آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الفردان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي بحريني

مساءلة نواب عن تنفيذ الإعدام غير قانونية


هاني الفردان ..

يجيب وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف شفاهة، يوم غدٍ الثلثاء (17 مايو/ أيار 2016)، عن سؤال تقدّم به النائب جمال بوحسن، بشأن «تأخر» تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت بأحكام قضائية ولم تنفذ، من ضمن سؤاله عن إجمالي الأحكام الجنائية الأخرى التي لم تنفذ للآن.

هذا السؤال كان موضوعاً على جدول أعمال جلسة النواب بتاريخ 19 أبريل/ نيسان الماضي، إلا أنه جرى تأجيله للإجابة عنه في جلسة النواب الأسبوع المقبل، وكان التأجيل بسبب غياب الوزير وتأخر النائب عن الجلسة في ذلك الأسبوع.

السؤال، هل يحق لوزير العدل الإجابة على سؤال من اختصاصات السلطة القضائية في البحرين، وهو تنفيذ الأحكام؟ وهل يحق للنواب توجيه سؤال عن تنفيذ حكم منوط بموافقة عاهل البلاد؟ وهل ذلك السؤال قانوني، في ظل كونه تدخلاً في أعمال السلطة القضائية المستقلة تماماً؟

تنص المادة (51) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات على أن «كل محكوم عليه بالإعدام يقتل رمياً بالرصاص. ولا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد موافقة أمير البلاد (عاهل البلاد)». فهل يحق لنائبٍ في مجلس النواب السؤال عن أمر أصبح قراره بيد عاهل البلاد؟ وهل يعد ذلك السؤال من اختصاصات مجلس النواب؟ أم هو تدخلٌ في شئون السلطة القضائية التي يرأسها عاهل البلاد وأعمالها؟ وهل يستطيع وزيرٌ في السلطة التنفيذية الإجابة على سؤال بشأن أمر أصبح بيد رأس الدولة، والممثل الرسمي لها. كما أن المادة (41) من الدستور تنصّ بوضوح على أن «للملك أن يعفو بمرسوم عن العقوبة أو يخفضها...»، وهو حق كفله الدستور له أيضاً وليس لأحد ولاية فرض الرقابة على ذلك أو السؤال عنه.

المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه عاهل البلاد بشكل مباشر، يؤكّد على أن «مبدأ استقلال القضاء يعرف بأنه قاعدة تنظم علاقة السلطة القضائية بغيرها من سلطات الدولة قائمة على أساس عدم التدخل من قبل باقي سلطات الدولة في أمور القضاء، وذلك بإعطائه سلطة دستورية مستقلة عن باقي السلطات، وأن استقلال القضاء يعني تحرر سلطته من أي تدخل من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية عدم خضوع القضاة لغير القانون، وأن لا يخضع القضاة في ممارستهم لعملهم لسلطان أي جهة أخرى وأن يكون عملهم خالصاً لإقرار الحق والعدل».

نص الدستور في المادة (104) الفقرة (ب) على أنه: «لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء، ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم».

كذلك حدّد المرسوم بقانون رقم (42) لسنة 2002 في المادة (24) والمادة (34) تعيين القضاة وترقيتهم وحصانتهم وأسباب انتهاء ولايتهم ومساءلتهم، وذلك بعيداً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ومن هنا تتضح أهمية عمل القاضي وضرورة توفير الحماية والحصانة واستقلالية لأعضاء السلطة القضائية لكي يؤدوا أعمالهم بعيداً عن الضغوط والتأثيرات (حتى النيابية) التي قد تؤثر في قناعاتهم ووجهات نظرهم فيما يصدرونه من أحكام في قضايا منظورة أمامهم، بما فيها عملية تنفيذ الأحكام التي تكون جزءًا من اختصاصاتهم، فما بالك بالأمر الذي أصبح في يد عاهل البلاد.

من المتوقع أن سبب عدم إجابة الوزير على السؤال كتابةً، ومن ثم إحالة الجواب شفاهةً من قبل مجلس النواب، يعود لما هو مذكور في الأعلى من عدم اختصاص السلطة التنفيذية الإجابة على أسئلة أصبحت قراراتها بيد عاهل البلاد.

من المتوقع أن يجيب الوزير هذا إن حضر الجلسة غداً (الثلثاء)، على السؤال العام المتعلق بإجمالي الأحكام الجنائية الأخرى التي لم تنفذ للآن، فيما لن يجيب على سؤال متعلق بتنفيذ أحكام الإعدام، إذ بدا واضحاً عدم الإجابة كتابةً حتى لا يصبح الأمر موثقاً رسمياً لما قد يؤخذ على أنه مخالفة قانونية وتدخل في شئون السلطة القضائية.

الخلاصة هي أن القضاء هو الذي يتولى مراقبة أعمال السلطة التشريعية من خلال الرقابة على دستورية القوانين والتي تتولاها المحكمة الدستورية، وذلك لضمان تقيد السلطة التشريعية بالدستور. كما أن القضاء هو الذي يتولى مراقبة أعمال السلطة التنفيذية وذلك من خلال الرقابة على أعمال الإدارة التي يتولاها القضاء الإداري.

وأخيراً القضاء يتولى رقابة أعماله من خلال تدرج المحاكم والتأكد من التزام القضاة بالقانون، بعيداً عن أي رقابة نيابية.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/05/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد