آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طالب الحسني
عن الكاتب :
كاتب وصحفي يمني

استعادة صنعاء لمأرب شرق اليمن مسألة وقت.. فماذا بعدها؟

 

طالب الحسني

قصفت السعودية محطة كوفل في محافظة مأرب شرق اليمن ، تعمل هذه المحطة لضخ النفط في أنابيب تذهب باتجاه مصافي رأس عيسى في الحديدة في الغرب.
يتزامن القصف مع اقتراب الجيش اليمني واللجان الشعبية من مدينة مارب النفطية والغازية وآخر معاقل حزب الإصلاح الحليف للسعودية في الشمال اليمني بعد استعادة محافظة الجوف المجاورة والحدودية للسعودية في أقوى ضربة ميدانية يتلقاها التحالف الذي تقوده الرياض .
لا يختلف اثنان بأن هذا الاستهداف هو تسليم استباقي بأن المدينة على مشارف السقوط ، لقد فقدت كل جغرافيتها العسكرية عندما سقطت المعسكرات الحامية في محيطها الشمالي والشمالي الشرقي ولم يعد بالإمكان رد الجيش الذي يزحف لاستعادة المدينة التي تمثل نقطة تمركز وقاعدة عمليات عسكرية يديرها ضباط سعوديون بينهم فهد بن تركي آل سعود .
السعودية تريد أن تقول أن خسارة المحافظة سيعني تعريض المنشئآت النفطية والغازية فيها للاستهداف ، عمليا بدأت الرياض تمهد لهذا الخيار عبر الترويج بأن صواريخ بالستية أطلقها الجيش اليمني واللجان الشعبية التابعة للمجلس السياسي الأعلى الحاكم في العاصمة صنعاء سقطت في صافر ، هذه الأخيرة منطقة الآبار والشركات النفطية وتنتج 16% من الانتاج النفطي ونسبة كبيرة من الغاز .
قبل 2015 وقبل العدوان على اليمن ، توسعت السلطة في صنعاء لتشمل أغلب المحافظات اليمنية وصولا إلى عدن  قبل أن تتراجع قليلا وتقف عند بعض الحدود عند محافظتي الضالع وشبوة ولحج جنوبا ، بينما لم يدخل الجيش واللجان الشعبية مأرب ، واحد من الأسباب إبقاء هذه المنشئات بعيدا عن ” الصراع ” خاصة أن الإدرارة المالية كانت مستقلة وبعيدة عن التدخلات وهو ما أبقى رواتب الموظفين دون انقطاع طوال ثلاثة أعوام 2014-2015-2016- .
الآن : لثلاثة أسباب يجب استعادة مأرب :
– توجيه ضربة عسكرية للتحالف الذي يتهاوى بعد 5 سنوات من الحرب العدوانية الفاشلة ، ونقل المعادلة العسكرية إلى مستوى جديد سيكون من الصعب على التحالف وأدواته تغييرها ، وإخراج القوات السعودية التي لن تجد مكان قريب في صحراء الربع الخالي وعليها الانتقال باتجاه حضرموت على بعد مئات الكيلو مترات  .
– تعزيز إقتصاد حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء واستعادة منشئات سيادية ومالية مهمة بعد سنوات من النهب والهدر المنظم لصالح الاخوان المسلمين وبعض الأطراف المحسوبة على ” الشرعية ” المزعومة
– إفشال مشروع الأقاليم وتحويل اليمن إلى دولة مقسمة من 6 أقاليم وفق المخطط السعودي والمدعوم أمريكيا وبدأت تروج له منذ الحوار الوطني في العاصمة صنعاء 2012-2013 .
تحقيق هذا التقدم مسألة وقت مع احتمال اقدام السعودية على استهداف المنشئآت النفطية والغازية وربما محطة الكهرباء أيضا , هذا الاستهداف سيكون بمثابة ورطة سعودية جديدة وستكون تداعياتها كبيرة وستؤدي إلى تصعيد غير مسبوق ، وأعتقد أن هذه المرحلة محسوبة بعناية ودقة كبيرة بالنسبة للمجلس السياسي الاعلى والقوى العسكرية والسياسية والحليفين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الشيخ صادق أمين أبو راس ، على قاعدة النفط مقابل النفط ، فأي استهداف عدواني سعودي سيكون الرد عشرات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي ستضرب العمق السعودي ، الرياض تتوقع ذلك أيضا .
في الميزان العسكري سيكون الرد السعودي انتقامي ولن يحقق أي اهداف عسكرية بقدر ما سيضاعف السخط الشعبي ، في المقابل سيكون ضرب العمق السعودي مكلف في مرحلة اقتصادية وعسكرية هشة تمر بها المملكة .
السيناريو البديل : أن تترك السعودية أدواتها في الساحل الغربي خرق اتفاق السويد والعودة للمواجهات على طول الساحل لمحاولة تعويض خسارتها في الشرق بالسيطرة على موانئ الحديدة ، ولكن إلى أي مدى تستطيع السعودية والإمارات أن يضمنا حسم المعركة في هذه المنطقة لصالح التحالف ؟!
في الواقع هي معركة مؤجلة بالنسبة للعاصمة صنعاء وتوقعها كان مفتوح منذ اتفاق السويد نهاية العام قبل الماضي أي 2018 وهذا يعني أن حسابات العودة للمواجهات ونقض الاتقاق هي أكثر الحسابات دراسة وإعداد مع فارق أن حلفاء وأدوات السعودية والإمارات أضعف مما كانوا عليه بعد انسحاب القوات السودانية التي كانت متواجدة بنحو 12 جندي بالإضافة إلى انسحاب الآلاف من المرتزقة الذين تم تحشيدهم من المحافظات الجنوبية ، وأكثر من ذلك أن انشقاقات كبيرة حصلت في صفوف القوات التي يقودها طارق صالح نجل شقيق الرئيس الأسبق على عبد الله صالح إذ أن عشرات الضباط ومئات الأفراد عادوا إلى العاصمة صنعاء خلال الاعوام الماضية .
من هنا فإن الإنزلاق في هذه المواجهات من قبل السعودية وأدواتها في الساحل الغربية سيكون مجازفة لا تقل خطوة عن التصعيد الذي قامت به في نهم والجوف على أمل تقوية تقدمها العسكري وحصل العكس تماما .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/04/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد