التقارير

تقرير خاص: ’ #الأمم_المتحدة’: استقالة شرعة حقوق الإنسان مقابل الضغوط!

 

مرة جديدة أخفقت المملكة السعودية في النجاح في أحد امتحانات حقوق الإنسان وهذه المرة من بوابة الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون اللذان كانا ضحية ضغط مورس عليهما لشطب اسم "التحالف" الذي تقوده المملكة السعودية للحرب على اليمن عن لائحة "انتهاك حقوق الطفل"، فبعد أن أُدرج "التحالف" على اللائحة السوداء للأمم المتحدة جنّ جنون البعض ومورست الضغوط بما أظهر أن الأمم المتحدة هي "ألعوبة" تأتمر بأوامر دول وجهات معينة دون أي قيمة للإنسان ولحقوقه سواء أكان طفلا أم كهلا، رجلا أم امرأة.

فمؤسسة الأمم المتحدة من جديد تؤكد المؤكد بأنها مسيسة من رأس هرمها  إلى هيئاتها ولجانها العاملة، وهي سقطت من جديد بدعم سعودي في اختبار النزاهة والشفافية والحيادية المطلوبة والضرورية لعملها، وتراجع الأمم المتحدة بهذه السرعة عن موقفها من "تحالف الحرب على اليمن" يؤكد أنها خاضعة لتوجهات دول ولوبيات دبلوماسية وسياسية تتحكم بها لاستصدار القرارات وفق مصالح معينة لا وفق ما يتطلبه القانون الدولي وحقوق الإنسان أو السلم والأمن والاستقرار في هذا العالم.

 

بارقة أمل لم تبصر النور

والحقيقة أنه عند صدور قرار تصنيف "التحالف" على اللائحة السوداء، اعتبر البعض أنه خطوة على الطريق الصحيح لنصرة الشعوب المظلومة في هذا الكون، وأن القرار الأممي يشكل بارقة أمل للناس في كل العالم بأن المؤسسة الدولية قادرة على التحرر من القيود التي تكبلها ما يمهد الطريق لاستصدار قرارات واتخاذ مواقف تحتاجها البشرية منذ عشرات السنين في كثير من الدول لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، فهناك ملفات ملّحة ومعلقة في آن تحتاج إلى وقفة دولية سريعة إذا ما نظرنا من منظار الإنسانية، وفي طليعة هذه القضايا القضية الفلسطينية حيث يعاني الشعب الفلسطيني من القهر والظلم على يد الصهاينة منذ منتصف القرن الماضي، واليوم يعاني الشعب اليمني من العدوان الذي يشنه عليه "التحالف" بقيادة المملكة السعودية ما أدى إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب كان من أبرز ضحاياها الطفولة في اليمن، كما يوجد العديد من الملفات التي كان يؤمل من الأمم المتحدة الغوص فيها بعد ملف اليمن وفي طليعتها ملف الحريات وحقوق الإنسان في العديد من دول المنطقة لا سيما في دولة البحرين والمملكة السعودية نفسها... فأين الأمم المتحدة من كل ذلك؟

مسارعة الأمم المتحدة للاستجابة للضغوط لسحب قرارها بحق التحالف لا يبشر بخير بل هو يعتبر خطوة إلى الوراء في المجال الحقوقي، فالقرار ظهر وكأنه يعطي "صك براءة" لدول التحالف عن قتل الأطفال والإنسان في اليمن وعن كل الارتكابات التي حصلت وتحصل هناك بحق البشر والشجر والحجر، ويؤكد أن المؤسسات الدولية لا تنفع كما كانت دائما في حماية الشعوب وحقوقها، ولكن كيف تراجعت الأمم المتحدة بهذه السرعة عن قرارها؟ ولماذا تراجعت بهذه السهولة دون أي اعتبار لهيبتها أو كيانها على الصعيد الدولي؟

 

انحطاط واستسلام للضغط والمال

حول ذلك، قالت صحيفة "التلغراف" البريطانية إن "لوبيات وضغوطا دبلوماسية مورست على الأمم المتحدة لرفع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن من القائمة السوداء لقتل الأطفال"، وأكدت أن " المملكة السعودية مارست ضغوطا وعواصم غربية وأعضاء في مجلس الأمن، علاوة على التلويح بوقف تمويلات برامج المنظمة الدولية والتأثير على مسار محادثات السلام اليمنية في الكويت".

من جهته، اعتبر نائب مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" فيليب بولوبيون أن "قرار رفع التحالف السعودي من القائمة السوداء مقلق للغاية"، وتابع "مستوى جديد من الانحطاط في الأمم المتحدة فيما يخص الانتهاكات السعودية ضد الأطفال في اليمن وهو تبييض تحت الضغط فالسعودية بقوة على قائمة العار".

واتهم بولوبيون باسم "هيومن رايتس ووتش" الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ"الاستسلام للضغوط السعودية"، وأكد أن "اللائحة تفقد صدقيتها وتسيء إلى إرث الأمين العام في مجال حقوق الإنسان إذ أنها تفسح المجال أمام التلاعب السياسي".

 

هذه الضغوط التي مورست في كواليس الأمم المتحدة من قبل لوبيات وجهات ضغط مالية وسياسية، لاقت صدىً لها في العلن، فقبل تعديل القرار تحدث السفير السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعملي حيث قال "نطلب أن يتم تصحيح هذا التقرير على الفور حتى لا يتضمن الاتهامات الموجهة إلى التحالف والسعودية خاصة"، واعتبر أنه "من الممكن أن تكون حدثت أضرار جانبية من وقت لآخر لكن هذا ما يجري في الحروب"، وحذّر من أن "نشر تقرير كهذا في هذا الوقت يمكن أن تكون له نتائج عكسية لأهداف المفاوضات الجارية حاليا"، غامزا من قناة إفشال المفاوضات الجارية حاليا في الكويت بين ممثلي الشعب اليمني ووفد ما يمكن تسميته "وفد الرياض" نظرا لارتباطه الكامل بالسياسة السعودية.

وقبل كلام المعلمي انتقد المتحدث باسم "التحالف" العميد السعودي أحمد عسيري إدراج التحالف على اللائحة السوداء للأمم المتحدة للبلدان التي تنتهك حقوق الأطفال"، ونبه من أن "التقرير لا يخدم الشعب اليمني"، بما فسره البعض بأنه تهديد عسكري للشعب اليمني بأن الرد على القرار سيكون في مزيد من القصف والقتل والتدمير.

 

التلاعب السياسي بقرارات الأمم المتحدة

من جهة ثانية، تعتبر بعض المصادر المتابعة أن "قرار الأمم المتحدة بوضع التحالف على اللائحة السوداء له دوافعه السياسية وليس هدفه إنسانيا بالأساس وهو يأتي بهدف الضغط على الرياض وابتزازها على الطريقة الأمريكية"، وتابعت "القرار هو لحشر السعودية في الزاوية وتضييق الخناق عليها وكي تبادر الرياض وتسعى لسحبه وتعديله فيتم إعطاؤها ما تريد في هذا المجال مقابل قبض أثمان معينة في مكان آخر"، وتوضح أن "هذا الأمر يثبت التهمة الموجهة للأمم المتحدة بأنها تابعة بشكل كامل لجهات ودول تلعب كما تشاء في أروقة الدبلوماسية الأممية، كما يثبت تورط السعودية بالدم اليمني وبارتكاب جرائم يندى لها الجبين في اليمن".

لكن بغض النظر عن خلفيات السياسية للقرار، ما هي الدلالات القانونية لكل هذه العملية التي حصلت من إصدار القرار حتى سحبه؟ وما هو الوضع القانوني والمسؤولية القانونية للأمم المتحدة ولدول "التحالف" عن الجرائم التي ترتكب في اليمن؟ فهل كل ما جرى يؤكد تورط هذا التحالف في الجرائم على اليمن أم أن الأمر يشكل تبرئة لكل ما اُتهم به التحالف والدول المنضوية تحته؟

بالتأكيد أن كل ما جرى كما عرّى الأمم المتحدة فهو أيضا كشف وعرّى "التحالف" والدول المشاركة فيه وبالأخص المملكة السعودية التي تقوده، وأكد أن هذه الدول متورطة في قتل كل أبناء الشعب اليمني وليس فقط أطفاله، وهذه الدول مسؤولة عن القضاء على معالم الدولة في اليمن من البنى التحتية إلى المؤسسات الاجتماعية والتعليمية والصحية وصولا لتدمير الحضارة والتاريخ في اليمن، والأكيد أن مجرد سحب اسم "التحالف" من اللائحة السوداء في الأمم المتحدة لا يشكل إعفاء له من المسؤولية القانونية والأخلاقية ولا رفعا للتورط الأسود في قتل الإنسانية في اليمن، بل بالعكس فإن "خطيئة" الأمم المتحدة هذه توصم "التحالف" أكثر من أي وقت بعار العدوان على اليمن..

أضيف بتاريخ :2016/06/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد