آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فؤاد البطاينة
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

هل يُعَبِرُ سلوك ماكرون عن منظور أوروبي مسيحي.. أم صهيوني؟ وهل الأناجيل ورسائل الرسل كافية لتحديد عدوهم التاريخي والعقدي والوجودي؟

 

فؤاد البطاينة

هجمة الغرب المسيحي على الإسلام سواء كانت بالأصالة او بالوكالة الصهيونية، ليست منتجة لهم، ولا تُبدل أو تُغير من الإسلام شيئاً. بل تزيد المسلمين تمسكاً بدينهم وتكاتفاً. إلا أن الأمر اليوم أصبح مختلفاً لسببين، الأول لأنها هجمة تأتي في حقبة نضوج سياسي واستقرار في مبادئ التعاون والتفاهم والتاعيش الدولي وشيوع خطابات التعددية وحقوق الإنسان واحترام معتقداته. والثاني الأهم، أنها هجمة قفزت عن غطاء صراع الحضارات، وعن تغليفها بغطاء الإعلاميين وبيوت الدعارة الأخلاقية والدينية ورعاع السياسة والتكسب، وجاءت برعاية رسمية تولَّاها in public زعيم دولة أوروبية كبرى هي فرنسا ً ويُحَرِّضُ عليها علناً. شجعته البيئة العربية الرسمية الحاضنة والمرتمية بحضن الصهيونية، ليَخرُج من شرنقة الدجل الغربي الرسمي والتحضر الزائف وشعارات الفكر والحوار والحرية والتسامح الى الإفصاح عن طبيعتهم المتوحشة والهمجية ويسلك سلوك أولاد شوارع لا رجال دول. إذ ظهر الصبي الفرنسي بسلوك يُحاكي أسلوب ترامب المتصنع للغباء والبلطجة. ومن هنا فإن صمت الدول الأوروبية على سلوك الحاكم الفرنسي يُعبر عن ثقافة غربية يتبناها كل الحكام الغربيين.
 ولكن هل هي ثقافة ناتجة عن جهل بالاسلام وعلاقته بالمسيحية، أم سياسات مملاة عليهم من الصهيونية، أم حرية تعبير ؟. فإن كانت الأولى فعلى دعاتنا ومفكرينا ومثقفينا مسئولية. وإذا كانت الثانية فإن هذا الغرب يكون واقعاً في مستنقع الحكام العرب. وإذا كانت الثالثة فحرية التعبير تعني التعبير عن فكرة أو نقد أخرى، وليس التجريح، وإن كان الدستور يسمح بحرية التعبير على إطلاقها كالفرنسي، فإنه نفسه يحمي ويحترم بنفس الوقت حقوق المواطن التي سمح بها كحرية المعتقد الديني ولا يُحرض عليها. والمناسبة فإن المعتقد الديني لا يمكن أن يكون شأناً خاصاً طالما يخص مليارات ويضم مجتمعات داخل الدول. وصمت الدول الأوروبية عن ردة فعل الفرنسي السوقية والخالية من النضج السياسي، تبشر بإعلان انهيار النظام الرسمي الغربي الخلقي والاعتباري والقيمي وبتعريته لنفسه أمام كل مخدوع بالحضارة والثقافة الأوروبية وتوجهها. فالحضارة قيمة أخلاقية ترقى بالإنسان وتفتح الأفاق أمامه وتُسخر منتجاتها وفكرها لتسمو به وبعلاقته مع الأخر على الأرض. بينما الأوروبيون ما زالوا أسرى للتخلف القيمي كجنود وربما مستعبدين للصهيونية. وإن كان الأمر كذلك فلا مستقبل لهم.
أيُّ انحطاط فكري هذا أو حقد عندما تتخذ الحملة على الإسلام شخص الرسول الأعظم هدفاً وهو في جوار ربه منذ قرون عديدة، من دون الحوار بمتعلقات الأديان ومع رجالها. الرسول محمد الأعظم خُلُقاً لن يُضارَّ بشيء ولا الإسلام. والمجد له من الله والتمجيد من إنسانية البشرية ومن كل مُفكر وعالم وواع على الحقيقة ويُنصفها. فقد صنفه هؤلاء من الغربيين بأعظم الرجال بالتاريخ على الإطلاق وأكثرهم تأثيراً إيجابياً من قائمة ضمت علماء الأرض وأنبياءها ومفكريها. ولكنهم لم يدركوا أو جَبنوا من الاعتراف بأن عظَمةَ الرسول وسمو فكره ليس معزولا عن رسالته السماوية وإرادة الخالق، وأنه لم ينطق عن الهوى. وكل ما فعله هذا الحاقد الفرنسي هو كَشْفه عن زيف حضارة ربعه وعن عبوديته للشيطان الصهيوني كغيره من المختبئين من حكام أوروبا. الجبن والانحطاط السلوكي والذلة والنفاق وبيع الذات والمبادئ كله من نصيب وخصائص غير المؤمنين. وبهذا أسمح لنفسي بالقول أن عبارة (الله أكبر)، هي عبارة لا يساويها نداء بشري نحو الحرية والكرامة الإنسانية والثبات على الحق. لأنها تعني لا عبودية في الكون لقوة أو جبروت إلا لله فهو الأكبر ومُطلق القدرة وليس كمثله شيء. العبارة تعبيرٌ عن عدم الرضوخ لمُنتَج القوة الغاشمة لمخلوق. ما أعظم هذا النداء وإنسانيته عندما يكون جرسا يُقرع على مدار الساعة في مكانه الصحيح.
لا أدري إن كانت الشعوب الأوروبية تتساءل فيما إذا كان هذا الفرنسي الواطي بفعلته الشخصية قادراً هو وأمثاله على مجرد كلمة نقد بسيطة تتصل باليهود أو اليهودية. رغم أن المتصهينين الأوروبيين والمأجورين من الصهيونية يسيئون للمسيح والمسيحية ويتحول عندها الحكام المسيحيون إلى إمعات، ويجف حبر كتابهم وأصحاب الفكر منهم ويخرس الرعاع. بينما الشعوب المسلمة وأقلامها هم من ينبرون لنصرة المسيحية ويدافعون عن المسيح حيثما أسيء إليه فهو كلمة الله والإساءة إليه لا تعني بأقل من الإساءة للإسلام. لكن الأجدى أن نتساءل هل كان بإمكان هذا الحاكم الفرنسي وأمثاله الإساءة لمعتقد أمة لو كان في حكامنا العرب رجل يمتلك حريته أو ليس من أمثاله عبداً للصهيونية ؟ بالطبع لاً.
فهل قدَرنا كشعب عربي أن نتعايش مع حكام لا يتعايشون مع مصلحة لنا أو لوطننا أو لعقيدتنا. أليست كل المحظورات بالقانون عندنا تمارس علينا من أصدقاء أنظمتنا ولا تُواجَه الّا بالتطنيش. وفرنسا دولة ليست ذات سطوة عليهم كأمريكا لتكون ذريعة للسكوت. فماذا يعني صمتهم وصمت الشعوب عليهم. لَم نسمع عن حاكم عربي أنه استدعى سفيره أو سفير تلك الدولة وحمًله رسالة رفض شعبه وهذه ابسط قواعد التعايش مع شعبه ؟ إنهم مفتقدون للشرعية الوطنية والعربية والأن للإسلامية. وشعوبنا تطالبهم بالاصلاح وأيديهم ملوثة بدم تراب فلسطين وشعب فلسطين والأقصى والمقدسات ؟. فهل وصل الإنحطاط لشعوبنا ؟
 لماذا أصبح الشعب العربي يفتقد للحس بالمسئولية المباشرة ويمنح نفسه شهادة المهزومية وينتظر الأخرين لترجمة مشاعره في الشارع، وعمله في الميدان. الشعوب الإسلامية تنتفض بكل شأن عقدي أو سياسي يخصنا ونحن نتفاوض مع حكامنا على صلاة الجمعة ونقفز عن صمتهم عندما نرى أردوغان على سبيل المثال الأبرز يتكلم مواجهاً الغرب في هجمته على الاسلام وبكل قوة وعنفوان، أليست صداقة حكامنا للغرب لا تعني سوى الخيانة. ؟. متى نخرج من واقعنا الإتكالي كي نبني لبنات الأساس منه. ولمتى ستبقى ساحتانا الشعبية وحدها الموبوءة بعفن الأيدولوجيات. ومتى نُصدِر كشعب صك براءة منهم ومن التعاطي معهم ونبحث عن نفسنا. اليسار العربي يتخذ من عقيدة الأمة هدفاً لرمايته ويلتزم الأدب أمام الأديان الأخرى، ولا تعني له القضية الفلسطينية إلا قضية دولية عامة. ولا العروبة ووطنها هوية له. يلهث للخدمة في كل نظام عربي فاسق عميل للصهيونية ويصفون اردوغان بالعميل ويعدون سلبياته ويرفضون إيجابياته ويصطفون مع إسرائيل والغرب ضد تركيا. وطوابير اليمين العربي تركع لكل حاكم ونظام عميل للصهيونية وتهجم على ايران ويصطفون مع اسرائيل ضدها بكل صفاقة وسطحية. وأحزاب الإخوان وبقية الأحزاب الإسلامية لا تنفك انعزالاً عن قضايانا الوطنية والقومية وإذلالا ووصولية وتجارة بالدين والأوطان ومقايضتها بمكاسب مع الأنظمة كما نشهدها.
 أعود للهجمة على الإسلام وأخاطب الغرب المسيحي حكاما وشعوباً. وأقول، معركتكم الدينية العقدية والثقافية وحتى الوجودية ليست مع الاسلام. فالمسيح في صلب عقيدتنا وما نطق به الحق في قرآننا عن عنه لم تصل لعِظمه الأناجيل. وإن كان سلوككم هو نتيجة عدم فهمكم للمسيحية وليس عبودية للصهيونية، أقول لكم بأن الأناجيل الأربعه تقوم على كفاح السيد المسيح العقدي والأخلاقي ضد اليهود وأدعوكم لقراءة واحد منها لتعرفوا حقيقتكم. وأخاطبكم باقتباسين أو ثلاثة فقط من الإنجيل وأعمال الرسل ليست هي الأشد، واقتباس أخر من المفكرين والمؤرخين اليهود لعل في ذلك عبرة أمام كل مخلص للمسيحية أجنبياً كان أو عربياً.
ففي إنجيل متى الإصحاح 23 جاء في فقراته من 26 – 34 ما نصه على لسان المسيح مخاطباً اليهود (ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. وهكذا انتم أيضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما. ويل لكم لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين وتقولون لو كنا في أيام أبائنا لما شاركناكم في دم الأنبياء فأنتم تشهدون على انفسكم بأنكم ابناء قتلة الأنبياء. فاملأوا مكيال ابائكم أيها الحيات اولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم) انتهى.
وفي انجيل يوحنا الإصحاح الثامن جاء بالفقرات من ٣٨_ ٤١ ما نصه على لسان يسوع المسيح مخاطبا اليهود (انا اتكلم بما رأيت عند أبي. وانتم تعلمون ما رأيتم عند ابيكم. اجابوا وقالوا له ابونا هو إبراهيم. قال لهم يسوع لو كنتم اولاد إبراهيم لكنتم تعلمون اعمال إبراهيم. ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وانا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. هذا لم يعمله إبراهيم. انتم تعلمون أعمال ابيكم………..44 أنتم من أب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدوا أن تعملوا) انتهى النص.
أما في أعمال الرسل فجاء الفقرة 51 من الاصحاح السابع ما نصه ( يا قساة القلوب وغير المختونين في القلوب والاذان انتم دائما تقاومون الروح القدس وكما كان اباؤكم كذلك انتم.
وعن الهيكل في أعمال الرسل فقد جاء بالفقرات من 47 – 51 من اصحاحها السابع ما نصه ( والتمس أن يجد مسكنا لإله يعقوب ولكن سليمان بنى له بيتا. لكن العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي كما يقول النبي. السماء كرسي لي والأرض موطئ لقدمي اي بيت تبنون لي يقول الرب وأي هو مكان راحتي. أليست يدي صنعت هذه الأشياء كلها) انتهى. ويذكر هنا أن ما يسمونه الهيكل ككلمة كنعانية hekal كان المكان البديل عن الخيمة التي كانوا يضعون فيها تابوت العهد وفيه مجسم ليهوة ونسخة التوراة ولم يكن للعبادة. لا أحد منهم اليوم يسأل أو يبحث عن تابوت العهد بصفته هو المقدس وليس علبته المزعومة
وأخير إذا افتُقِد الإيمان بالأناجيل وبرسائل الرسل، ليسمع القاصي والداني شهادة بنيامين فريمان المفكر اليهودي، في كتابه ” الحقائق هي الحقائق ” عن موقف وسلوك العقيدة اليهودية من المسيحية. وهذا هو النص من بين نصوص وممارسات يهودية رهيبة ضد المسيحية والانسانية جعلته يتحول للمسيحية .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/10/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد