بكلّ تشكيلاتها الإدارية والسياسية والعسكرية والقضائية والأمنية. المشهد كان مضحكاً مبكياً في آن واحد. فالرئيس ترامب ظهر كمسلٍّ ماهر (entertainer) من الطراز الأول بينما خصومه باتوا ليس أكثر من أدوار الكومبارس في الكوميديا. وما أقدمت عليه نانسي بيلوسي عندما انتهى من إلقاء خطابه بتمزيقها للنسخة المكتوبة أمام عدسات التلفزيون أكدّت مدى الترهّل في النظام السياسي وعدم احترام هيبة المناسبة. لكن في المقابل يجب تسجيل قلّة أدب الرئيس الأميركي الذي عندما دخل القاعة رفض مصافحة رئيسة مجلس الممثلين نانسي بيلوسي. فهذا من ذاك وأقرب للشجار الذي يحصل في ملعب المدرسة بين أطفال الصفوف الابتدائية! فآداب التهذيب المعهود أصبحت في مهبّ الرياح التي تعصف بالمشهد السياسي الداخلي الأميركي. وهي برسم المعجبين العرب بالولايات المتحدة وبعظمة قادتها وقدراتها! استطاعت تلك القيادات أن تحوّل المناسبة الرسمية حول حال الأمة إلى مهزلة يُسخر منها ودون الإمكانية للدفاع عنها!
المزيد من القديم
في ما يتعلّق بمضمون خطاب الرئيس عن حال الاتحاد فكان أقرب إلى خطاب يلقيه في الحملة الانتخابية يعدّد فيه “إنجازاته” الداخلية والخارجية. لا بأس أنّ الخطاب مليء بالمغالطات والمبالغات في “الإنجازات” كتكبير دور الولايات المتحدة في محاربة جماعات التعصّب والغلو والتوحّش، أو التقدّم الاقتصادي الذي تشهده الولايات المتحدة، لكن ما يمكن استخراجه من ذلك الخطاب هو التلميح للخروج من منطقة شرق الأوسط بعد “إنجاز المهمة” بالقضاء على الإرهاب وتصفية قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو المهدي المهندس. خطاب ترامب اعتيادي ولن يشكّل محطّة يتوقّف عندها المراقب أو المؤرّخ. فلا جديد إلاّ المزيد من القديم ما يدلّ مرّة أخرى على الفقر في الرؤية والضحالة في التفكير والاستهتار بعقول الناس. فالخلاف الداخلي ليست على السياسة ولا بالسياسة بل فحواه فقط أقصاء الآخر بغضّ النظر من هو “الآخر” الذي يتغيّر مع الظرف والمكان. هذا دليل على مرحلة انحطاط فكري وأخلاقي ينذر بالمزيد من التفكّك وصولاً إلى الزوال.
وبما أنّ المصائب لا تأتي بشكل منفرد فقد رافقت تلك الجلسة التي ستدخل التاريخ الأميركي من باب الرداءة أنباء عن الفضيحة في الانتخابات الأولية في ولاية ايوا. فالحزب الديمقراطي، الذي اتهم عبر قياداته وإعلامه روسيا بخرق الانتخابات السابقة وحذّر من خرق الانتخابات الأولية الحالية وحملة الانتخابات الرئاسية لهذا العام، أوكل عبر لجنته الوطنية مهمة تجهيز تقنيات التصويت في ولاية ايوا إلى شركة “شادوز”، أيّ الظلالّ! هذه الشركة أخفقت في تعداد الأصوات. وكانت هذه الشركة تؤكّد على أنها ستمنع أيّ اختراق لبرامج التصويت عبر الهاتف لتسهيل المهمة على الناخبين وستكون أكثر شفافية. لكن ما حصل هو أنّ بعد أكثر من 96 ساعة لم تستطع اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي من إعلان النتائج (فما أحلى الانتخابات في لبنان!) لكن الفضيحة لا تكمن فقط في الفشل التقني للتعداد ولكن أيضاً في العلاقات المشبوهة بين قيادات اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي والمموّلين للشركة المعتمدة “شادوز”. فهذه الشركة أنشأتها إحدى مجموعات الضغط العاملة للحزب الديمقراطي والمموّلة من ملياردير اسمه ريد هوفمان مؤسّس لينكدين للتواصل المهني. واسم تلك المجموعة هي “اكرونيم” التي اشتهرت في نشر الأخبار الكاذبة في حملة الانتخابات لمقعد في مجلس الشيوخ الأميركي لولاية ألاباما في الجنوب الأميركي. وكان هدف هذه الأخبار الكاذبة عن تدخل روسي في الانتخابات خلق الفوضى وتخفيض الإقبال على التصويت خاصة من قبل القاعدة الجمهورية. ورئيسة تلك المؤسسة هي زوجة مستشار لأحد المنافسين لبرني سندرز، أيّ بيتر بتجيغ الذي اعتبر نفسه منتصراً في الانتخابات الأولية في ايوا (حتى تحرير هذا المقال يوم الجمعة في 7 شباط لم يُعلن عن النتائج الرسمية!) والهدف من تلك الفوضى المبرمجة في انتخابات ايوا هو منع إعلان فوز برني سندرز!

الشامتون بالحزب الديمقراطي محقّون إلى حدّ كبير في التشهير بأداء قيادات الحزب منذ الحملة الانتخابية الرئاسية السابقة عندما أبعدت بمناورات المرشح المنافس لهيلاري كلنتون الشيخ برني سندرز. واليوم، ما زالت القيادات في الحزب الديمقراطي تريد إبعاد برني سندرز عن الفوز بالتسمية رغم القاعدة الشعبية الواسعة التي يتمتع بها. وتعتبر القيادات أنّ سندرز لم يكن يوماً من أعضاء الحزب الديمقراطي. فطيلة حياته السياسية كان “مستقلّا” عن الحزب الديمقراطي. لكن رغم ذلك فهو يسعى للفوز بالتسمية من قبل الحزب الديمقراطي. عدد كبير من قيادات الحزب تفضّل فوز ترامب بالرئاسة إذا أصبح سندرز مرشح الحزب الديمقراطي. الكيدية السياسية داخل الحزب وصلت إلى مستويات غير مألوفة عندما تفضّل الخسارة للحزب بدلاً من فوز مرشح له قاعدة شعبية واسعة، ومعروف عنه عداؤه للشركات الكبرى وخاصة المؤسّسات المالية التي تدعم القيادات المتحكّمة بالحزب الديمقراطي. وحالة الانفصام داخل الحزب الديمقراطي تشبه حالة الانفصام داخل حزب العمّال البريطاني حيث النافذين في الحزب الديمقراطي تركوا كافة الشعارات والأهداف التي من أجلها تأسّس الحزب أيّ الحرص على الطبقة العمّالية في الولايات المتحدة. فعهد كلنتون شهد التحوّل الخطير داخل الحزب الذي أصبح اليوم مهدّداً بالانشطار إلى حزبين أو أكثر.
مأزق الحزب الديمقراطي يطال أيضاً الحزب الجمهوري حيث النخب الحاكمة في الحزب تعطي أيضاً ولاءها للمانحين والمموّلين. لكن واقع الحال في الحزب الجمهوري أفضل نسبياً من حال الحزب الديمقراطي. والسبب يعود إلى شخصية ترامب التي تستفزّ القيادات التقليدية وتُفرح الشرائع الشعبية الواسعة التي تنظر بريبة إلى قياداتها التقليدية. شعبوية ترامب مفيدة له والحزب الجمهوري لا يستطيع تجاوزها. فعبر ماكينته السياسية أصبح الحزب مضطراً لمسايرة الرئيس لاستمالة مريديه. وما استطاع أن يقوم به ترامب هو الظهور بالتملّص التدريجي من سطوة المموّلين الكبار والإيحاء بأنّ القاعدة الشعبية التي تدعمه تمكّنه من تجاوز إملاءات المموّلين. وقد يشير البعض إلى أنّ ترامب نفسه من تلك الطبقة وهذا صحيح لكن قبل دخوله الحلبة السياسية لم يكن مقبولاً عند طبقة المموّلين الذين ما زالوا يعتبرونه فظّا، وقليل التهذيب، وجاهلاً، ونرجسياً للغاية. هذه مواصفات صحيحة ولكنها لم تغيّب حقيقة واضحة بأنّ ترامب يملك حسّاً سياسياً عبر التصاقه بنبض الشعب بشكل عام وبنبض ما يعتبرها قاعدته الثابتة، أيّ الرجال البيض المهمّشين من قبل النخب. لا نريد الاسترسال في حيثيات الحياة السياسية الداخلية الأميركية في هذا المقال لضيق المساحة. نكتفي بالقول إنّ الحزبين يعيشان مأزقاً وجودياً قد يؤدّي إما إلى انشطارهما إلى مجموعات أصغر أو إلى الزوال من الساحة السياسية كما حصل في القرن التاسع عشر للحزب الجمهوري الديمقراطي. فالحزبان عاجزان عن مواكبة التحوّلات الحاصلة في المجتمع الأميركي خاصة بعد انفجار الثورة التكنولوجية في التواصل ونمو العلاقات الشبكية التي تقوم بإعادة تنظيم الأولويات السياسية في المجتمع دون الرجوع إلى أيّ من الحزبين.
انحدار مستوى التمثيل السياسي…؟
لكن بعيداً عن هذه التفاصيل في المسلسل الطويل للانحدار الأميركي يمكن طرح عدة أسئلة. فالسؤال الأول هو لماذا انحدر مستوى التمثيل السياسي في كافة أروقة الحكم إلى ذلك المستوى؟ والإجابة هي أنّ النظام السياسي القائم على قاعدة الحزبين لا يمكن يفرز إلاّ تلك التوعية الرديئة من السياسيين. فالمال هو عصب العمل السياسي والمهمة الأساسية لأيّ رجل أو امرأة يعمل في الشأن العام هو تأمين التمويل لإعادة الانتخاب. فالمسؤول السياسي مدين بوجوده في الموقع السياسي الذي يعمل به للمانح أو المموّل. وبما أنّ التمويل بيد الشركات الكبرى والأثرياء فبطبيعة الحال يصبح المسؤول السياسي “موظّفاً” يعمل لصالح الشركات الكبرى أو الأثرياء ولا يكترث لمصالح الناخبين. وبما انّ الإعلام بيد الشركات الكبرى حيث ستّ شركات فقط تملك 90 بالمائة من وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية في الولايات المتحدة فإنّ “الرأي العام” أصبح يتلقّى معلوماته وتوجيهاته من قبل ذلك الإعلام المملوك من الشركات. وبالتالي تتمّ إعادة إنتاج الطبقة السياسية الرديئة دون محاسبة أو مساءلة تذكر طالما مصالح الشركات الكبرى ومصالح الأثرياء مؤمّنة. من وقت إلى آخر تتمّ التضحية بأحد رموز تلك الطبقة عندما يصبح عبئاً عليها فتتظاهر بالحيوية والتجدّد وفعالية النظام في تصحيح الاعوجاج داخله. إذن التمويل يفسد المسؤول ولا يأتي إلاّ بمن يدين الولاء المطلق للمال.
إشكالية الفساد
السؤال السابق هو فعلياً يطرح إشكالية الفساد في النظام القائم. والفساد ليس سياسياً بل تسرّب إلى كافة مكوّنات المشهد الأميركي، في الاقتصاد والمال، في المجتمع، في الرياضة، وفي الثقافة.

الجامع المشترك هو المال الذي روّجت له معتقدات سياسية اقتصادية وأخلاقية أنتجت الفساد فبرّرته بوسائل وأشكال عدّة منها بالتنظير ومنها بالتمجيد في أفلام هوليوود. المساحة المتاحة في هذا المقال لا تسمح بتحليل مفصّل للفساد ومظاهره. نكتفي ببعض الأمثلة لإعطاء فكرة عما نقصده. المثل الأول يعود إلى قرار للمحكمة الدستورية العليا الذي أصدر حكماً سنة 2010 يعتبر أنّ الإنفاق المالي في الحملات الانتخابية هو نوع من التعبير عن الرأي. وبما أنّ الدستور الأميركي يصون حق حرّية التعبير إلى حدّ تقديسه فأصبح الإنفاق المالي في الحملات الانتخابية ليس شرعياً فقط بل حتى أخلاقيا! وبغضّ النظر عن أحقّية الحكم وجدواه، ولا نؤيّده، فإنّ ذلك الحكم يشرعن لداروينية سياسية حيث المتموّل يتفوّق على غير المتموّل في التنافس “الانتخابي”. عبر ذلك الحكم تمّ إفراغ مضمون فكرة التنافس الانتخابي الذي تحوّل إلى تسمية أو مبايعة المتموّلين لمن يطيعهم في أروقة السلطة.
المثل الثاني هو إفساد مبدأ التنافس عبر الداروينية المذكورة التي أدّت إلى تمركز كبير وخطير لكلّ من الإعلام وعالم المال. وسيطرة رأس المال والإعلام على المشهد السياسي يفسد ما يُسمّى بالأجندة الديمقراطية التي عبّر عنها المفكّر السياسي روبرت داهل في مؤلفاته حول الديمقراطية. ومن يسيطر على الإعلام يستطيع أن يؤثّر بالرأي العام ويرسم معالم تفكير المواطن في مختلف القضايا.
المثل الثالث يكمن في بنية النظام السياسي. فالنوّاب منتخبون لمدة سنتين فقط لكن يمكن إعادة الترشيح عند انتهاء الولاية. المدّة القصيرة لا تكفي النائب للعمل على تنفيذ وعوده السياسية التي كان قد أعلن عنها خلال حملته الانتخابية. لذلك يصرف الوقت الأكبر من جهوده على إقناع المموّلين لإعادة انتخابه عبر تحقيق رغباتهم. من جهة أخرى يعتمد النائب، وزميله الشيخ في مجلس الشيوخ، على مساعدين له لتحضير الملفّات المطروحة للنقاش وأو للتصويت. ولكن بما أنّ عدد المساعدين الذين يحقّ له توظيفهم يختلف من ولاية إلى أخرى وفقاً لعدد سكّان الولاية يضطر في كثير من الأحيان للجوء إلى “نصائح” مجموعات الضغط أو اللوبيات لتحضير الموقف المطلوب في مختلف الملّفات. وفي معظم الأحيان يكون اللوبي هو من يدير مواقف النائب و/أو الشيخ بسبب الإمكانيات المتوفرة لديه وبسبب عدم معرفة النائب أو الشيخ بالملف وعدم قدرته على التفرّغ لدراسة الملف دون الاستعانة بالمساعدين. ففي آخر المطاف يتمّ تلزيم عمل النائب أو الشيخ إلى المساعدين المرتبطين بمجموعات الضغط في معظم الأحيان، وهذا ما يفسد جوهر عمل النائب أو الشيخ.
مثل رابع عن الفساد في النظام السياسي هو دور السياسة في تسمية القضاة في المحاكم الاتحادية وفي المحكمة العليا لكلّ ولاية وللدولة الاتحادية. تتمّ تسمية القضاة بناء على توجّهاتهم العقائدية في القضايا المختلف عليها ويتمّ التصويت عليهم في مجلس الشيوخ بناء للتوجّهات السياسية. وبالتالي يمكن القول إنّ الجسم القضائي الأميركي مسيّس وتابع لتوجّهات الإدارة عندما يتمّ تعيينهم. فنظرية فصل السلطات، وهي ركيزة النظام الجمهوري، تصبح نسبية في التطبيق وليست مطلقة. وفي الحالات المضطربة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً تصدر الأحكام ليس وفقاً للقانون بل لتفسير القانون بناء على الخلفيات العقائدية للقضاة ما يفسد عملية العدل من أساسها.
هل يمكن تصحيح الأخطاء؟
أما السؤال الثاني فهو: هل يمكن للنظام السياسي القائم تصحيح أخطائه؟ الإجابة نعم إذا ما أقبل المسؤولون على مراجعة جدّية للواقع آخذين بعين الاعتبار التحوّلات التي حصلت وتحصل في البنية السكّانية والاقتصادية للتكيّف معها. لكن رداءة المسؤولين السياسيين داخل الأحزاب وفي أروقة السلطة تحول دون تلك المراجعة فيستمرّ التمسّك بخيارات وسياسات خاطئة تخدم المصلحة الآنية على حساب المصالح المستقبلية الاستراتيجية. التنوّع العرقي والديني في المجتمع الأميركي هو نتيجة عوامل عدّة منها الهجرة الشرعية وغير الشرعية الوافدة إلى الولايات المتحدة، ومنها التفاوت في نسبة الخصوبة بين النساء الوافدات وبين النساء الأميركيات. كما أنّ وسائل التواصل الاجتماعي في متناول الجميع ما يجعل التحكّم بالمعلومات والسرديات أصعب مما كان عليه في السابق خاصة أنّ التعبير الحرّ والصريح لم يعد مقنّناً بيد الإعلام الشركاتي المهيمن. هذا يعني أنّ النموذج الحزبي للعمل السياسي كما كان قائماً في العقود السابقة لم يعد يفي بالغرض. فتنوّع المصالح ازداد مع الثورة التكنولوجية في التواصل والمواصلات ما جعل العلاقات الشبكية تسيطر على مسار العمل العام بينما الحزب كمؤسسة سياسية لم يستطع أن يواكب تلك التطوّرات. وهذه ظاهرة موجودة في العالم أجمع حيث نشهد تراجع الإقبال على الانخراط في الأحزاب واللجوء إلى جمعيات أصغر تهتمّ بقضايا محدّدة فقط لا مكان للقضايا السياسية التي تهمّ الأحزاب.

صحيح أنّ قاعدة الحزبين ما زالت متصدّرة في المشهد السياسي الأميركي لكن الخيارات المتاحة للناخبين أصبحت محدودة جدّاً. لم يعد الاختيار بين مرشحيّن جيدين ممكناً بل بين مرشحين أحدهما أقل سوءاً من خصمه. انتخابات الرئاسة سنة 2016 فرضت على الناخب أن يختار بين الطاعون أو داء الكوليرا، وكذلك الأمر على صعيد الشيوخ والنوّاب. المرشح المستقلّ أصبح أكثر جاذبية للناخب وإنْ كانت إمكانياته بالفوز ضئيلة بسبب تحكّم الأحزاب وقيادتها بالتمويل والعلاقة غير الطبيعة بين المانحين المموّلين والمسؤولين السياسيين. ولنا كلام حول المستقبل السياسي في بحث منفصل نعرضه قريباً إنْ شاء الله.

جريدة البناء  اللبنانية

أضيف بتاريخ :2020/02/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد