التقارير

تقرير خاص: بوادر انقسام في #الولايات_المتحدة والكواليس تكشف أن فلويد ليس السبب 

 

رائد الماجد..

تتواصل تداعيات الاحتجاجات في الولايات المتحدة بصورة بدأت تؤثر على هيكلية السلطة في واشنطن ما يشير إلى ظهور بوادر انقسام قد تحد من سلطة الرئيس دونالد ترامب.

حيث بات مقتل جورج فلويد بالتوازي مع مشكلات المجتمع الأمريكي وعلى رأسها ارتفاع نسب البطالة من جراء تدابير محاربة فيروس كورونا شرارة لانتفاض ملايين الأمريكيين على السلطة الأمريكية الحالية التي يترأسها ترامب، فمنذ اغتيال مارتن لوثر كينغ، قبل عقود لم تشهد الولايات المتحدة انتفاضةً بهذا الحجم بنسبة اعتقالات بلغت أكثر من 10آلاف معتقل في آخر إحصائية يوم الأربعاء الفائت وفق "أسوشيتد برس".

الصورة في الولايات المتحدة قد تبدو مختلفةً كثيراً عما يدور في أذهان الكثيرين خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط فبعيداً عن حالة الديموقراطية الزائفة والانتهاكات التي يواجهها أصحاب البشرة السوداء، تؤكد وسائل إعلام أمريكية أنه في ديترويت مثلاً، يفتقر آلاف السكان الفقراء إلى وجود مياه جارية في ظل انتشار فيروس كورونا، كما أن الملايين من العمّال الأمريكيين، غير قادرين على دفع إيجارات مساكنهم.

كل تلك الأحداث أدت إلى اتساع رقعة الاحتجاجات أكثر وأكثر في صورة لا تعكس أنها جاءت فقط بسبب مقتل فلويد لتدخل في أسبوعها الثاني وسط حالة من الخمول في الاقتصاد الأمريكي.

الرئيس ترامب ذهب للبحث عن حلول لوقف تلك الاحتجاجات تارة في الترهيب عن طريق التهديد بإطلاق النار وتارةً أخرى عن طريق محاولة اللعب على الوتر الديني بعد رفعه للإنجيل أمام كنيسة "سانت جون" التي تضررت من الاحتجاجات، وبعد فشل كل تلك المحاولات في وقف الاحتجاجات ذهب الرئيس ترامب لمحاولة الزج بالجيش الأمريكي للنزول إلى الشارع.

محاولات ترامب للدفع بالجيش الأمريكي للنزول إلى الشارع جسدت رؤيته بأن هذا الجيش موجود لخدمة مصالحة السياسية الخاصة، فبعد ترهيب العديد من الدول التي تخالف سياساته الخاصة ذهب ترامب لمحاولة استخدام الجيش الأمريكي لقمع الاحتجاجات في داخل الولايات المتحدة لكن الأمور لم تسير كما يريد.

في حديث لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قال وزير الدفاع الأمريكي الذي استقال في عهد ترامب جيمس ماتيس: "إن الخطر يكمن في حقيقة أن الرئيس يعتبر الجيش، الذي يقدر تاريخياً دوره غير الحزبي وغير السياسي في المجتمع، باعتباره مجرد قوة سياسية أخرى يتم حشدها لصالحه"، وأضاف ماتيس: "دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الشعب الأمريكي ولا يتظاهر حتى بالمحاولة، إنه يحاول بدلاً من ذلك تقسيمنا، إننا نشهد عواقب ثلاث سنوات من هذا الجهد المتعمد، نحن نشهد عواقب ثلاث سنوات من دون قيادة ناضجة".

وبالتوازي مع رؤية ماتيس يشعر كبار قادة البنتاغون بالقلق من أن رد فعل عسكري وعنيف على الاحتجاجات، سيحول الرأي العام الأمريكي ضد القوات الأمريكية، مستذكرين بذلك ما حدث في السنوات الأخيرة من حرب فيتنام، عندما حارب الجيش الأمريكي المتظاهرين المناهضين للحرب في جامعة "كنت ستيت"، حيث يقول الرقيب المتقاعد آلان كراوس، الذي خدم في فيتنام عامي 1970 و1971، في مقابلة هاتفية مع قناة أمريكية إنه عندما عاد إلى المنزل من فيتنام، قام بتعليق زيه العسكري ولم يكن يرتديه أبداً، خشية أن يصبح هدفاً للمتظاهرين في الشارع.

تصريحات المسؤولين الأمريكيين لم تتوقف عند هذا الحد بل ذهبت إلى استنكار خروج وزير الدفاع الأمريكي مارك أسبر ووزير هيئة الأركان مارك ميلي برفقة ترامب إلى كنسية "سانت جون" حيث قال السيناتور الديمقراطي تتامي داكويرث، المخضرم في الجيش الأمريكي، "إن إسبر وميلي اتبعا ترامب إلى كنيسة سانت جون ليلة الاثنين مثل كلبين في اللفة ينفذان فكرة هذا الرئيس الملتوية حقاً بما يفترض أن يفعله الجيش"، وأضاف: "كان يعرف بالضبط ما كان يفعله عندما قرر دعم دونالد ترامب في هذا الأمر، بدلاً من الوقوف أمام هذا الرئيس والقول: سيدي، لا، أنت تسيّس الجيش، هذا ليس الاستخدام المناسب لقواتنا العسكرية، وبدلاً من ذلك، سار معه، وهذا أمر مخيف للغاية بالنسبة لي"، لكن أسبر نأى بنفسه وقال  إنه  لم يكن على دراية بذلك، في محاولة منه للتخفيف من غضب المسؤولين في البنتاغون بسبب خضوعه لأوامر ترامب.

كل تلك المجريات قد تشير إلى أن الولايات المتحدة بدأت تدخل في مرحلة جديدة بعد فشل ترامب في تطبيق "قانون التمرد" الذي يسمح للجيش الأمريكي بضبط الاحتجاجات، ما يعني أن الاحتجاجات ستستمر بصورة أوسع في الولايات المتحدة وستنتشر حالة أكبر من الفوضى، وسط مؤشرات لحدوث حالة من الانقسام بين مختلف الطبقات الاجتماعية والمؤسسات الأمريكية في البلاد في ظل وجود رئيس غير ضليع بالأزمات مثل دونالد ترامب.

أضيف بتاريخ :2020/06/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد