آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

هل تستهدف ايران القواعد الاميركية أم الدول التي تستضيفها؟

 

صالح القزويني

كثر الكلام في الآونة الأخيرة حول القاعدة العسكرية الأميركية التي انطلقت منها الطائرة المسيرة التي نفذت جريمة اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، خاصة بعد تصريح قائد قوة الجوفضاء  لحرس الثورة الاسلامية اللواء أمير علي حاجي زادة من أن الطائرة انطلقت من الكويت، ما أدى الى انتقاد الخارجية الكويتية واستدعائها للسفير الايراني.
وتزامنا مع ذلك تردد في وسائل الاعلام أن الطائرة انطلقت من القاعدة الأميركية في قطر، والذي عزز هذا الرأي هو أن البنتاغون حوّل (خلال العدوان على العراق) قيادة القوة الجوية الاميركية في المنطقة من السعودية الى قطر، والذي عزز هذا الرأي أيضا زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لطهران حيث ذكرت وسائل الاعلام أنه زار طهران ليؤكد لها أن الاميركيين لم يطلعوا بلاده على نواياهم وان هذا العدوان لا يعكس موقف الدوحة من ايران.
وتنبع أهمية تحديد القاعدة التي انطلقت منها طائرة اغتيال سليماني والمهندس من أن ايران سبق وأن هددت بأنها ستستهدف أية منطقة ينطلق منها العدوان عليها، من هذا المنطلق فاذا ثبت أن الطائرة انطلقت من قطر فليس من المستبعد أن واشنطن أرادت احراج طهران، والتأثير على علاقتها الوطيدة مع الدوحة، غير أن طهران برهنت على أنها أذكى من الوقوع في الفخ الاميركي وانها هي التي تدير لعبة الرد على العدوان وليس واشنطن.
العدوان الاميركي والرد الايراني عليه في عين الأسد اثار تساؤلا في غاية الاهمية، وهو، في ظل تأكيد طهران أن جميع القواعد والمصالح الاميركية والاسرائيلية ستكون عرضة للهجمات الايرانية حال التعرض لأي عدوان، فما هي مديات وأحجام الرد الايراني؟
قبل الاجابة على السؤال تجدر الاشارة الى ثلاث حقائق هامة في هذا الاطار..
الأولى: ما عدا روسيا فهناك وجود عسكري أميركي في جميع المناطق المحيطة بايران، يختلف حجمه بين دولة وأخرى، فمرة يقتصر على مورد أو موردين كاستهداف الجماعات المعادية لاميركا، كما هو الحال في باكستان التي سبق ان سمحت للقوات الاميركية باستهداف تنظيم القاعدة أو جماعة طالبان في اراضيها، ومرة يتجاوز التنسيق الى اتفاق شامل يسمح للقوات الاميركية بالقيام بأي عملية دون استئذان السلطات الحاكمة، كما هو الحال في العراق وقطر ودول أخرى.
الثانية:  ما عدا السعودية والبحرين والى حد ما الامارات، فان ايران تربطها علاقات حسنة مع الدول المجاورة لها، بل تصل احيانا الى حد التعاون والتنسيق الامني والذي يعد أعلى درحات العلاقات بين بلدين، فضلا عن التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي.
الثالثة: تختلف قدرة التحكم بالتحركات العسكرية الاميركية من دولة الى أخرى، فهناك دول عاجزة عن منع الولايات المتحدة من استخدام أراضيها لشن عدوان على دولة أخرى، وهناك دول قادرة على ذلك ولكنها لا تطلب من واشنطن الامتناع عن استخدام أراضيها لضرب ايران، سواء لموقفها من ايران أو لخشيتها من سخط وسطوة واشنطن واحتمال تدهور علاقتها مع اميركا.
في حال شنت الولايات المتحدة الأميركية هجوما شاملا على ايران فستكون كل القواعد والمصالح الأميركية في جميع البلدان عرضة لهجمات ايرانية أو هجمات حلفاء وأصدقاء بل وحتى انصار ايران في المنطقة والعالم، والأولولية هنا لمدى تأثير الهجمات الايرانية على القوات الأميركية وارباك تحركاتها وانهاء عدوانها، وليست الأولوية لمستوى علاقة تلك الدولة بايران.
ولكن فيما لو كان العدوان الأميركي جزئيا واستهدف موقعا ايرانيا، عندها ستأتي الاعتبارات الثلاثة آنفة الذكر، فاذا انطلق العدوان من دولة لا حول ولا قوة لها أمام القرارات والاجراءات الأميركية أو من دولة قادرة على منع الولايات المتحدة من شن العدوان ولم تفعل ذلك، فلا تلومن ايران على الرد.
مما يثير الاستغراب هنا هو موقف الخارجية العراقية على الرد الايراني من العدوان الأميركي، فقد نددت بغداد بالهجوم على قاعدة عين الأسد، رغم أن الجريمة الأميركية لم تنتهك السيادة العراقية وحسب وانما ارتكبت ضد مسؤول عراقي فضلا عن ارتكابها ضد مسؤول ايراني يزور العراق في مهمة رسمية ووقف الى جانب العراق في حربه ضد الارهاب.
الملفت للنظر أن الحكومة العراقية طالما أعلنت أنها لن تسمح باستخدام اراضيها للعدوان على دولة أخرى، والحقيقة أن ايران راعت الظروف التي يمر بها العراق واكتفت بالرد على القوات الأميركية، بينما في مثل هكذا عدوان وكذلك العدوان على السفارات والقنصليات الايرانية في العراق، فإن الحكومات تتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك.

اذا كانت ايران ردت على العدوان البريطاني باحتجاز ناقلة النفط في جبل الطارق، بتوقيف سفينة بريطانية في الخليج الفارسي فهل ستسكت على جريمة كبيرة كجريمة اغتيال الشهيد سليماني؟ قصف عين الأسد كان مقدمة للانتقام الايراني على أمل أن يعود ترامب الى رشده ويعيد النظر في سياساته تجاه ايران، والا فان دماء الشهيدين سليماني والمهندس لا يضاهيها شيء.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/02/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد