التقارير

تقرير خاص - إعدام الأحداث: #عبدالله_الزاهر وردة يقتلعها سيف الإعدام

 

لا يرحم سيف الإعدام المسلط على رقاب المقيمين أحداً، لا خطوط حمر توقف مذابح الإعدام، لا معايير تحضر عند قطع الرقاب إلا معيار إرادة أهل القرار في السلطة، إن تعذرت الأسباب أوجدت التهم، والأدلة تكمن في إقرارات تنتزع تحت التعذيب... حتى يُصدر قرار القتل، بانتظار تنفيذه. يلخص المشهد قصة الشاب عبدالله الزاهر، الذي اقتيد طفلاً إلى معتقل مشرعة أبوابه باتجاه مسار واحد هو الإعدام.

 

يواجه الشاب عبد الله الزاهر حكم الإعدام وهو الذي اعتقل في عمر 15 عاماً بعد توجيه السلطة السعودية عدة تهم له  لا تتناسب مع سنه الصغيرة وقد ينفذ حكم الإعدام في أي لحظة.

 

الشاب المعتقل عبد الله الزاهر من أهالي بلدة العوامية، وهو من مواليد الخامس من شهر ذي القعدة 1416هـ، من يعرفه يتحدث عن شخصيته المرحة واندفاعه اللافت لخدمة المحيطين به.

كان يوم العاشر من شهر ربيع الثاني من العام 1433هـ يوماً اعتياديا هادئاً، لم تخرج المظاهرات المطالبة بالحقوق والإفراج عن المعتقلين يومها، إلا أن هدوء ذلك اليوم كسرته الملاحقات الأمنية التي كان الفتى الزاهر أحد ضحاياها.

 

يومها، خرج عبدالله الزاهر ليقضي حاجيات متعلقة بالمنزل، كانت قوات الأمن تتربص به شراً، لاحقه رجال الأمن وكان رصاصهم ينهال عليه ليصبح فريسة يسهل اصطيادها. وقع الزاهر أرضاً لينهال عليه عناصر الأمن بالضرب بأسلحتهم أمام أعين الناس، استمر الضرب بوحشية إلى أن وصل الفتى حد الإغماء والنزيف.

 

المحطة الأولى في المعتقل كانت مركز الشرطة بالعوامية، ليتم إكمال الضرب بالإضافة إلى استخدام أسلاك حديدية إلى الحد الذي أصيب فيه عبد الله الزاهر بنزيف في الأنف من شدة الضرب لينقل بعد كل الضرب إلى مركز شرطة القطيف إلى سجن الملاحظة بالدمام.

 

في مقابلة مع صحيفة "خبير" تستذكر والدة المعتقل الزاهر يوم اعتقاله الأول: كعلمنا باعتقاله من الناس، اتصلوا بنا وأخبرنا بأنّه تم اعتقال ابنكم. ولم يمكنّونا من رؤيته بعد الاعتقال ولا حتى معرفة مكان وجوده".

 

أول زيارة جمعت المعتقل عبدالله الزاهر بذويه كانت بعد أربعة أيام من اعتقاله، "كانت حالته النفسية سيئة، آثار الضرب كانت موجودة على وجهه الذي كان متورماً، بدا واضحاً  وجود انحراف في أنفه لا تزال آثاره حتى الآن"، تقول والدته.

 

وتضيف: "لم يكن عبد الله يتكلم بأي شيء حول ما يجري معه وخاصة في التلفون حتى الآن، وحتى في الزيارات كان يتحاشى الكلام أمامي خوفاً على مشاعري. ولكني كنت أشعر به وبأﻻمه وما يخفيه عني. كان كثير الكلام عن الصبر وعن أن الله موجود وكل شيءمقدر ومع هذا كنت أتلمس معناته كأي سجين محروم من الحرية."

 

أعادت السلطات التحقيق مع الزاهر بناءً على تهم كاذبة تم انتزاعها منه تحت التعذيب، وقد كان لعمره الصغير أثر مضاعف في معاناته خلال الفترة التي قضاها في سجن الأحداث جراء ماتعرض له من تعذيب جسدي ونفسي،  خسر وزنه بشكل ملحوظ، وبدت على جسده آثار التعذيب منها انحرافاً ملحوظاً في الأنف ومازال أثر باق منه.

 

في 12 سبتمبر 2013، تم نقل المعتقل الزاهر إلى سجن مباحث الدمام وهناك تضاعفت المعاناة وزاد انخفاض وزنه أكثر من ذي قبل، حيث أعيد التحقيق معه وتعرض للمعاملة السيئة. وصدرت بحقه سبع تهم وهي: المشاركة في مظاهرات في محافظة القطيف وترديد شعارات مناوئة للدولة، إضافة إلى حيازة مولوتوف وقذفه ضد رجال الأمن، والتستر على أشخاص قاموا بحرق سيارة شرطة وآخرين ممن قاموا بتصنيع مولوتوف وقذفه على رجال الأمن وأشخاص يقومون بالتشجيع على المشاركة في المظاهرات...

وذكر تقرير صادر عن المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان أن محاكمة الشاب عبدالله الزاهر بدأت في 29 يناير 2014، أي بعد 20 شهر من تاريخ اعتقاله وبدون محامي دفاع، في الوقت الذي ينص القانون  أن لا تتأخر المحاكمة لأكثر من 6 أشهر وقت الإيقاف. قال التقرير إنّه "وبعد عدة جلسات من محاكمة لم يتوافر فيها أدنى شروط المحاكمات العادلة، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض في 21 أكتوبر 2014، حكماً ابتدائياً بالقتل تعزيرا على عبدالله الزاهر".

 

وبعد أكثر من 11 شهراً على إصدار الحكم الأولي، صادق القضاء في سبتمبر 2015 على حكم الإعدام دون أن يتم إخبار المحامي أو  أسرة الزاهر الذين علموا بتصديق الحكم في وقت متأخر  مما شكل صدمة لهم.

 

"تعرضنا لصدمة، لم نكن نصدق الحكم، لم نقتنع أصلاً  أن توجه مثل هذه التهم لشاب في هذه سن صغير. بعد صدور الحكم والتصديق عليه لم يكن في وسعِنا فعل شيء"، تقول الوالدة.

 

كان عبدالله مؤمناً بقضاء الله محتسباً عنده، "وحتى مع الزيارات الشهرية والمكالمات الأسبوعية، كنا نستشعر قوته وصلابته وثقته بالله، كان لديه أمل كبير بالحرية والفرج".

 

بتاريخ 5 أكتوبر 2015 تم نقل عبدالله الزاهر من سجن مباحث الدمام إلى زنزانة انفرادية في سجن الحائر الجديد بالعاصمة الرياض، مما أثار مخاوف جدية حول سبب النقل، وما إذا كان متعلقاً بمسألة تنفيذ الإعدام في أي لحظة!

 

لازال الفتى عبدالله الزاهر ينتظر في معتقله تنفيذ قرار إعدام اتخذ ظلماً بحقه، أمثال الزاهر كُثر في سجون المملكة التي تسعى إلى تصدير رسائل الرعب والترهيب إلى مجتمع إن لم يتقبل أوضاعه المزرية فإن سيوف الإعدام لن ترحم حتى أطفاله!

أضيف بتاريخ :2016/04/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد