التقارير

تقرير خاص: كيف خلعت السعودية العباءة العربية لترتدي جينز أمريكي؟

 

محمد الفرج

كانت للسعودية دوما مكانة خاصة في نفوس المسلمين، فهي من تتولى حماية الحرمين، وهي من يشرف على رعاية الركن الخامس من أركان الإسلام، وكان لها دور لا يستهان به في العلاقات الدولية.

وبمجرد الإعلان عن رؤية التطور 2030 كان من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى المملكة، ترقب تطورها وترصد ما يعتمل فيها، بالنظر لهذه المكانة وهذا الدور، إلا أن السياسة الحالية للمملكة أبعد ما تكون عن القواعد المؤسسة لها.

في محيطها القريب في الجزيرة العربية أولا، إذ شنت الحرب على اليمن، وفرضت الحصار على قطر، ونأت عن القضية الفلسطينية، وسعت لأن تساند طرفا ضد آخر في الصراعات العربية.

من حق الحكام السعوديين أن يجروا التغييرات التي تفرضها التغييرات العالمية وتطور مجتمعهم، أو ما يرونه في صالح بلدهم، ولكن من دون التنكر لأسس بلدهم أو للقواعد الناظمة لسياسته، والأهم ألا يُجافوا الأخلاق المرتبطة بمرجعية الإسلام التي يعتمدونها. 

ومن واجب حكام السعودية، كما أصحاب الرأي فيها، أن يدركوا أن الاختلاف حول سياستها، واختياراتها ليس مساسا بالسعودية، نظاما ودولة وشعبا، بل هي دعامة أساسية في منظمة التطور التي تنادي بها الدولة.

بدأت تتكشف خيوط 2030 الفاشلة، والتي تبدأ من خسارة المملكة لشعبيتها بين العرب، وازدادت خسارتها بعد دخولها بحرب على اليمن وخسارتها فيها.

فبعد خمس سنوات من الحرب يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بدأ في الأسابيع الأخيرة يستشعر ببعد المملكة عن جيرانها أولاً والدول العربية ثانيا، فأخذ ينأى بنفسه عن حملته المدمرة في اليمن، منتهزا فرصة جائحة كورونا ليعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد، والذي على الرغم من عدم فعاليته يشير على الأقل إلى أن الأمير قد يفكر أخيراً بالتهدئة.

والمفارقة هنا، كيف أصبحت السعودية تستشيط غضباً من الدول العربية لمجرد كلمة توجه لها، أما إذا ما وجهت لهم الإهانة من واشنطن أو أصدقائهم في تل أبيب ، فإنهم يصمتون، ويبتلعون الإهانة بل ويكافئون مطلقيها بصفقات مالية وعسكرية مثلما جرى في موضوع خاشقجي. 

ولأن آل سعود يعلمون أن انتقادات العرب صحيحة بسبب جرائمهم في هذا الربيع الإعلامي الزائف وبسبب دعمهم لجماعات الإرهاب في سوريا والعراق وسيناء المصرية والحرب على اليمن، صبوا غضبهم على الإعلام العربي مقابل دوراً تطبيعياً حثيثاً نحو تل أبيب وحربا مجانية مفتوحة في مجالات الاقتصاد والسياسة ضد إيران ولصالح واشنطن.

إن هذه الحساسية السعودية لأي انتقاد عربي لسياساتهم وألاعيبهم التي أضحت مكشوفة للأمة كلها، وهي تكشف التقليد الأعمى السعودي للغرب، أي أن السعودية تقلد واشنطن في شتم وإهانة الآخرين، لطمس حقائق أكبر، فالسعودية فعلت كما يفعل الشباب، حينما يخلعون ملابسهم العربية ويرتدون ملابس الغرب في تقليد أعمى دون معرفة دلالاته وأضراره.

أضيف بتاريخ :2020/05/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد